بدأت حالة الصراع والتنافس في التزايد بين وحدات هيئة الحشد الشعبي العراقي، المنقسم الآن إلى قسمين، الأول وهو حشد العتبات أو الأضرحة، وهو أربع مجموعات، يمكن اعتبارها تابعة لآية الله العظمى، علي السيستاني المرجعية الدينية الشيعية الأكبر في العراق، والقسم الثاني، هو مجموعة الفصائل المسلحة الشيعية والموالية لإيران، والتي تضم العديد من الفصائل، فلماذا ومتى بدأ هذا الانقسام؟
فى البداية، فإن هيئة الحشد الشعبي، تأسست في عام 2014، عندما اجتاح تنظيم الدولة الإسلامية البلاد، وسيطر سيطرة كاملة على مدينة الموصل العراقية، وهي واحدة من أكبر مدن العراق، وبسبب انهيار القوات الأمنية الحكومية العراقية، وعدم قدرة الجيش الوطني العراقي على صد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية، لجأ آية الله العظمى، علي السيستاني إلى إصدار فتواه التى يطلق عليها اسم "الجهاد الكفائي"، لتعبئة العراقيين من جميع الطوائف لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
بعد هذه الفتوى، ذهب مئات الآلاف من العراقيين لتسجيل أسمائهم فيما عُرف باسم هيئة الحشد الشعبي، التي أعطاها رئيس الوزراء العراقي حينها، نوري المالكي الشرعية القانونية أيضاً، بإصداره قانوناً خاصاً بتجنيد العراقيين داخل هيئة الحشد الشعبي.
وعلى الرغم من أن أساس فتوى السيستاني كانت تدعو العراقيين إلى التطوع ضمن القوات الحكومية، إلا أن بعض الفصائل المسلحة الشيعية التي كانت متواجدة من قبل في العراق، سارعت بفتح أبوابها أمام المتطوعين، مانحة إياهم الكثير من الامتيازات والرواتب، وأمام انهيار الجيش الوطني، فضّل المتطوعون من الشعب العراقي، الانضمام إلى هذه الفصائل.
بداية الانقسام..
انقسمت وحدات الحشد الشعبي، منذ اليوم الأول لتأسيسها حسب الولاء والأيديولوجيات، فكان أساس هيئة الحشد الشعبي، الذي من المفترض أنه يعمل ضمن الدولة العراقية ويتقاضى مقاتلوه رواتبهم من الحكومة العراقية، إلى ثلاثة أقسام، الأول: الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وتدين بالولاء إلى المرشد الاعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، كما أنها تنضم إلى محور المقاومة، الذي تقوده إيران، وقاتلت خارج الحدود العراقية، بالتحديد في سوريا لدعم بشار الأسد.
القسم الثاني: وهم ما أطلق عليهم حشد العتبات أو الأضرحة، منذ تأسيسه في اليوم الأول، أعلن ولاءه التام لآية الله العظمى علي السيستاني، وحمايته الأضرحة والمزارات الشيعية المقدسة في العراق، وعدم القتال خارج الحدود العراقية، أو الانصياع لأوامر إيرانية.
القسم الثالث: هم الجماعات شبه العسكرية التي تنتمي إلى السياسي ورجل الدين الشيعي البارز، مقتدى الصدر، أسسها الصدر وأطلق عليها اسم سرايا السلام، وهي مجموعة مسلحة، يعتبرها البعض امتداداً لجيش المهدي، التابع لمقتدى الصدر والذي قاتل القوات الأمريكية، بعد غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، كما أنه تورط في الحرب الأهلية الطائفية في العراق في الأعوام ما بين 2006 و2008.
كل هذه المجموعات شبه العسكرية السابق ذكرها، تنضم تحت لواء ما يسمى بهيئة الحشد الشعبي، وهي هيئة من المفترض أنها تابعة للقوات العسكرية الحكومية، وتتلقى رواتبها من الحكومة.
تأمين كربلاء يشعل الصراع
قبل أيام قليلة، عقد "حشد العتبات/الأضرحة"، مؤتمراً ليعلن فيه عن خططه لتأمين الحجاج الشيعة، في ذكرى الأربعين (مرور 40 يوماً على ذكرى مقتل الحسين الإمام الثالث لدى الشيعة المسلمين، قبل 1300 عام)، في محاولة للترويج والدعاية لحشد الأضرحة، والتأكيد على دورهم المستقبلي لحماية العراقيين وتأمين المدن والمزارات الشيعية المقدسة.
