أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الثلاثاء 17 أغسطس/آب 2021، أن بلاده لا تعتزم الاعتراف بحركة طالبان كسلطة حاكمة لأفغانستان؛ وذلك لأنها أطاحت بما وصفتها بـ "الحكومة الديمقراطية المنتخبة"، واستولت على الحكم بالقوة.
حيث قال ترودو، في تصريحات صحفية عقب مرور ثلاثة أيام على سيطرة الحركة على العاصمة كابول: "كندا لا تخطط للاعتراف بطالبان كحكومة أفغانية.. لقد استولت على السلطة وحلت بالقوة محل حكومة منتخبة ديمقراطياً".
فيما استنكر ترودو قيام حركة طالبان بإزاحة الحكومة الأفغانية التي قال إنها اُنتخبت بصورة دستورية.
كان رئيس الوزراء الكندي قد أعلن، الأحد 15 أغسطس/آب 2021، أن بلاده ستستقبل 20 ألف لاجئ أفغاني، في مقدمتهم أفراد الدعم الأفغاني وعائلاتهم الذين كانوا يعملون لصالح كندا في أفغانستان، مُعبّراً عن شعوره بالقلق تجاه ما وصفها بـ"محنة الشعب الأفغاني اليوم".
في حين أضاف ترودو: "نشعر بقلق بالغ وحزن إزاء محنة الشعب الأفغاني اليوم، إلا أننا سنواصل العمل مع الحلفاء والمجتمع الدولي لضمان عدم إهدار الجهود المبذولة لدعم الشعب الأفغاني".
كانت السلطات الكندية قد أكدت أن من بين اللاجئين الأفغان الذين ستستقبلهم، نساء، وعاملين في الحكومة الأفغانية، ومدافعين عن حقوق الإنسان، وأقليات مضطهدة، وصحافيين، وغيرهم ممّن يواجهون تهديدات من حركة طالبان التي باتت تسيطر على ربوع البلاد.
كندا تعلِّق عملياتها الدبلوماسية
يشار إلى أن وزير الخارجية الكندي، مارك جارنو، أكد، في بيان صدر يوم الأحد الماضي، أن بلاده علقت مؤقتاً عملياتها الدبلوماسية في العاصمة الأفغانية كابول.
كما تابع جارنو: "الوضع في أفغانستان يتطور بسرعة، ويشكل تحديات خطيرة لقدرتنا على ضمان أمن وسلامة بعثتنا"، لافتاً إلى أن الكنديين هناك "في طريقهم حالياً للعودة إلى كندا بأمان".
تعليق مساعدات التنمية لأفغانستان
في سياق متصل، كشفت فنلندا، الثلاثاء، عن أنها ستوقف مساعدات التنمية إلى أفغانستان بعد استيلاء طالبان على السلطة، قائلة إنها ستعيد النظر في القرار عندما يتضح الموقف.
إذ قال فيل سكيناري، وزير التعاون التنموي، في بيان: "علينا أن نرى كيف يتطور الوضع. ومع ذلك، فإن فنلندا لا تتخلى عن شعب أفغانستان أو أطفالها أو نسائها أو رجالها أو الصحفيين أو الأطباء أو العاملين في إزالة الألغام أو المناضلين في مجال حقوق الإنسان".
كما أشار سكيناري إلى أن هدفهم مع شركائهم الدوليين هو "حماية ما حققناه بالفعل"، مشدّداً على أن بلاده تطلب من شركائها احترام حقوق الإنسان.
وقالت فنلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، إن دعمها للمساعدات الإنسانية وعمل المنظمات الدولية وإزالة الألغام يصل إلى حوالي 30 مليون يورو (35 مليون دولار) سنوياً.
من جهتها، لفتت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، الثلاثاء، إلى أنها ما زالت تقدم مساعدات لمعظم أنحاء أفغانستان وعقدت اجتماعات أولية مع الممثلين الجدد لطالبان في المدن التي تم الاستيلاء عليها مؤخراً.
بينما حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الإثنين، من قيود "مروعة" على حقوق الإنسان في ظل حكم طالبان، وتزايد الانتهاكات ضد النساء والفتيات.
سيطرة طالبان
كانت "طالبان" قد أعلنت، الأحد 15 أغسطس/آب الجاري، سيطرتها على العاصمة كابول، وعواصم ولايات لغمان وميدان وردك وباميان وخوست وكابيسا وننغرهار ودايكندي في البلاد.
بذلك، باتت 31 عاصمة (مركز) ولاية أفغانية من أصل 34 في قبضة "طالبان"، بعد سيطرتها الأحد على عواصم 7 ولايات.
في حين أفادت مصادر محلية، الأحد، بمغادرة الرئيس الأفغاني أشرف غني البلاد، ونقلت وكالة رويترز عمن وصفته بالمسؤول الكبير في وزارة الداخلية الأفغانية أنَّ غني غادر إلى طاجيكستان.
من جهته، قال مكتب الرئيس الأفغاني لوكالة رويترز، إنه لا يمكنهم الإفصاح عن أي شيء بخصوص تحركات غني، لأسباب أمنية.
يُذكر أن "طالبان" كانت قد تمكنت قبل أقل من 3 أسابيع على سحب الولايات المتحدة آخر قواتها، من السيطرة على جزء كبير من شمال أفغانستان وغربها وجنوبها.
نتيجة لذلك، استولت "طالبان" على كل أفغانستان تقريباً فيما يزيد قليلاً على أسبوع، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على مدى ما يقرب من 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرّح، قبل أيام، بأنه غير نادم على قراره مواصلة الانسحاب، منوهاً إلى أن واشنطن أنفقت أكثر من تريليون دولار وفقدت آلاف الجنود خلال 20 عاماً، ودعا الجيش والزعماء الأفغان إلى التصدي للتحدي.
يشار إلى أنه منذ مايو/أيار الماضي، تصاعد العنف في أفغانستان، مع اتساع رقعة نفوذ "طالبان"، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
فيما تعاني أفغانستان حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان؛ لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة" الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة.