أعلن رئيس الوزراء اللبناني المكلف، نجيب ميقاتي، الثلاثاء 17 أغسطس/آب 2021، أن الترتيبات والجهود باتت في "الأمتار الأخيرة من مسابقة تشكيل الحكومة"، مؤكداً أن الحوار مع الرئيس ميشال عون في هذا الصدد كان "إيجابياً".
حيث قال ميقاتي في مؤتمر صحفي، عقب لقائه مع عون في قصر الرئاسة شرقي العاصمة بيروت، إن "المشاورات تُستكمل، والنيّة عند الجميع بتشكيل الحكومة، لأن عدم التشكيل خطيئة بحق الوطن، وكلنا نعلم أننا بحاجة إلى حكومة تواكب التطورات الحالية".
ميقاتي أضاف أن "الحوار مع عون إيجابي، ونأمل أن نرى الحكومة قريباً"، فيما نفى أن تكون حقيبة وزارة الداخلية عقبة أمام تشكيل الحكومة، وقال: "مَن قال إن هناك عقبة أساسية اسمها وزارة الداخلية؟، المهم لدي أن أزيل أي عقدة موجودة لأن الحكومة من الضروري أن تتشكل".
"إزالة كل العقبات"
في حين شدّد على أنه والرئيس عون يعملان بجهد لإزالة كل العقبات، وتشكيل حكومة تراعي كل التوازنات يأخذ بعض الوقت، متابعاً: "إننا في الأمتار الأخيرة من مسابقة تشكيل الحكومة، ولا بدّ من إزالة كلّ العراقيل التي تمنع ذلك، ونتمنى أن نحلها بطريقة لائقة ومقبولة من الجميع".
كما استطرد قائلاً: "قلت منذ يوم تكليفي لا أرتبط بزمن معين، وقلت إن تشكيل الحكومة في لبنان ليس بهذه السهولة، هي عبارة عن معادلة حسابية صعبة، الحكومة هي لكل لبنان، والأكيد أن هناك ولاءات داخل الحكومة، ولكن نريدهم ممن لديهم الجدارة والكفاءة لتسلم حقيبتهم".
فيما أكد ميقاتي أن أكثر شخص داعم لتشكيل الحكومة هو رئيس الوزراء المكلف سابقاً، سعد الحريري.
هذا اللقاء الجديد بين ميقاتي وعون هو الـ11 بينهما منذ أن كلفه الأخير بتشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت.
تكليف ميقاتي
كان عون قد كلَّف، الإثنين 26 يوليو/تموز، رئيسَ الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي، بتشكيل حكومة جديدة.
يشار إلى أن ميقاتي نائب برلماني عن مدينة طرابلس (شمال) منذ عام 2018، وجاء إلى السياسة من قطاع رجال الأعمال، وهو ثالث شخصية، بعد الحريري ومصطفى أديب، يكلفها عون بتشكيل حكومة بعد استقالة حكومة دياب، إثر انفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة الآلاف.
منذ 2005، هذا هو ثالث تكليف بتشكيل حكومة لميقاتي، الذي يُنظر إليه كمرشح توافقي لإنهاء حالات الجمود، من جرّاء الخلافات السياسية.
يُذكر أنه عادةً ما تتشكل الحكومة اللبنانية وفق حصص تراعي التمثيل الحزبي والطائفي والمذهبي للقوى السياسية، ما يولّد في كثير من الأحيان أزمة بشأن الوزارات الأساسية كالمالية والداخلية والدفاع والخارجية، ولذلك عادةً ما تستمر عملية تشكيل الحكومة في لبنان عدة أشهر، من جرّاء خلافات بين القوى السياسية.
اعتذار الحريري
كان سعد الحريري قد أعلن اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، الخميس 15 يوليو/تموز، بعدما تقدم، الأربعاء، بتشكيلة وزارية ثانية إلى ميشال عون، لكن الأخير طلب تعديلاً بالوزارات وتوزيعها الطائفي، وهو ما رفضه الحريري.
في المقابل، قالت الرئاسة، في بيان، إن الحريري "رفض كل التعديلات المتعلقة بتبديل الوزارات والتوزيع الطائفي لها والأسماء المرتبطة بها".
يشار إلى أنه على مدار نحو 9 أشهر، حالت خلافات بين عون والحريري دون تشكيل حكومة لتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، التي استقالت في 10 أغسطس/آب 2020، بعد 6 أيام من انفجار كارثي في مرفأ العاصمة بيروت.
فيما تركزت هذه الخلافات حول حق تسمية الوزراء المسيحيين، مع اتهام من الحريري- ينفيه عون- بالإصرار على الحصول لفريقه، ومن ضمنه جماعة "حزب الله" (حليفة إيران)، على "الثلث المعطل"، وهو عدد وزراء يسمح بالتحكم في قرارات الحكومة.
"أسوأ أزمة اقتصادية"
يأتي ذلك بينما يعاني لبنان، منذ نحو عامين، أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، مع تدهور مالي ومعيشي، وانهيار للعملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، وشح في السلع الغذائية والأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى.
على أثر ذلك، وصف البنك الدولي، مطلع يونيو/حزيران الماضي، الأزمة في لبنان بأنها "الأكثر حدة وقساوة في العالم"، وصنَّفها ضمن أصعب 3 أزمات سُجِّلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر.
بينما تضغط الحكومات الغربية على السياسيين اللبنانيين لتشكيل حكومة يمكنها الشروع في الإصلاح. وهددت دول غربية بفرض عقوبات، وقالت إن الدعم المادي لن يتدفق قبل بدء الإصلاحات.
في هذا الصدد، تشهد مناطق لبنانية عدة بين الحين والآخر احتجاجات شعبية غاضبة يتخللها قطع طرقات؛ اعتراضاً على الواقع المعيشي وتصاعد الأزمة الاقتصادية.