أغلقت المحكمة العليا الإسبانية، الخميس 29 يوليو/تموز 2021، التحقيق في دعاوى قضائية تتهم إبراهيم غالي، زعيم "البوليساريو" (جبهة تحرير إقليم الصحراء) بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية، بدعوى أن المحكمة لم تحصل على الأدلة الكافية التي تدينه، وهي التُّهم التي اتهمته بها منظمات مدنية مغربية وإسبانية.
وكان غالي قد تسبب قبل أسابيع في خلاف دبلوماسي بين إسبانيا والمغرب، وذلك على خلفية نقله إلى مدريد للعلاج في مستشفى، وهو يحمل هوية مزورة.
فقد أفادت وثيقة قضائية بأن جماعات حقوقية وأفراداً من الصحراء الغربية اتهموا غالي وزعماء آخرين في جبهة البوليساريو بارتكاب جرائم إبادة جماعية وقتل وإرهاب وتعذيب وإخفاء.
فيما ظهر غالي عن بعد في جلسة بمحكمة، الشهر الماضي، في إطار التحقيق. وقال محاميه إنه نفى ارتكاب أي مخالفة.
المحكمة العليا الإسبانية قضت بأن معظم الوقائع المزعومة ضد غالي سقطت بالتقادم. وقالت إنه لا توجد أدلة كافية لدعم اتهامات الإبادة الجماعية.
جدير بالذكر أن استقبال إسبانيا لغالي من أجل تلقي العلاج في مستشفى بمدينة لوجرونو الشمالية، في أبريل/نيسان، أثار نزاعاً حاداً بين البلدين، بينما ردّ المغرب بتخفيف الرقابة الحدودية، ما سمح لآلاف المهاجرين بدخول جيب سبتة الإسباني.
تحريك للشكاوى
يعود هذا الاستجواب إلى شكوى تشمل "الاعتقال غير القانوني والتعذيب وجرائم ضد الإنسانية"، رفعها العام 2020 فاضل بريكة، المنشق عن جبهة البوليساريو، والحاصل على الجنسية الإسبانية، الذي يؤكد أنه كان ضحية "تعذيب" في مخيمات اللاجئين الصحراوية في تندوف بالجزائر.
كانت هذه الشكوى حُفظت، لكن أعيد فتحها مطلع السنة الحالية، ويعود الملف الثاني إلى العام 2007، وكان قد حُفظ أيضاً وأعيد فتحه مع تواجد زعيم البوليساريو في إسبانيا.
ففي العام 2007 تقدمت بالشكوى الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان، بتهمة ارتكاب "مجازر إبادة" و"اغتيال" و"إرهاب" و"تعذيب" و "إخفاء" في مخيمات تندوف.
وكان القاضي قد رفض مصادرة أوراق غالي الثبوتية، لمنعه من مغادرة إسبانيا كما يطالب مقدمو الشكوى، مشدداً على عدم وجود "مؤشرات واضحة" على "مشاركة" زعيم البوليساريو في الأفعال الواردة في الشكوى الثانية.
كان غالي قد دُعي إلى المثول للمحاكمة في إطار هذه الشكوى العام 2016، عندما كان يفترض أن يتجه إلى إسبانيا للمشاركة في مؤتمر دعم للشعب الصحراوي، لكنه ألغى زيارته في نهاية المطاف.
خلاف قديم
يشهد إقليم الصحراء منذ عام 1975 نزاعاً بين المغرب وجبهة "البوليساريو"، وذلك بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين، توقفت عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.
تقترح الرباط حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها في الصحراء، بينما تدعو جبهة "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم.
لذلك يمثل ملف الصحراء الغربية إحدى أبرز قضايا الخلاف بين الجزائر والمغرب، البلدين اللذين يغلقان حدودهما المشتركة منذ عام 1994 بسبب الخلافات السياسية.
وفي انتظار التوصل إلى حل، يعيش لاجئون صحراويون في مخيمات قرب مدينة تندوف بالجزائر. ويقدَّر عددهم بما بين 100 ألف و200 ألف شخص، في ظل غياب إحصاء رسمي.
يُشار إلى أن المغرب يسيطر على 80% من مساحة الصحراء الغربية، الممتدة على مساحة 266 ألف كيلومتر مربع، مع شريط ساحلي غني بالسمك على مدى 1000 كيلومتر على المحيط الأطلسي. وتتعامل السلطات المغربية مع المنطقة، الغنية بالفوسفات، مثلما تتعامل مع بقية جهات المملكة.
ودعت الأمم المتحدة طرفَي النزاع إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار واستئناف مسار التسوية السياسية، وذلك بعدما توقفت المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، وتشارك فيها أيضاً الجزائر وموريتانيا، منذ ربيع عام 2019.