أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الأحد 22 أغسطس/آب 2021، أن طائرات تجارية ستُستخدم للمساعدة في نقل أناس تم إجلاؤهم من أفغانستان؛ وذلك في خطوة تحدث للمرة الأولى منذ غزو العراق.
هذه الخطوة تكشف مدى الصعوبات التي تواجهها الإدارة في إجلاء المواطنين الأمريكيين والأفغان المعرضين للخطر، وذلك وسط تدهور الوضع الأمني.
حيث قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن 18 طائرة، بينها طائرات تابعة لشركات يونايتد وأمريكان ودلتا إيرلاينز، لن تطير إلى كابول، لكنها ستُستخدم لنقل أناس غادروا أفغانستان بالفعل إلى ملاذات آمنة مؤقتة وقواعد انطلاق مؤقتة (لم يحددها).
المتحدث الأمريكي لفت إلى أن وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، طالب قيادة النقل الأمريكية (ترانسكوم) بتفعيل المرحلة الأولى من الأسطول الجوي الاحتياطي المدني للمساعدة في جهود الإخلاء الجارية.
تفعيل الأسطول الجوي المدني
ستكون هذه هي المرة الثالثة التي يتم فيها تفعيل "الأسطول الجوي الاحتياطي المدني".
كانت الأولى أثناء حرب الخليج (من أغسطس/آب 1990 إلى مايو/أيار 1991)، والثانية أثناء الإعداد لعملية غزو العراق ثم خلال الغزو ذاته (من فبراير/شباط 2002 إلى يونيو/حزيران 2003).
فيما أرسلت الولايات المتحدة ودول أجنبية أخرى، منها بريطانيا، عدة آلاف من القوات لإدارة عمليات إجلاء المواطنين الأجانب والأفغان المعرَّضين للخطر، لكنها بقيت بعيداً عن مناطق خارج مطار كابول.
من جهتهم، قال مسؤولون أمريكيون لوكالة رويترز إن وزير الدفاع لويد أوستن يدرس ما إذا كان لهذه الخطوة تأثير على العمليات التجارية لشركات الطيران.
في حين أكد جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، في بيان: "وزارة الدفاع لا تتوقع تأثيراً كبيراً على الرحلات التجارية جراء هذا التفعيل".
لكن عدد الطائرات المحدود هو مجرد مشكلة واحدة فيما يتعلق بعمليات الإجلاء. ويشعر المسؤولون بالإحباط من بطء العمل الذي تقوم به وزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية في هذا المجال.
كما أن هناك مخاوف متزايدة بشأن الأمن في كابول حيث يقوم حوالي 5800 جندي بحماية المطار.
يشار إلى أن أسطول الاحتياطي الجوي المدني هو برنامج وطني للتأهب للطوارئ مُصمم لزيادة قدرة النقل الجوي لوزارة الدفاع الأمريكي، وهو مكون أساسي لقدرة ترانسكوم على تلبية مصالح الأمن القومي ومتطلبات الطوارئ.
تأتي تلك الخطوة وسط تحذيرات من استهداف محتمل بشكل كبير قد ينفذه تنظيم "داعش" على المطار ومحيطه، وفقاً لمسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية.
إجلاء 2500 أمريكي
في السياق، أكد مسؤولان أمريكيان، السبت، أن الولايات المتحدة أجلت 2500 أمريكي من كابول خلال الأسبوع الماضي، منوهَين إلى أن واشنطن تحارب ضد "الوقت والمكان" لإجلاء الراغبين في الخروج من أفغانستان.
إذ قال الميجور جنرال وليام تايلور، في إفادة صحفية بمقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، إن 17 ألفاً في المجمل تم إجلاؤهم من أفغانستان، بينهم 2500 أمريكي.
كما لفت المتحدث باسم البنتاغون إلى أنه ليس لديه "رقم محدد" بشأن عدد الأمريكيين الذين لا يزالون في كابول وأفغانستان عموماً.
كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد صرّح، الجمعة 20 أغسطس/آب، بأنه تم إجلاء نحو 13 ألفاً على متن طائرات عسكرية أمريكية منذ 14 أغسطس/آب.
تحذيرات أمريكية
كانت الولايات المتحدة قد نصحت، السبت، رعاياها في أفغانستان بعدم الذهاب إلى مطار كابول، بسبب ما وصفته بـ"التهديدات المحتملة".
تضمن التحذير الأمريكي: "هناك تهديدات أمنية محتملة خارج بوابات مطار كابول، ولذلك ننصح الرعايا الأمريكيين بتفادي الذهاب إلى المطار، وتحاشي بوابات المطار في الفترة الحالية ما لم تتلقوا تعليمات فردية بذلك من ممثل للحكومة الأمريكية".
كانت عدة صور قد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، لأفغان يركضون حول طائرة نقل أمريكية من طراز "سي-17" ويتشبثون بجانبيها. وأظهر مقطع فيديو منفصل شخصين يسقطان، فيما يبدو، من طائرة عسكرية بعد إقلاعها من مطار كابول.
منذ ذلك الحين، تزايدت الحشود في المطار، بينما حث مقاتلو حركة طالبان مَن لا يملكون وثائق سفر على العودة إلى ديارهم. وقال مسؤولون بحلف شمال الأطلسي وطالبان إن ما لا يقل عن 12 شخصاً قُتلوا في المطار وحوله منذ الأحد الماضي.
فيما أكد المسؤول في حلف شمال الأطلسي، والذي رفض الإفصاح عن هويته، أنه تم إجلاء نحو 12 ألف أجنبي وأفغاني يعملون لدى السفارات وجماعات الإغاثة الدولية من أفغانستان منذ دخول طالبان العاصمة، مشيراً إلى أن "عملية الإجلاء بطيئة، لأنها محفوفة بالمخاطر، ولأننا لا نريد أي شكل من أشكال الاشتباكات مع أعضاء طالبان أو المدنيين خارج المطار".
المسؤول أضاف: "لا نريد أن نبدأ لعبة إلقاء اللوم فيما يتعلق بخطة الإجلاء".
من جهته، وصف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الوضع خارج مطار كابول بأنه "رهيب وصعب للغاية"، فيما تضغط بعض الدول الأعضاء من أجل استمرار عمليات الإجلاء إلى ما بعد الموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة والذي يحل في 31 أغسطس/آب الجاري.
في المقابل، أكد مسؤول من طالبان لوكالة رويترز، أن الفوضى حول مطار كابول ليست مسؤولية طالبان، مضيفاً: "الغرب كان يمكنه أن تكون لديه خطة أفضل للإجلاء".