كان المثير للانتباه في هذا المؤتمر الضخم، والأول من نوعه، حضور عدد كبير من القيادات الأمنية الحكومية العراقية، والقيادات المدنية في محافظة كربلاء التي تضم ضريح الإمام الحسين، وغياب تام لكل الوجوه المحسوبة على الفصائل المسلحة الموالية لإيران، بالرغم من تواجدها الأمني الكبير ونفوذها داخل محافظة كربلاء.
قائد شبه عسكري في فصيل لواء المرجعية، التابع لحشد العتبات، تحدث لـ"عربي بوست"، معلقاً على هذا المؤتمر، يقول: "المؤتمر خاص بالأربع مجموعات التابعة لحشد العتبات فقط، للإعلان عن الخطة التي سيتم تنفيذها بأوامر وإشراف كامل من العتبات المقدسة في كل من النجف وكربلاء، بدعم من محافظ كربلاء".
وفي حديثه، أكد القائد التابع للواء المرجعية أكثر من مرة، على الدعم الكامل من القيادات الدينية في محافظتي كربلاء والنجف، بالإضافة إلى دعم المسؤولين الحكوميين في هذه المحافظات، على خطة "حشد الأضرحة"، لتأمين الحجاج الشيعة أثناء تأديتهم مراسم الحج وإحياء ذكرى أربعين الحسين.
هذا المؤتمر أثار غضب الفصائل المسلحة الشيعية الأخرى، والتي يعرف عنها أنها تدين بالولاء لإيران، وفي خلاف دائم مع حشد الأضرحة، فصرح فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، والمقرب من إيران، في اجتماعه داخل مقر الهيئة بأنه لا يعترف بمثل هذه الأسماء "في اشارة ضمنية إلى حشد الأضرحة".
وفي هذا الصدد، يقول قائد شبه عسكري في فصيل كتائب حزب الله، أشهر وأقوى الفصائل المسلحة الشيعية المقربة من إيران، لـ"عربي بوست"، "يقولون (أي حشد الأضرحة)، إنهم منفصلون عن هيئة الحشد الشعبي، إذاً لماذا يستمرون في تلقي أموالهم من هيئة الحشد، ولماذا لم ينفصلوا إدارياً عن الحشد الشعبي، هذه محاولة خبيثة لهدم قوات الحشد الشعبي التي دافع مقاتلوها بأرواحهم عن الشعب العراقي والمقدسات الشيعية".
لكن القائد في لواء المرجعية التابع لحشد الأضرحة، استنكر في حديثه لـ"عربي بوست"، التصريحات السابقة لأحد قادة الفصائل الموالية لإيران، قائلاً: "إننا نتلقى رواتبنا من الحكومة لأننا خاضعون للقوات المسلحة العراقية بموجب القانون، نحن انفصلنا عن الهيئة وهي الجهة الإدارية التى تدين بالولاء لإيران، فولاؤنا الأول والأخير للعراق فقط".
تجدر الإشارة، إلى أنه في عام 2016، أصدر رئيس الوزراء العراقي آنذاك، حيدر العبادي، مرسوماً قانونياً، يعترف بهيئة الحشد الشعبي، كجهة شبه عسكرية تابعة للقوات المسلحة العراقية، ويتم دمجها داخل القوات الحكومية، الأمر الأخير هو ما رفضت الفصائل المسلحة المقربة من إيران، داخل هيئة الحشد العشبي تنفيذه حتى يومنا هذا.
صراع على النفوذ في المدن الشيعية الكبرى
بعد أن عقد "حشد العتبات/الأضرحة"، مؤتمره الخاصة بتأمين الحجاج الشيعة في مدينة كربلاء، حاولت الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران، التأكيد على تواجدها الأمني الكبير في المدينة، فبحسب المصادر الأمنية العراقية التي تحدثت لـ"عربي بوست"، قام عناصر الفصائل الموالية لإيران بتأمين مختلف الطرق المؤدية إلى مدينة كربلاء، حيث يزور الحجاج الشيعة ضريح الإمام الحسين.
يقول قائد شبه عسكري في فصيل عصائب أهل الحق، المقرب من إيران، لـ"عربي بوست": "منذ سنوات ونحن نعمل على تأمين المدن الشيعية والأضرحة، ومنذ سنوات ونحن نقوم بتأمين الطرق للحجاج، ليصلوا بأمان إلى كربلاء والنجف، لكننا لا نعقد المؤتمرات، ولا نصدر البيانات، حماية الحجاج الشيعة واجب ديني ووطني لدينا".
