اتهم تقرير أصدرته مؤسسة إسرائيلية قوات الاحتلال الإسرائيلية بالتواطؤ في "التصعيد الحاد" للعنف الذي يرتكبه المستوطنون ضد فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد تدوينها شهادات لجنود إسرائيليين سابقين.
صحيفة The Independent البريطانية نشرت الخميس 22 يوليو/تموز 2021، التقرير الذي أصدرته منظمة "كسر الصمت"، وهي مؤسسة إسرائيلية معنية بنشر انتهاكات جنود الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في المناطق المحتلة بعد 1967.
وفي تقريرها الجديد، قالت المؤسسة إن الجيش الإسرائيلي بات له تورط أكبر في الحفاظ على نوع من "بيئة العنف" في الأراضي الفلسطينية المحتلة لأنه يوفر "غطاء حماية" للمستوطنين الذين أصبحوا أشد عدوانية.
بحسب المدير بمنظمة "كسر الصمت"، أوري جعفاتي، فإن تقريرهم الصادر حديثاً، يتضمن 36 شهادة من جنود إسرائيليين سابقين تعود فترات خدمتهم إلى عام 2012، يوضح "أن الحكومة الإسرائيلية والجيش لم يتحركوا أو يُبدو إرادة للتحرك من أجل منع المستوطنين من الهجوم" على الفلسطينيين.
وقال جعفاتي: "لقد كان ذلك جزءاً من مهمة استراتيجية مُحكمة التخطيط لخدمة المستوطنين في الاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية".
تقرير آخر
تشير بيانات أخرى واردة عن الأمم المتحدة، وجمعتها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم"، إلى زيادة ملحوظة في أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون حالياً مقارنة بالسنوات السابقة.
بحسب "بتسيلم"، سجَّلت البيانات الواردة زيادةً بنسبة 30% في الهجمات التي شنها المستوطنون الإسرائيليون خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021 مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وقالت المنظمة إن هذا التصعيد "نُفِّذ بتعاون لا ينفك يتزايد من قوات الأمن الإسرائيلية وبدعمٍ كامل من السلطات الإسرائيلية".
في غضون ذلك، كشفت الإحصاءات التي نشرها "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (OCHA) تزايداً في عدد الفلسطينيين الذين أُصيبوا إما على يد مستوطنين أو باستهداف من أفراد قوات الأمن الإسرائيلية في هجمات شُنَّت خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، مقارنةً بعام 2020 بأكمله. كما أنها تعادل الإجمالي السنوي لعدد الهجمات في عام 2019 بأكمله.
يتزامن هذا التصاعد في مستوى العنف مع تزايد واضح للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، على وجه الخصوص، وهو ما يبرزه الارتفاع في عدد البؤر الاستيطانية الإسرائيلية، التي تعتبر غير قانونية بموجب القانونين الدولي والإسرائيلي، وفقاً لمنظمة "السلام الآن" الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ذلك، قالت منظمة "كسر الصمت"، إن تقريرها يسلط الضوء على إفلات المستوطنين من العقاب القانوني، وعدم وجود أوامر واضحة للجنود فيما يتعلق بإدارة المستوطنين. وتوثِّق الشهادات الواردة في التقرير عدة حالات من العنف تجاه الفلسطينيين، منها الحرق المعتمد والسرقة والاعتداء الجسدي وإطلاق النار.
وقال جعفاتي، وهو جندي سابق ومسؤول بمنظمة كسر الصمت: إن "عنف المستوطنين لا يأتي من فراغ، إنهم أكبر مشروع إجرامي في إسرائيل، وهم ليسوا فقط محصنين من العواقب، بل يتلقون تبنياً من الجيش والحكومة".
عنف متزايد
يأتي ذلك في الوقت الذي طالب نحو 100 جندي إسرائيلي خدموا في الضفة الغربية المحتلة، الأسبوع الماضي، وزيري الدفاع بيني غانتس والأمن الداخلي عومر بارليف، بوقف عنف المستوطنين المستعِر منذ سنوات بدعم ضمني من الدولة الإسرائيلية.
جاء ذلك في رسالة بعث بها، الثلاثاء 13 يوليو/حزيران 2021، الجنود الذين أنهوا خدمتهم العسكرية مؤخراً إلى غانتس وبارليف، بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي.
حيث قال الجنود في رسالتهم: "ندعوكم نحن الموقعين أدناه، جنود ومجندات خدموا في الضفة إلى العمل الآن وبحزم ضد ظاهرة عنف المستوطنين".
فيما أضافت الرسالة: "في العام الماضي تعاظمت الظاهرة وتجلت بما في ذلك في تخريب وتدمير ممتلكات ورمي الحجارة والعنف الجسدي تجاه الفلسطينيين، وكذلك الهجوم على النشطاء وقوات الأمن.. الآن مسؤوليتكم".
وحمّل الجنود في رسالتهم غانتس وبارليف مسؤولية التصدي لعنف المستوطنين، متابعين: "نحن مَن خدم هناك، ورأينا كيف يبدو هذا العنف على الأرض".
في حين ختموا رسالتهم بالقول: "نحن مَن أُرسلنا للدفاع عنهم، ولكن لم نحصل على أدوات للتصدي لهم".
ولاحقاً، قال الموقعون على الرسالة، في بيان لوسائل الإعلام، إن معطيات وزارة الدفاع الإسرائيلية تظهر أنه في عام 2020 تم الإبلاغ عن نحو 370 حادث عنف من قبل مستوطنين في الضفة الغربية، 42 منها ضد عناصر الشرطة والجنود الإسرائيليين، بحسب صحيفة "معاريف" العبرية.
يشار إلى أن المستوطنين في الضفة الغربية يتعمدون إتلاف المحاصيل الزراعية، وإحراق الأشجار المثمرة والمعمرة في الأراضي والقرى الفلسطينية المحاذية للمستوطنات، إضافة إلى منع أصحابها من الوصول إليها لجني محاصيلهم والاعتداء عليهم بالضرب.