استنكر مسؤولون حكوميون من أحزاب اليمين في إسرائيل، الإثنين 30 أغسطس/آب 2021، لقاء عقده وزير الدفاع بيني غانتس (رئيس حزب "أزرق- أبيض"- وسط)، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيما تبدو أنها بوادر أزمة داخل الائتلاف الحكومي، بحسب إعلام عبري.
إذ قالت القناة "13" الإسرائيلية إن رئيس الوزراء نفتالي بينيت (رئيس حزب يمينا- يمين)، أوعز بمنع غانتس من إلقاء خطاب في الكنيست (البرلمان) حول إيران، الثلاثاء، بعدما وعد عباس، خلال لقائهما في رام الله، مساء الأحد، بسلسلة تسهيلات إسرائيلية للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
غضب اليمين الإسرائيلي من غانتس
توجه غانتس بطلب إلى سكرتارية الحكومة لإلقاء خطاب في جلسة برلمانية خاصة حول الملف الإيراني، نيابة عن الحكومة، لكنهم رفضوا طلبه، قائلين إن وزير الشؤون الدينية، ماتان كاهانا، (من حزب يمينا) هو من سيتحدث في الموضوع، وفق القناة.
أضافت أنه رغم موافقة بينيت مسبقاً على لقاء غانتس- عباس، فإن الموافقة اقتصرت على المجالات الاقتصادية والأمنية فقط، لا سيما تنسيق نقل المساعدات القطرية إلى قطاع غزة (محاصر إسرائيلياً منذ 15 عاماً).
بينما قال مكتب غانتس، في بيان، إن التطرق للقضية السياسية أثير فقط في ضوء طلب عباس خلال الاجتماع، دون تفاصيل أخرى.
بحسب القناة، فإن غضب اليمين الإسرائيلي تزايد بعد تصريح لغانتس، الإثنين، قال فيه: "كلما كانت السلطة الفلسطينية أقوى، ستكون (حركة) حماس أضعف، وكلما بسطت (السلطة) حكمها زاد الأمن، وكان علينا العمل بشكل أقل".
إذ تحاصر إسرائيل غزة منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية في 2006، وهو حصار أوجد أوضاعاَ معيشية صعبة يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع.
لقاء عباس يهدد الائتلاف الحكومي
من جهته، قال وزير العدل الإسرائيلي، نائب رئيس الوزراء، جدعون ساعر: "لو كنت مكان غانتس لما عقدت هذا الاجتماع مع أبومازن (عباس)، الذي يدفع رواتب لعائلات الإرهابيين"، في إشارة إلى أسر الشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين.
تابع ساعر، رئيس حزب "أمل جديد" (يمين)، في تصريح لإذاعة 103fm: "مع ذلك، لم أكن لأبالغ في تداعيات اللقاء. هناك تعاون أمني مع السلطة. في المجال السياسي، وعلى أية حال، لن تقام دولة فلسطينية في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية)".
كما قال وزير الاتصالات، يوعاز هيندل، (كتلة "أمل جديد")، إنه ما كان ليلتقي بعباس، ولا يعتبره أصلاً شريكاً لإسرائيل، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
مع ذلك، تابع هيندل: "لدينا مصلحة في دعم السلطة (الفلسطينية) مالياَ والتعامل مع الشؤون البلدية. لا نريد أن نكون في جنين ونابلس، لذلك لدينا مصلحة في أن تكون لها (السلطة) قوة اقتصادية".
كما ذكرت قناة "كان" (رسمية) أن مقربين من بينيت شنوا هجوماَ ضد غانتس على خلفية لقائه مع عباس، متهمين إياه بـ"الإضرار باستقرار الحكومة".
كما يزعج المقاومة الفلسطينية
فيما ذكرت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية أن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس اتفق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على إقراض السلطة الفلسطينية نصف مليار شيكل (نحو 155 مليون دولار)، وهو ما استنكرته حركتا "حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، الإثنين، في بيانين منفصلين.
حسب القناة نفسها، فإن غانتس أبلغ عباس، خلال اللقاء، أن وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، وافق على إقراض السلطة الفلسطينية نصف مليار شيكل، وأضافت أن القرض الإسرائيلي للسلطة سيتم سداده من أموال المقاصة اعتباراً من يونيو/حزيران 2022.
المقاصة هي عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجبيها الحكومة الإسرائيلية نيابة عن السلطة، على واردات الأخيرة من إسرائيل والخارج، مقابل عمولة 3%.
كما ستزيد إسرائيل من تصاريح العمل للفلسطينيين من الضفة الغربية بمقدار 15 ألف عامل، وستضيف 1000 عامل في صناعة السياحة، وستصدر تصاريح بناء للفلسطينيين في المنطقة "ج"، بحسب المصدر ذاته.
بينما قال الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، في بيان صحفي: "لقاء رئيس السلطة محمود عباس مع وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس مُستنكَر ومرفوض من الكل الوطني، وشاذ عن الروح الوطنية عند شعبنا الفلسطيني".
كما أضاف أن "مثل هذه اللقاءات استمرار لوهم قيادة السلطة في رام الله، بإمكانية إنجاز أي شيء لشعبنا الفلسطيني عبر مسار التسوية الفاشل". البيان نفسه لفت إلى أن هذا السلوك "يُعمِّق الانقسام السياسي الفلسطيني، ويُعقّد الحالة الفلسطينية".
أدانت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية اللقاء، وقال الناطق باسم الحركة طارق سِلْمي، في تصريح صحفي، إن "لقاء عباس-غانتس الذي جاء على وقع جرائم الاحتلال وحصاره وعدوانه طعنة لشعبنا".
كما أضاف أن "دماء الأطفال الذين قتلهم جيش الاحتلال، بأوامر من غانتس، لا تزال على الأرض لم تجف بعد".