لكن مسؤولاً أمنياً كبيراً في محافظة كربلاء، قال لـ"عربي بوست": "قررت الفصائل الموالية لإيران الذهاب بعيداً عن حشد العتبات، لعدم الاحتكاك، فقرروا تأمين الطرق، وترك التأمين الداخلي للمدينة لحشد العتبات، لكن في اعتقادي أنه أمر لن يتكرر مرة أخرى، ستقع المواجهة في سبيل الصراع على النفوذ في المدن الشيعية الكبرى".
وبحسب المصدر الأمني العراقي في محافظة كربلاء، هناك صراع كبير يزداد يوماً بعد يوم بين الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران، وحشد العتبات على المدن الشيعية الكبرى مثل النجف وكربلاء، لإثبات النفوذ، فيقول لـ"عربي بوست": "الفصائل الموالية لإيران، تحكم قبضتها الأمنية على محافظة كربلاء، وتأمين الحج جزء من الدعاية لها والتقرب من المواطنين العراقيين، ودخول حشد العتبات في هذه المنافسة مع الفصائل التابعة لإيران، سيخلف الكثير من الضرر على المدينة التي تعتبر الأكثر أماناً في العراق".
يقول عماد الزيدي، أحد القادة في فرقة الإمام علي القتالية، واحدة من المجموعات الأربع التابعة لحشد العتبات، لـ"عربي بوست": "منذ اليوم الأول لتأسيس مجموعات حشد العتبات، ومهمتنا الأساسية حماية العتبات والأضرحة المقدسة من الهجمات الإرهابية، وتأمين الحجاج جزء من هذه المهمة، نحن لا ننافس أحداً على النفوذ أو السلطة، فنحن نعمل ضمن الإطار القانوني والحكومي، ولا نريد تسييس مراسم الحج مثل الآخرين". في إشارة ضمنية إلى بعض المظاهر التي تحدث من بعض الحجاج العراقيين الموالين للفصائل المسلحة المقربة من إيران، من رفع صور لآية الله روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو مرشدها الأعلى الحالي، علي خامنئي.
اتهامات بالقتل والخيانة
لم يكن المؤتمر الذي أقامه حشد العتبات/الأضرحة، لتأمين الحجاج الشيعة في كربلاء، هو السبب الوحيد لتزايد الصراع بينه وبين الفصائل المسلحة الشيعية الموالية لإيران، ففي شهر أغسطس/آب الماضي، وفي أحد مجالس التعزية (إحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين)، بمحافظة الديوانية الجنوبية الشيعية، اتهم حميد الياسري، رجل الدين الشيعي البارز، وأحد قادة لواء انصار المرجعية التابعة لحشد العتبات/الأضرحة، الفصائل المسلحة المقربة من إيران داخل هيئة الحشد الشعبي، دون تسميتهم، بقتل المتظاهرين العراقيين في احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019، والخيانة لوطنهم العراق.
فقال حميد الياسري في خطبته التي غلبت عليها النبرة الغاضبة: "إن من يوالي غير الوطن، فإنها خيانة عظمى، إنه دجل وخداع كبير، فهذه ليست عقيدة الحسين، نحن نرفض الانتماءات والولاءات لغير العراق، ونعلن بأعلى أصواتنا بلا خوف أو تردد، أن من يوالي غير الوطن فهو خائن".
حميد الياسري، واحد من المقربين من آية الله العظمى علي السيستاني، القيادة الدينية الشيعية الكبرى في العراق، لذلك فان تصريحاته الأخيرة الموجهة للفصائل المسلحة الموالية لإيران، تعكس إلى حد كبير وجهة نظر وآراء السيستاني، الذي يعتبر أنه منح الشرعية الدينية لهيئة الحشد الشعبي في البداية وأثناء القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
يقول رجل دين عراقي شيعي بارز، في النجف، وواحد من المقربين من السيد حميد الياسري لـ"عربي بوست": "تصريحات السيد الياسري، جاءت بعد أن فاض الكيل من تصرفات وأفعال الفصائل الموالية لإيران، وتأكيداً على اختلاف الأيديولوجية السياسية والدينية للسيد السيستاني ومن يتبعه، عن الأيديولوجية الخاصة بالعراقيين الموالين للجمهورية الإسلامية".
