أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، الثلاثاء 28 سبتمبر/أيلول 2021، أنّ الحكومة باشرت إجراءات ترمي لإغلاق ستّة مساجد، وحلّ عدد من الجمعيات، وذلك بسبب ما قال إنها "تروج للإسلام المتطرّف"، بحسب تعبيره.
جاءت تصريحات دارمانان في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، وقال إنّ ثلث أماكن العبادة الـ89 "المشتبه بأنّها متطرّفة والمسجّلة في قوائم أجهزة الاستخبارات" تمّت مراقبتها منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
دارمانان أضاف أنّ الحكومة "أطلقت إجراءات لإغلاق ستّة منها"، مشيراً إلى أنّ أماكن العبادة هذه تتوزّع على خمس مقاطعات فرنسية.
كذلك شدّد الوزير الفرنسي على أنّ الأجهزة الأمنية وفي إطار مكافحتها لما وصفها بـ"الانفصالية الإسلامية"، نفّذت منذ 2017 حوالي "24 ألف عملية تفتيش (…) و650 عملية إغلاق لأماكن يقصدها متشدّدون".
بيّن دارمانان أنه سيطلب حلّ كلّ من دار النشر الإسلامية "نوى"، و"رابطة الدفاع السوداء الإفريقية"، وأوضح أن "نوى"، ومقرّها في آرييج (جنوب فرنسا)، "تحرّض على إبادة اليهود وتفتي برجم المثليين جنسياً".
أمّا "رابطة الدفاع السوداء الإفريقية" التي أعلنت عن نفسها خلال تظاهرة ضدّ عنف الشرطة نظّمتها في حزيران/يونيو 2020 أمام سفارة الولايات المتّحدة في باريس، فقال وزير الداخلية إنّه سيطلب حلّها، لأنّها "تدعو إلى الكراهية والتمييز العنصري".
أضاف أنه "في العام المقبل، ستكون هناك 10 جمعيات أخرى عرضة لإجراءات الحلّ، بينها أربع جمعيات ابتداءً من الشهر المقبل"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
أيضاً بيّن الوزير أنّه طلب من المحافظين منع "أي تغيير لتصريح إقامة لإمام مُعار" من دولة أجنبية، ولفت في المقابلة إلى أنّ "عقد الالتزام الجمهوري" المنصوص عليه في قانون مكافحة "الانفصالية" والذي يرهن حصول الجمعيات على إعانات حكومية بمدى احترامها للقيم الجمهورية سيدخل "حيّز التنفيذ في كانون الثاني/يناير 2022".
كان مجلس الدولة الفرنسي قد صادق في 24 سبتمبر/أيلول 2021 على قرار الحكومة حلّ كلّ من "التجمّع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا" و"مدينة البركة"، وقررت الحكومة حل الجمعيّتين في نهاية 2020 إثر مقتل المدرّس سامويل باتي بقطع الرأس على يد شاب إسلامي، بعدما عرض المدرس على تلاميذه رسوماً مسيئة للنبي محمد.
قانون "النزعة الانفصالية"
كانت فرنسا قد كشفت، في 9 ديسمبر/كانون الأول 2021، النقاب عن مجموعة من الإجراءات الجديدة ضمن مشروع رئيسها إيمانويل ماكرون لدعم قيم العلمانية ومحاربة ما يسميه "التطرف الإسلامي"، بما يشمل ذلك من فرض قيود على المساجد والجمعيات الخيرية، وذلك تحت "قانون تعزيز المبادئ الجمهورية"، أو "محاربة النزعة الانفصالية".
يشمل القانون الجديد تحديداً لدور الزعماء الدينيين ودور العبادة، وفرض إجراءات مراقبة أكثر صرامة بحق النوادي الرياضية والتعليم والجمعيات الخيرية.
يهدف القانون كذلك إلى تشديد القيود على خطاب الكراهية بالإنترنت، كما يحظر استخدام الإنترنت لنشر معلومات وبيانات أشخاص آخرين لأغراض خبيثة.
في الحياة الاجتماعية، يعزز القانون الحظر المفروض على تعدد الزوجات من خلال رفض منح الإقامة للمرتبطين بأكثر من زوجة، كما يفرض غرامات على الأطباء أو منعهم من مزاولة المهنة إذا أجروا اختبارات كشف عذرية على الفتيات.
القانون شمل أيضاً حظر المدارس "السرية" التي تروج لأيديولوجية متطرفة، كما شدد على قواعد التعليم المنزلي، كذلك تم تمديد حظر ارتداء المسؤولين الرسميين في الدولة أي زيّ يدل على الهوية الدينية، ليشمل العاملين في قطاع النقل وأحواض السباحة والأسواق.
القانون الجديد ضد "الانفصالية الإسلامية"، الذي أعلن عنه ماكرون في بداية أكتوبر/تشرين الأول 2020، واجه انتقادات من قبل بعض قادة الدول الإسلامية، وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والولايات المتحدة أيضاً.
كذلك أعرب المبعوث الأمريكي للحرية الدينية سام براونباك عن قلقه بشأن طابعه "القمعي جداً".
بعد احتجاجات، خففت الحكومة صياغة قانون "مناهضة الانفصال"، وتمت إعادة تسميته "قانون تعزيز المبادئ الجمهورية"، حيث لا توجد إشارة إلى الإسلام في النص بشكل مباشر.
يُشار إلى أنه يوجد في فرنسا حوالي خمسة ملايين مسلم، وهي أكبر أقلية مسلمة في أوروبا.