قالت وسائل إعلام تونسية، السبت 31 يوليو/تموز 2021، إن قوة أمنية وضعت وكيل الجمهورية السابق للمحكمة الابتدائية بتونس، القاضي البشير العكرمي، تحت الإقامة الجبرية، وذلك تنفيذاً لقرار أصدره وزير الداخلية المكلف رضا غرسلاوي، الذي عيّنه الرئيس قيس سعيد في منصبه الجمعة، بعد قراراته "الاستثنائية" بتجميد البرلمان وحل الحكومة.
مصادر خاصة أكدت لإذاعة موزاييك التونسية أن وحدة أمنية تولت ليلة أمس الجمعة تنفيذ قرار صدر عن وزير الداخلية، بوضع وكيل الجمهورية السابق البشير العكرمي تحت الإقامة الجبرية.
وينصّ القرار على منع العكرمي من مغادرة مقر إقامته لمدّة 40 يوماً قابلة للتجديد، ومنع الاتصال به إلّا عبر وسيلة اتصال نالت "ترخيصاً" من الجهات الرسمية المخولة.
إيقاف عن العمل
ورغم تزامن القرار الأخير مع ما تعيشه تونس من أزمة سياسية أعقبت قرار الرئيس قيس سعيد تجميد البرلمان وحل حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي، فإن قضية القاضي العكرمي، المحسوب على حركة النهضة، والمثير للجدل، بحسب ما وصفته وكالة الأنباء الفرنسية، مستمرة منذ عدة أشهر.
فقبل أسبوعين أوقف مجلس القضاء العدلي في تونس القاضي بشير العكرمي عن العمل، وأحال ملفه إلى النيابة العامة، بعد اتهامه من قِبل رئيس محكمة التعقيب "بالتستر على ملفات متعلقة بالإرهاب".
جاءت هذه التطورات بعدما اتهم العكرمي بالتورط "في التستر على إهمال العديد من الأدلة، سواء في ملفات بلعيد والبراهمي، أو في قضايا أخرى تتعلق بالإرهاب، وتستند في ذلك إلى تقرير صدر عن تفقدية وزارة العدل، في شهر فبراير/شباط الماضي.
يذكر أن هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي نشرت تفاصيل هذا التقرير، رغم أنه سري، وتم استدعاء بشير العكرمي بناء على ذلك. وبعد المداولة لساعات اتُّخذ قرار إيقافه عن العمل وإحالة ملفه إلى النيابة العامة.
أزمة سياسية في تونس
ودخلت تونس أزمة سياسية جديدة بعد أن أعلن الرئيس التونسي، الأحد 25 يوليو/تموز الجاري، قرار تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولّي النيابة العامة بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي؛ وذلك على خلفية فوضى واحتجاجات عنيفة شهدتها عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية.
فيما أضاف الرئيس التونسي، في كلمة متلفزة، عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد، لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014، الذي وزَّع السلطات بين الرئيس ورئيسَي الوزراء والبرلمان.
رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" رئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيّد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات ما زالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".
بخلاف موقف "النهضة" (53 نائباً من أصل 217)، عارضت أغلب الكتل البرلمانية قرارات سعيّد؛ إذ اعتبرتها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعداً) "باطلة"، ووصفتها كتلة قلب تونس (29 نائباً) بأنها "خرق جسيم للدستور"، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائباً) ما ترتب عليها، فيما أيدتها فقط حركة الشعب (15 نائباً) (قومية).
جدير بالذكر أنه يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى، شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.
لكن في أكثر من مناسبة، اتهمت شخصيات تونسية دولاً عربية، لاسيما خليجية، بقيادة "ثورة مضادة" لإجهاض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، خوفاً على مصير الأنظمة الحاكمة في تلك الدول.