نصّ مخطط عمل الحكومة الجزائرية الجديدة الذي حصل "عربي بوست" على نسخة منه على بند يسمح لها بالعمل على استرجاع الأموال المنهوبة بطرق ودية مع ما يسمى "العصابة" أو رجالات نظام بوتفليقة.
وسيعرض الوزير الأول الجزائري أيمن بن عبدالرحمن مخططه على البرلمان بغرفتيه ابتداء من 13 سبتمبر/أيلول الجاري.
وفي حال مرّر البرلمان هذا البند ستباشر الحكومة التفاوض مع رجالات بوتفليقة المتواجدين داخل السجون وقد تفتح اتصالات مباشرة مع الفارين منهم خارج الوطن أيضاً.
وقدّر الرئيس عبدالمجيد تبون حجم الأموال المنهوبة المهربة إلى الخارج بمليارات الدولارات واعداً باسترجاعها كأحد أهم التزاماته الرئاسية.
ويرى المحامي عبدالرحمن صالح أن الجزائر باتخاذها هذا القرار تتجه لمصالحة اقتصادية مع رجال الأعمال على غرار ما قامت به السعودية وتونس وإسبانيا وروسيا.
ما الذي تغيّر؟
ظلّ الرئيس عبدالمجيد تبون يرفض فكرة التفاوض مع رجال الأعمال المقربين من نظام عبدالعزيز بوتفليقة المسجونين.. فماذا تغيّر؟
يبدو أن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها الجزائر بسبب تراجع أسعار النفط وآثار جائحة كورونا جعلت الحكومة الجزائرية تفكّر في التفاوض مع رجال الأعمال المسجونين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد، لا سيما أن التقديرات تشير إلى أن أموالهم في الخارج تقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
وكانت الحكومة الجزائرية قد تمكّنت من استرجاع ومصادرة كل أموال رجالات بوتفليقة في الداخل حيث أممت شركاتهم وحولتها إلى شركات عمومية، لكنها لم تستطع لحد الآن استرجاع أي شيء يذكر من الخارج رغم محاولاتها عقد لقاءات مع مسؤولين أجانب لتسهيل العملية، لكن ذلك لم يأتِ بأي نتيجة لحد الساعة.
وصرح تبون في لقاء تلفزيوني بأن الدول الأوروبية أبدت استعدادها لمساعدة الجزائر على استرجاع الأموال المنهوبة، لكن الأمر يحتاج إلى مسار قانوني معقد وطويل.
ويعتقد المحامي عبدالرحمن صالح في حديثه مع "عربي بوست" أن تعقيدات استرجاع الأموال من الخارج حتّمت على الحكومة الذهاب نحو المصالحة واسترجاع الأموال بطرق ودية.
أما الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في كلية الجزائر عمر هارون، فيقول لـ"عربي بوست" إنه يعتقد أن الجزائر لها سوابق في إرساء مصالحة أمنية، وكانت العملية أكبر وأهم بكثير من المصالحة المالية، وهذه الأخيرة تعتبر من الطرق التي يمكن لها أن تسرّع عملية استعادة الأموال المنهوبة وتعيد الحق للشعب الجزائري في فترة أقصر بكثير مما كان سيكون عليه، الأمر لو ترك للطرق القانونية، خاصة أن بعض الدول ستعرقل تحويل الأموال بحجج مختلفة بهدف الإبقاء على الأموال في بنوكها، لأنها تفيد اقتصادها لا سيما في هذه المرحلة الصعبة التي يميّزها الوباء.
عرض الحكومة
كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن العرض الذي ستتقدم به الحكومة لرجالات بوتفليقة المسجونين لاستعادة الأموال بطرق ودية يتمثل أولاً في تخفيف الأحكام القضائية وربما إطلاق سراح البعض منهم، لا سيما أن هناك من قضى سنتين خلف القضبان.
ثانياً: إصدار قرارات بإطلاق سراح مشروط على بعضهم مع حرمانهم من الحقوق السياسية إضافة إلى منعهم من مغادرة التراب الوطني إلى غاية استرجاع كامل الأموال.
ولا يستبعد المحامي عبدالرحمن صالح أن يطلق سراح رجل الأعمال علي حداد ومحيي الدين طحكوت (الأكثر قرباً من بوتفليقة) عن طريق التصالح الاقتصادي.
الأموال المسترجعة
وكشفت وزارة العدل الجزائرية مصادرة قرابة مليار دولار من مختلف رجال الأعمال داخل أرض الوطن بعد أن صدرت في حقهم أحكام نهائية.
وبالنسبة للأموال المنقولة الأخرى، أفادت الوزارة بأنه تم وضع 4766 مركبة تمت مصادرتها و6 سفن تحت يد القضاء، وكلها مصادرة.
أما العقارات فقد وُضعت 301 قطعة أرضية عادية وفلاحية تحت يد القضاء منها 214 تمت مصادرتها.
وكشف المصدر ذاته أنه وضع تحت يد القضاء 119 مسكناً و27 محلاً تجارياً.
وفيما يخص الأموال المتواجدة في الخارج فلم يتم استرجاع أي شيء منها لحد الساعة.