أجرى وزير الشؤون الخارجية التونسي عثمان الجرندي، الإثنين 26 يوليو/تموز 2021، عدة اتصالات عربية؛ لشرح الأوضاع في بلاده التي تشهد أزمة سياسية غير مسبوقة، في أعقاب القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيس قيس سعيد بشكل مفاجئ، والتي أثارت جدلاً وانقساماً واسعاً في البلاد.
جاء ذلك بحسب مصادر عربية رسمية، غداة قرارات سعيد الخاصة بتجميد نشاط البرلمان، وتولي الرئيس السلطة التنفيذية.
فقد أفادت وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، بأن وزير خارجية بلادها أحمد ناصر المحمد الصباح، تلقَّى اتصالاً هاتفياً من الجرندي، استعرض فيه "كافة التطورات الراهنة التي تشهدها الساحة في تونس".
كما أجرى الجرندي اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية السعودية، فيصل بن فرحان، تطرق إلى "آخر المستجدات وتطورات الأوضاع في تونس"، وفق بيان لخارجية المملكة.
فيما أكد "بن فرحان" خلال الاتصال "حرص المملكة على أمن واستقرار وازدهار تونس، ودعم كل ما من شأنه تحقيق ذلك"، دون موقف صريح من قرارات الأحد.
كذلك، شرح الوزير التونسي خلال اتصال أجراه مع أمين جامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، "الصورة بالكامل عن الوضع السياسي الذي تشهده البلاد"، مُطلِعاً الأخير على "التفاعلات التي أدت إلى صدور القرارات الرئاسية، في ضوء ما شهده الوضع الداخلي من حالة انسداد"، وفق بيان للجامعة.
من جهته، أعرب أبو الغيط عن "دعم الجامعة العربية الكامل للشعب التونسي وتمنياتها لتونس بسرعة اجتياز المرحلة المضطربة الحالية، واستعادة الاستقرار والهدوء، وقدرة الدولة على العمل بفعالية من أجل الاستجابة لتطلعات ومتطلبات الشعب".
بينما لم تصدر بيانات رسمية بشأن تفاصيل المحادثات من الجانب التونسي حتى الساعة الـ18:36 ت.غ.
"قرارات تصعيدية"
كان الرئيس التونسي قد أعلن، مساء الأحد، أنه قرر تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب، وتولي النيابة العمومية بنفسه، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي؛ وذلك على خلفية فوضى واحتجاجات عنيفة شهدتها عدة مدن تونسية تزامناً مع الذكرى الـ64 لإعلان الجمهورية.
فيما أضاف الرئيس التونسي، في كلمة متلفزة عقب ترؤسه اجتماعاً طارئاً للقيادات العسكرية والأمنية، أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس وزراء جديد لم يعلن عن اسمه، الأمر الذي يُعدّ أكبر تحدٍّ منذ إقرار الدستور في 2014 الذي وزع السلطات بين الرئيس ورئيسي الوزراء والبرلمان.
سعيد قال إنه اتخذ هذه القرارات بـ"التشاور" مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، وهو الأمر الذي نفاه الغنوشي لاحقاً.
بينما برّر "سعيد" قراراته "المثيرة" بما قال إنها "مسؤولية إنقاذ تونس"، مشدّداً على أن البلاد "تمر بأخطر اللحظات، في ظل العبث بالدولة ومقدراتها"، حسب قوله.
جاءت قرارات سعيد، إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء؛ طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.
"انقلاب على الثورة والدستور"
رداً على تلك القرارات، اتهم راشد الغنوشي، زعيم حركة "النهضة" ورئيس البرلمان التونسي، الرئيسَ قيس سعيد بالانقلاب على الثورة والدستور، مضيفاً: "نحن نعتبر المؤسسات مازالت قائمة، وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة".
الغنوشي أشار في تصريحات إعلامية، إلى أنه "مستاء من هذه القرارات"، متابعاً: "سنواصل عملنا، حسب نص الدستور".
كما وصف عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، نور الدين البحيري، القرارات الأخيرة بأنها "انقلاب مروّض" على الدستور والشرعية، منوهاً إلى أنهم سيتعاطون مع "هذه القرارات المخالفة لأحكام الدستور والانقلاب على مؤسسات الدولة، وسنتخذ إجراءات وتحركات داخلياً وخارجياً لمنع ذلك (سريان تلك القرارات)"، دون ذكر توضيحات بالخصوص.
بخلاف موقف "النهضة" (53 نائباً من أصل 217)، عارضت أغلب الكتل البرلمانية قرارات سعيد؛ إذ اعتبرها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعداً) "باطلة"، ووصفتها كتلة قلب تونس (29 نائباً) بأنها "خرق جسيم للدستور"، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائباً) ما ترتب عليها، فيما أيدتها فقط حركة الشعب (15 نائباً) (قومية).