ويضيف المصدر ذاته قائلاً: "السيد الياسري، أحد الشخصيات الموثوق بها لدى السيد السيستاني، وتصريحاته لم تتجاوز الخطوط الحمراء للسيد السيستاني في انتقاده الدائم لغير المنتمين للعراق".
اتهم حميد الياسري الفصائل المسلحة الموالية لإيران، دون تسميتها، بالخيانة وعدم اتباع نهج الإمام الحسين، في محاولات لسحب الشرعية الدينية من هذه الفصائل، فقال في مجلس التعزية في أغسطس/آب الماضي: "أن تتلقى التوجيهات والإرشادات من خارج الحدود ليس من أيديولوجية الإمام الحسين، نحن نرفض هذه الانتماءات، ديننا ليس مثل دينهم، والحسين الذي نسير إلى قبره، يختلف عن الحسين الذي يؤمنون به".
يقول رجل الدين الشيعي والمقرب من السيد حميد الياسري، لـ"عربي بوست": "أعترف بأن نبرة السيد الياسري كانت حادة وغير مسبوقة، ومن شأنها أن تؤجج الصراع، لكن كان لا بد منها، لا يمكن أبداً أن يوافق السيد السيستاني على استخدام فتواه وشرعيته الدينية التي منحها للحشد الشعبي، اتباع ولاية الفقيه، والإيمان أيديولوجية الجمهورية الإسلامية، وهم مواطنون عراقيون، من المفترض أن ولاءهم الأول والأخير لبلاده وليس لمرشد إيران".
في نفس الوقت، يرى المصدر ذاته، أن السيد السيستاني ومعاونيه، في الآونة الأخيرة، يحاولون بشتى الطرق، التأكيد على احترام السيادة العراقية، وإعادة الأديولوجية الدينية الشيعية والسياسية إلى مكانها الصحيح، بحسب تعبيره، فيقول: "يؤمن السيد السيستاني بالدولة المدنية، وأن السياسية مسؤول عنها السياسيون فقط، ومن غير المقبول، الزج بالعقيدة الشيعية في الصراعات السياسية، واستخدامها لخدمة البلاد الأخرى".
هذه الآراء التي أشار لها رجل الدين الشيعي العراقي، تتعارض تماماً مع الأيديولوجية الشيعية الثورية للجمهورية الإسلامية في إيران، حيث يؤمن الموالون لإيران داخل العراق وخارجها، بأن أحكام المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي فوق أي أحكام وقوانين مدنية للبلدان التي يعيشون بها، وهذا واحد من ضمن الأسباب الرئيسية للصراع الحالي بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة الموالية لإيران.
في المقابل، رأت الفصائل المسلحة الموالية لإيران، تصريحات حميد الياسري أنها محاولة لزرع الفتنة بين العراقيين، يقول قائد بارز في فصيل عصائب أهل الحق المقرب من إيران، لـ"عربي بوست": "لن أقول إن كلام الياسري تافه مثلما يراه آخرون داخل المقاومة الإسلامية، بل أرى أنه كلام خطير، يجب أن يحاسب عليه قانونياً، لأنه بذلك يزرع الفتنة ويؤسس لصراع بين أبناء الشعب العراقي، الحشد الشعبي دافع عن هذا البلد، وقدم الكثير والكثير، اتهامه لنا بالولاء لإيران، ينم عن قلة فهمه لمبادئ المقاومة الإسلامية ومحور المقاومة الذي ينتمي إليه".
جدير بالذكر أن محور المقاومة، هو مجموعة من الجماعات المسلحة تقودها إيران في المنطقة، وتعتبر الفصائل المسلحة الشيعية في العراق، جزءاً كبيراً من هذا المحور، الذي يقاتل خارج حدود البلدان المتواجدين بها.
تاريخ الصراع
في السنوات الاولى لعمل هيئة الحشد الشعبي، لم نشهد صراعاً بين القوات داخل الهيئة باختلاف انتماءاتهم وأيدولوجياتهم، نظراً لانشغال الجميع بقتال تنظيم الدولة الإسلامية، ظهرت بوادر هذا الصراع مع اشتعال الاحتجاجات المناهضة للحكومة العراقية في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وتورط الفصائل المسلحة الموالية لإيران داخل هيئة الحشد الشعبي، في قتل واستهداف المتظاهرين والنشطاء السياسيين من قادة حركة الاحتجاج.
