بعد أسابيع من الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، أقر مسؤولو الدفاع الأمريكيون، الثلاثاء 28 سبتمبر/أيلول 2021، بأخطاء في التقدير أفضت إلى "فشل استراتيجي" في البلاد مع انتصار حركة طالبان من دون عناء بعد حرب استمرت 20 عاماً في أفغانستان.
وكالة الأنباء الفرنسية قالت إن قائد أركان الجيوش الأمريكية الجنرال مارك ميلي ومسؤول القيادة الأمريكية الوسطى (سنتكوم) الجنرال كينيث ماكنزي أقرّا علناً للمرة الأولى أنهما نصحا الرئيس جو بايدن بالإبقاء على 2500 جندي في أفغانستان لتجنب انهيار نظام كابول.
إلا أن بادين اختار عدم الأخذ بهذه النصيحة، مؤكداً في آب/أغسطس أنه لم يتلقّها، وقال بايدن في 19 آب/أغسطس الماضي خلال مقابلة مع محطة "إيه بي سي" التلفزيونية: "لم يقل أحد لي ذلك على حد علمي".
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن "واقعة انهيار الجيش الأفغاني الذي دربناه مع شركائنا، غالباً من دون إطلاق أي رصاصة، فاجأتنا"، مضيفاً: "سيكون مجافياً للحقيقة الادعاء بعكس ذلك، موضحاً: "لم ندرك مدى فساد كبار ضباطهم وانعدام كفاءتهم، لم نقدر الأضرار التي نجمت عن التغييرات الكثيرة وغير المفسّرة التي قررها الرئيس أشرف غني على صعيد القيادة، لم نتوقع أن يكون للاتفاقات التي توصلت إليها طالبان مع أربعة قادة محليين بعد اتفاق الدوحة تأثير كرة الثلج، ولا أن يكون اتفاق الدوحة قد أحبط الجيش الأفغاني".
الانسحاب الأمريكي من أفغانستان
ووقعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 شباط/فبراير 2020 في الدوحة اتفاقاً تاريخياً مع طالبان نص على انسحاب كل القوات الأجنبية قبل الأول من أيار/مايو 2021 في مقابل الحصول على ضمانات أمنية وإطلاق مفاوضات مباشرة بين المتمردين والسلطات الأفغانية.
وبعدما تولى جو بايدن سدة الرئاسة الأمريكية ودقق في تفاصيل الاتفاق مدى أشهر، قرر تنفيذه إنما أرجأ الموعد النهائي للانسحاب إلى 31 آب/أغسطس.
"تضرر المصداقية"
ورأى الجنرال مارك ميلي أن ما حصل شكل "فشلاً استراتيجياً، فالعدو في الحكم في كابول ولا مجال لوصف الوضع بطريقة أخرى".
وحذر كذلك من أن خطر إعادة تشكيل صفوف تنظيم القاعدة وتنظيم الدول "داعش" في أفغانستان "إمكانية واقعية جداً".
وفي حين يؤكد البنتاغون أنه قادر عن بُعد على مواصلة الضربات عبر طائرات مسيّرة ضد القاعدة وتنظيم داعش، سئل الجنرال ماكنزي عن فرص تجنب وقوع هجوم يستهدف المصالح الأمريكية تشنه جماعات جهادية انطلاقاً من أفغانستان، فرد "يجب الانتظار لنرى".
وأشار الجنرال مارك ميلي إلى أن قرار سحب المستشارين العسكريين من الوحدات الأفغانية قبل ثلاث سنوات ساهم في المبالغة في تقدير إمكانات الجيش الأفغاني، وقال ميلي إن بلاده "لم تجر تقييماً شاملاً لمعنويات القيادة وعزيمتها"، وتابع: "يمكن إجراء تعداد للطائرات والشاحنات والعربات والسيارات.. لكن لا يمكن قياس القلب البشري بواسطة آلة".