شدد وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، خلال الندوة الصحفية التي عقدها الثلاثاء 24 أغسطس/آب 2021، على أن بلاده "سيكون صوتها عالياً في حال تدخلت بعض الدول في شؤون تونس الداخلية" .
وقال الوزير الجزائري إن الجزائر لن تتدخل في شؤون تونس الداخلية، لأنها متأكّدة من أن التونسيين قادرون على حلّ مشاكلهم بأنفسهم.
وكان لعمامرة قد زار تونس ثلاث مرات خلال الشهر الجاري، كان آخرها قبل أيام، حيث حمل رسالة مكتوبة من الرئيس عبدالمجيد تبون إلى نظيره قيس سعيّد.
وفي الوقت الذي كان فيه لعمامرة على أعتاب قصر قرطاج، أجرى تبون مكالمة هاتفية مع سعيّد، أكد خلالها الطرفان التنسيق والتشاور بين البلدين.
ماذا تريد الجزائر؟
كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست"، أن الرسالة التي حملها وزير الخارجية رمطان لعمامرة إلى قيس سعيّد تضمّنت دعوة إلى فتح حوار وطني مع مختلف القوى السياسية؛ لتفويت الفرصة على المتربصين بتونس والمنطقة.
ووفق المصدر ذاته، فإن الجزائر غير مرتاحة للتحركات العربية في تونس، لاسيما تلك التي تُحركها دوافع أيديولوجية ضد أحزاب مؤثرة في المشهد التونسي.
وحسب المحلل السياسي مولود صياد، فإن الجزائر لا تريد أن يتكرر السيناريو الليبي في تونس، لاسيما أن اللاعبين الدوليين أنفسهم الذين ساهموا في تأزم الوضع فيها، يحاولون اليوم إيجاد موطئ قدم لهم في تونس عن طريق استغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة لتونس.
صداع جديد
في الوقت الذي عادت فيه الدبلوماسية الجزائرية لتؤثر في المشهد الليبي والمساهمة في حلحلة الأزمة بين الفرقاء هناك، تتحرك الدول العربية المعروفة بعدائها لتيار الإسلام السياسي بقوة في تونس، وهو ما تراه الجزائر صداعاً جديداً بالمنطقة.
وكانت الإمارات العربية المتحدة قد أبدت دعمها للرئيس التونسي قيس سعيّد، وأبدت استعدادها لمساعدة تونس مالياً، كما أرسلت وفداً رفيع المستوى للقاء الرئيس التونسي.
أما مصر فأرسلت وزير خارجيتها سامح شكري، للقاء سعيّد، كما عبَّرت عن دعمها لقراراته.
الرياض كانت أكثر الدول العربية وضوحاً، إذ اتصل الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز بقيس سعيّد وأكد له دعم المملكة لقراراته، مبدياً استعداده لدعم تونس مالياً واقتصادياً، كما أرسل بعدها بيوم وفداً رفيع المستوى للقاء الرئيس.
الهاجس الليبي
تقول القاعدة إن الأسباب نفسها تؤدي إلى النتائج نفسها، وهو ما يجعل تكرار السيناريو الليبي، على المستوى السياسي على الأقل، غير مستبعد في تونس، لاسيما أن اللاعبين الدوليين أنفسهم يحاولون فرض أجنداتهم في البلدين الجارين.
ولأن الجزائر تعتبر تونس جزءاً من أمنها القومي لعدة عوامل جغرافية وتاريخية واستراتيجية، فإن انتقال تأثير بعض الدول العربية من ليبيا إلى تونس مقلق للغاية.
ويرى المحلل مولود صياد الذي تحدث لـ"عربي بوست"، أن "تحركات الجزائر المكثفة في تونس هدفها الأول الحد من تأثير مصر والإمارات والسعودية على تونس التي تعد حديقة خلفية لها"، على حد تعبيره.
وأضاف المتحدث أن "الجزائر سترفض تكرار السيناريو الليبي على المستوى السياسي، وقد تعاقب تونس في حال سار الرئيس قيس سعيد في فلك قوى عربية غير متوافقة مع الجزائر".