ازداد هذا الصراع بعد مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ورفيقه أبو مهدي المهندس، الذي كان بمثابة الأب الروحي للحشد الشعبي العراقي، في يناير/كانون الثاني عام 2020، بطائرة بدون طيار أمريكية، بالقرب من مطار بغداد الدولي، كانت هذه الواقعة بمثابة لحظة فارقة، وفرصة كبيرة لبدء اعتراض الفصائل المسلحة الشيعية المقربة من السيستاني على عمل الفصائل الأخرى المدعومة من إيران.
ففي نهاية عام 2020، عقدت الفصائل المسلحة الموالية للسيستاني، والمعروفة باسم حشد العتبات/الأضرحة، مؤتمراً اتهمت فيه الفصائل المسلحة المقربة من إيران باستهداف المتظاهرين، واستغلال الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية لمصالح شخصية، وكانت المجموعات المسلحة الأربع التي يتكون منها حشد العتبات/الأضرحة، وهما لواء أنصار المرجعية، فرقة العباس القتالية، لواء علي الأكبر، وفرقة الإمام علي القتالية، قد أعلنت انفصالها عن هيئة الحشد الشعبي مسبقاً.
يقول قائد بارز في فرقة الإمام علي القتالية لـ"عربي بوست": "انفصالنا عن هيئة الحشد الشعبي كان أمراً لا بد منه، فبعض الفصائل داخل الحشد استغلت فتوى السيستاني لتحقيق مصالحها الخاصة، ومصالح بلد آخر في العراق، وتورطوا في قتل الشعب العراقي، بدلاً من مقاتلة الإرهابيين".
وأضاف القائد في فرقة الإمام علي القتالية قائلاً: "كنا نفكر في أمر انفصالنا منذ فترة طويلة، حتى قبل مقتل سليماني والمهندس، لكننا حاولنا مع هيئة الحشد، لإيجاد حل لمطالبنا الخاصة، وهذا لم يحدث فكان قرار الانفصال أمراً حتمياً".
تجدر الإشارة إلى المطالب الخاصة بحشد العتبات/الأضرحة، كانت تتمثل في خضوع هيئة الحشد الشعبي للدولة العراقية، ودمج مقاتلي الحشد داخل القوات النظامية، المشاركة في إدارة هيئة الحشد الشعبي، والتي تسيطر عليها الفصائل الموالية لإيران، تعيين رئيس للهيئة من غير الفصائل المقربة من إيران، أو بالتحديد رفض تعيين أبو الفدك المحمداوي المقرب من إيران كرئيس فعلي لهيئة الحشد الشعبي.
لكن هذه المطالب لم يتم تنفيذ أي منها، يقول القائد في فرقة الإمام علي القتالية: "بعد مؤتمر ديسمبر/كانون الأول، وعدم تنفيذ مطالبنا، أدركنا أن استمرارية نسبنا إلى هيئة الحشد الشعبي بهيكلها الحالي، تعني تورطنا في فساد الفصائل الموالية لإيران، وهذا لن نقبله أبداً، لذلك أعلنا انفصالنا المدعوم من السيد السيستاني، وطلبنا من الحكومة العراقية، اندماجنا تحت مظلة القوات العسكرية الحكومية".
يقول مصدر سياسي مقرب من حشد العتبات/الأضرحة، لـ"عربي بوست": "الفصائل الموالية للسيستاني، والسيد السيستاني نفسه يحاولون النأي بأنفسهم عن أفعال الفصائل الموالية لإيران، كما أنهم يحاولون سحب الشرعية الدينية من هذه الفصائل، وهذا الأمر لن يقبله الموالون لإيران بالطبع".
يتوقع المصدر السابق، خاصة بعد زيادة اتساع الفجوة بين الفصائل المسلحة الموالية للسيستاني، والأخرى الموالية لإيران، في الآونة الأخيرة أن تزداد حدة الصراع بينهم، فيقول لـ"عربي بوست": "في العام الماضي اكتفى حشد العتبات بإعلان انفصاله عن الحشد الشعبي، والآن يحاول كسب نفوذ أكبر في المدن الشيعية الكبرى، وهذا ما ينذر بتطور سريع للصراع بينه وبين الفصائل الموالية لإيران".
لا يستبعد المصدر السياسي، وهو عضو سابق في حزب الدعوة الإسلامية، والمقرب من الفصائل المسلحة الموالية للسيستاني، نشوب صراع مسلح بين الخصمين، فيقول: "هذا الأمر مستبعد في المستقبل القريب، لأن السيد السيستاني لن يوافق على أن يقاتل العراقيين بعضهم البعض، لكن في حالة وفاة السيستاني، أتوقع مثل هذا الأمر".