قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، الأحد 22 أغسطس/آب 2021، إن بريطانيا ستضطر للجوء إلى روسيا والصين لممارسة "تأثير معتدل" على طالبان، رغم العلاقة التي تتسم بعدم الثقة بين بريطانيا وبكين وموسكو.
وقال راب في تصريح لصحيفة صنداي تليغراف البريطانية، "سنضطر للاستعانة بدول ذات تأثير معتدل مثل روسيا والصين مهما كان ذلك غير مريح".
واستولت حركة طالبان على السلطة مطلع الأسبوع الماضي من حكومة تدعمها الولايات المتحدة، ما أدى إلى فرار الآلاف، وقد يكون ذلك إيذاناً بالعودة للحكم الصارم الذي مارسته طالبان قبل 20 عاماً.
ورغم الخلافات التي ظهرت في الآونة الأخيرة بين بريطانيا والصين بشأن عدة قضايا، من بينها هونغ كونغ، وانتهاكات حقوق الإنسان ضد الإيغور المسلمين في الصين، فإن بريطانيا ترى في بكين طرفاً قادراً على التأثير على طالبان.
كما اعترى الفتور العلاقات بين لندن وموسكو منذ تسمم العميل المزدوج السابق سيرجي سكريبال في 2018، بغاز أعصاب طوَّرته روسيا، يُعرف باسم نوفيتشوك، وزاد تدهور العلاقات بين بريطانيا وروسيا بعد أن طُلب من صحفية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي)، تعمل في موسكو، مغادرة البلاد.
وذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن القوات البريطانية قامت بإجلاء 3821 شخصاً من كابول، منذ 13 أغسطس/آب، من بينهم 1323 شخصاً وصلوا إلى بريطانيا، ويشمل هذا موظفي السفارة والرعايا البريطانيين والمؤهلين لذلك بموجب برنامج للمساعدة وإعادة توطين الأفغان.
خلاف على الاعتراف الدولي
ومنذ سيطرتها المفاجئة على العاصمة كابول نالت مسألة الاعتراف الدولي بحركة طالبان وبحكمها المستقبلي لأفغانستان سجالاً واسعاً بين الدول الكبرى، التي عبّرت عن رفضها للاعتراف بالحركة دون تحقيق شروط أعلنت عنها.
فمن جانبه، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، الخميس 19 أغسطس/آب، إن على حركة طالبان أن تُقرر إن كانت تريد أن يعترف المجتمع الدولي بها، مضيفاً أنه لا يعتقد أن الحركة غيّرت معتقداتها الأساسية.
عندما سئل إن كان يعتقد أن طالبان تغيّرت قال بايدن للشبكة "لا"، وأضاف: "أعتقد أنهم يمرون بنوع من الأزمة الوجودية، بشأن هل يريدون أن يعترف بهم المجتمع الدولي على أنهم حكومة شرعية؟ لستُ متأكداً من أنهم يريدون ذلك"، مضيفاً أن الحركة تبدو أكثر التزاماً بمعتقداتها.
لكنه قال إن طالبان عليها كذلك أن تبذل جهداً لمعرفة إن كان بوسعها توفير الدعم للأفغان.
من جهتها، أعلنت الحركة الأفغانية، الثلاثاء، أنها تريد علاقات سلمية مع الدول الأخرى، وأنها ستحترم حقوق النساء في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية، في أول مؤتمر صحفي رسمي منذ الاستيلاء الخاطف على كابول.
جاءت تصريحات طالبان، التي تفتقر إلى التفاصيل لكن تشير إلى موقف أكثر ليونة مما كان عليه الوضع خلال حكمها قبل 20 سنة، بينما استأنفت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إجلاء الدبلوماسيين والمدنيين بعد يوم من مشاهد فوضى في مطار كابول، عندما كان مئات الأفغان يتلهفون على الفرار.
قال أبرز المتحدثين باسم الحركة ذبيح الله مجاهد، الذي عقد المؤتمر "لا نريد أي أعداء داخليين أو خارجيين". وقال مجاهد سيُسمح للنساء بالعمل والدراسة، وسيكُنّ "نشطات للغاية في المجتمع، لكن في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية".
بينما تسارع بإجلاء الدبلوماسيين والمدنيين من أفغانستان، تجري القوى الأجنبية تقييماً لكيفية التعامل مع الوضع المتغير على الأرض، بعد أن تبخرت القوات الأفغانية في أيام، بجانب ما تنبّأ به كثيرون من ضياع مرجح لحقوق النساء.
قالت ليندا توماس-جرينفيلد، السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة لمحطة إم.إس.إن.بي.سي، الثلاثاء الماضي "إذا أرادت (طالبان) أن تنال أي قدر من الاحترام، وأن تحظى بأي اعتراف من المجتمع الدولي، فعليها أن تدرك تماماً حقيقة أننا سنراقب كيفية معاملة الحركة للنساء والفتيات… والمجتمع المدني على نطاق أوسع، أثناء محاولتها تشكيل الحكومة".
خلال حكمها لأفغانستان في الفترة ما بين 1996 و2001 في ظل الشريعة الإسلامية أيضاً، منعت طالبان النساء من العمل، وفرضت عليهن عقوبات تصل إلى الرجم العلني، ومنعت الحركة الفتيات من الذهاب إلى المدارس، وفرضت على النساء ارتداء البرقع الذي يغطي الجسم كله إذا خرجن من البيوت.