عزلت وزارة الشؤون الدينية في تونس إمام مسجد في مدينة بن قردان، التابعة لولاية مدنين جنوبي تونس، من مهامه نهائياً بعد أن نعت الرئيس قيس سعيّد الذي يتولى السلطة التنفيذية بشكل كامل بـ"الانقلابي".
عزل الإمام يأتي في ظل فرض الرئيس التونسي تدابير استثنائية بعد أن جمّد عمل البرلمان وأقال رئيس الحكومة، لكنه تعهد باحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والدفاع عن الديمقراطية في تونس، وهو ما دفع البعض لانتقاد قرار عزل الإمام بسبب "تعبيره عن رأيه".
معاقبة الإمام بسبب "رأيه" في سعيّد
وكالة الأنباء الألمانية نقلت الإثنين 23 أغسطس/آب 2021 عن مصدر أن الإمام تم عزله من مهامه بعد أن وصف الرئيس سعيّد في خطبة يوم الجمعة الماضي بالانقلابي، رداً على إعلانه التدابير الاستثنائية في البلاد منذ نحو شهر وتجميده اختصاصات البرلمان.
كما نقل شهود في المسجد ما ذكره الإمام على نحو مخالف للقوانين التي تفرض تحييد المساجد عن السياسة.
قال المصدر بالوزارة إن إمام مسجد بلال الواقع في منطقة جلال في بن قردان، خضع للتحقيق من قبل الإدارة الجهوية للشؤون الدينية بولاية مدنين واعترف بما صدر عنه، قبل أن يصدر قرار بعزله نهائياً.
بينما نشرت وزارة الشؤون الدينية، الإثنين، ميثاقاً يذكر بالتزامات أئمة المساجد بما في ذلك ما ينص عليه الدستور وتجنب ما وصفته بـ"التشهير والتجريح".
تدابير استثنائية "دون خارطة طريق"
منذ إعلانه التدابير الاستثنائية قبل شهر لم يقدّم قيس سعيّد حتى اليوم "خارطة الطريق" التي وعد بها وطالب بها الكثير من المنظمات النقابية والأحزاب السياسية في البلاد، فضلاً عن دول أجنبية، كما أنّه لم يعيّن بعد رئيساً للوزراء.
كان حقوقيون وكذلك أيضاً حزب "النهضة" الإسلامي، أكبر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان والغريم الأول لرئيس الجمهورية، رأوا في هذه التدابير الاستثنائية انقلاباً على المؤسّسات، الأمر الذي رفضه سعيّد، مؤكّداً أنّ كلّ ما أقدم عليه دستوري.
بينما رحب كثير من التونسيين بإجراءات قيس سعيّد بعدما سئموا من الطبقة السياسية وينتظرون تحركاً صارماً لمكافحة الفساد والإفلات من العقاب في بلد يعاني من أزمة اجتماعية واقتصادية وصحية صعبة جداَ.
مع أن الرئيس بشعبية واسعة في تونس، إلا أن التدابير التي اتخذها تثير قلق الأسرة الدولية التي تخشى أن تخرج البلاد مهد الربيع العربي عن المسار الديمقراطي، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
قرارات قيس سعيّد تثير القلق
تثير حملة مكافحة الفساد التي باشرها الرئيس قيس سعيّد منذ تعليق أعمال البرلمان في تموز/يوليو القلق والخوف من تراجع الحريات في تونس.
شملت عمليات التوقيف مسؤولين سابقين ورجال أعمال وقضاة ونواباً واتخذت إجراءات منع سفر وإقامة جبرية بقرار من وزارة الداخلية فقط وهو ما ندد به مدافعون عن حقوق الإنسان.
سعيّد الذي كان أستاذاً في القانون الدستوري يردّد منذ توليه رئاسة الجمهورية، إثر انتخابات 2019 التي فاز فيها بأكثر من سبعين بالمئة من الأصوات، أنّه الوحيد الذي يحقّ له تأويل الدستور في غياب المحكمة الدستورية في البلاد.
كما شدد الرئيس التونسي، الأسبوع الماضي، على أن "حرية التنقل مضمونة بالدستور ولن يتم المساس بها إطلاقاً"، مؤكداً أنها "تدابير استثنائية احترازية (…) تهم بعض الأشخاص المطلوبين لدى العدالة".
وضعت هذه التدابير الاستثنائية التي فرضها الرئيس التونسي قيس سعيّد قبل شهر الأحزاب السياسية ولا سيما حركة النهضة الإسلامية التي تعاني أساساً من وضع صعب، في موقف حرج.