مصر والجزائر تتفقان على الدعم الكامل للرئيس التونسي.. لم تتحدثا عن عودة البرلمان لعمله

عربي بوست
تم النشر: 2021/08/01 الساعة 16:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/08/01 الساعة 17:40 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره الجزائري رمطان لعمامرة/ مواقع التواصل

أعلنت الرئاسة المصرية أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اتفق مع وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، الأحد 1 أغسطس/آب 2021، على الدعم الكامل للرئيس التونسي قيس سعيّد في قراراته الأخيرة التي فجّرت أزمة سياسية حادة، ووصفها الكثيرون بأنها "انقلاب"، متجاهلين الدعوات التي تنادي بضرورة استئناف البرلمان التونسي لاختصاصاته في أقرب وقت.

جاء ذلك وفق بيان أصدرته الرئاسة المصرية، عقب اجتماع بين السيسي ولعمامرة، وذلك بحضور وزير الخارجية المصري سامح شكري، والسفير الجزائري بالقاهرة محند لعجوزي.

حيث قال بيان الرئاسة المصري: "تم التوافق في هذا الصدد نحو الدعم الكامل للرئيس التونسي قيس سعيد ولكل ما من شأنه صون الاستقرار في تونس وإنفاذ إرادة واختيارات الشعب التونسي الشقيق، حفاظاً على مقدراته وأمن بلاده".

كما تطرق اللقاء إلى "مناقشة تطورات عدد من القضايا الإقليمية، خاصة الأوضاع في ليبيا، حيث توافقت الرؤى في هذا الصدد حول أهمية تعزيز أطر التنسيق المصرية-الجزائرية ذات الصلة؛ وذلك لتحقيق هدف رئيسي وهو تفعيل إرادة الشعب الليبي من خلال دعم مؤسسات الدولة الليبية، ومساندة الجهود الحالية لتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة وسيادة ليبيا".

"قرارات مهمة"

يشار إلى أن الرئاسة الجزائرية كانت قد أعلنت أن سعيد، أبلغ نظيره الجزائري، عبدالمجيد تبون، السبت 31 يوليو/تموز 2021، أن قرارات مهمة ستصدر عما قريب، فيما ينتظر التونسيون تعيين رئيس جديد للحكومة.

إذ قالت الرئاسة الجزائرية، في بيان: "تمحور الاتصال الهاتفي حول تطورات الوضع العام في الشقيقة تونس، حيث طمأن الرئيس التونسي، رئيسَ الجمهورية، بأن تونس تسير في الطريق الصحيح لتكريس الديمقراطية والتعددية، وستكون هناك قرارات هامة عن قريب".

فيما ينتظر كثير من التونسيين من الرئيس سعيد تعيين رئيس جديد للحكومة، وتقديم خارطة طريق واضحة بعد إعلانه، الأسبوع الماضي، إجراءات طوارئ غير مسبوقة؛ لإحكام سيطرته المطلقة على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ الأمر الذي تسبّب في ردود فعل مدوّية في الداخل والخارج.

كانت وزارة الخارجية المصرية قد دعت، الأحد، التونسيين إلى ضرورة تجنب التصعيد والامتناع عن العنف ضد مؤسسات بلادهم، بما يحفظ مصالح الشعب التونسي وأمنه ومقدراته، لافتة إلى أن "مصر تتابع باهتمام تطورات الأحداث في تونس، وتعرب عن تضامنها الكامل مع الشعب التونسي الشقيق وتطلعاته المشروعة".

الخارجية المصرية أكدت أن القاهرة "تثق في حكمة وقدرة الرئاسة التونسية على العبور بالبلاد من هذه الأزمة في أقرب وقت، وتشيد بدور المؤسسات الوطنية التونسية في حفظ أمن واستقرار البلاد"، معربة عن "تطلعها لتجاوز الأشقاء التونسيين كافة التحديات والانطلاق نحو بناء مستقبل أفضل"، حسب البيان ذاته.

"قرارات تصعيدية"

كان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الأحد 25 يوليو/تموز الجاري، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي؛ وذلك على خلفية فوضى واحتجاجات عنيفة شهدتها عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية.

فيما أضاف الرئيس التونسي في كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014، الذي وزع السلطات بين الرئيس ورئيسَي الوزراء والبرلمان.

سعيّد قال إنه اتَّخذ هذه القرارات بـ"التشاور" مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وهو الأمر الذي نفاه الغنوشي لاحقاً.

بينما برّر "سعيد" قراراته "المثيرة" بما قال إنها "مسؤولية إنقاذ تونس"، مشدّداً على أن البلاد "تمر بأخطر اللحظات، في ظل العبث بالدولة ومقدراتها"، حسب قوله.

جاءت قرارات سعيّد إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء، طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة، واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.

"انقلاب على الثورة والدستور"

رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيّد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات مازالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".

الغنوشي أشار في تصريحات إعلامية إلى أنه "مستاء من هذه القرارات"، متابعاً: "سنواصل عملنا، حسب نص الدستور".

كما وصف عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، نور الدين البحيري، القرارات الأخيرة بأنها "انقلاب مروّض" على الدستور والشرعية، منوهاً بأنهم سيتعاطون مع "هذه القرارات المخالفة لأحكام الدستور والانقلاب على مؤسسات الدولة، وسنتخذ إجراءات وتحركات داخلياً وخارجياً لمنع ذلك (سريان تلك القرارات)"، دون ذكر توضيحات بالخصوص.

بخلاف موقف "النهضة" (53 نائباً من أصل 217)، عارضت أغلب الكتل البرلمانية قرارات سعيّد؛ إذ اعتبرها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعداً) "باطلة"، ووصفتها كتلة قلب تونس (29 نائباً) بأنها "خرق جسيم للدستور"، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائباً) ما ترتب عليها، فيما أيدتها فقط حركة الشعب (15 نائباً) (قومية).

جدير بالذكر أنه يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى، شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.

لكن في أكثر من مناسبة، اتهمت شخصيات تونسية دولاً عربية، لاسيما خليجية، بقيادة "ثورة مضادة" لإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، خوفاً على مصير الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.

بينما يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.

إضافة إلى الأزمة السياسية، تواجه تونس موجة وبائية غير مسبوقة عقب تفشي فيروس كورونا، تتسم بانتشار واسع للسلالات المتحورة ألفا ودلتا في معظم الولايات، مع ارتفاع في معدل الإصابات والوفيات، مع تحذيرات من انهيار وشيك للمنظومة الصحية؛ ما استدعى استقبال مساعدات طبية عاجلة من دول عديدة، خلال الأيام الماضية.

تحميل المزيد