ذكرت وكالة Bloomberg الأمريكية، الثلاثاء 20 يوليو/تموز 2021، أن عدداً كبيراً من الشاحنات تصطف لساعات على الحدود بين السعودية والإمارات؛ حيث يجد بعض المُصنِّعين الدوليين بضائعهم عالقة في تنافس اقتصادي متنامٍ زاد من تكلفة مزاولة الأنشطة الاقتصادية وعقَّد خطط النمو، بسبب شروط تفرضها الرياض.
حسب تقرير للوكالة الأمريكية، فقد فرضت السعودية، خامس أكبر شريك تجاري للإمارات، قواعد جديدة تستبعد البضائع المصنوعة في المناطق الحرة من ترتيبات التعريفة التفضيلية الرامية لتسهيل حرية تدفق البضائع بين الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
ارتباك كبير
يقع التأثير الأكبر لهذه الإجراءات على بعض الشركات التي تعمل انطلاقاً من المناطق الحرة في الإمارات، التي تضم مركز الأعمال في الشرق الأوسط دبي، وهي بالفعل تؤثر على علاقات تجارية ثنائية بلغت قيمتها العام الماضي 15.26 مليار دولار.
في هذا السياق، يقول رئيس شركة نقل إقليمية ومدير في إحدى شركات الشحن الدولية إنَّ الارتباك بشأن القواعد يؤدي إلى تأخر حصول الشاحنات على التصاريح على الحدود منذ دخلت هذه القواعد حيز التنفيذ في 9 يوليو/تموز، وجرى بالفعل رد بعض الشحنات.
المتحدث نفسه أكد أن حجم الشحنات المتجهة من الإمارات إلى السعودية تراجع بصورة كبيرة نتيجة لذلك.
كما شدد على أن السلطات السعودية تبحث في منتجات المناطق الحرة على المنتجات التي عليها طابع "صُنِعَ في الإمارات" لكنَّها لا تحمل قيمة إنتاجية مضافة للإمارات. ولا بد أن تستوفي الشركات متطلبات من بينها أن تضم قوة العمل 10-25% من المواطنين لتجنُّب الرسوم، وهو أمر من الصعب جداً على أي شركة تحقيقه في الإمارات، التي يمثل المغتربون 90% من السكان فيها.
ضغوط سعودية على أبوظبي
في حين نجحت الجارتان الخليجيتان، في الوقت الراهن، في إنهاء الجمود حول السياسة النفطية الذي عصف بأسواق الطاقة في الأسابيع الأخيرة، تشير الاحتكاكات في التجارة أنَّ التنافس الأوسع نطاقاً بينهما لم ينحسر بعد.
إلى جانب الإجراءات الأخيرة، زادت السعودية الضغط على الشركات الدولية لنقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة، في تحدٍّ مباشر لدبي والشركات التي اختارتها مقراً لها لخدمة المنطقة الأوسع نطاقاً، والتي يمكن أن تكون مزاولة الأنشطة الاقتصادية فيها أكثر تعقيداً.
إذ قال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، في وقتٍ سابق هذا الشهر، يوليو/تموز، إنَّ القواعد التجارية السعودية، التي جرى التخطيط لها قبل وقت طويل من الخلاف الأخير مع الإمارات حول إنتاج النفط، تهدف لدعم التصنيع المحلي في الخليج.
والمناطق الحرة هي مناطق يُسمَح فيها للشركات بالعمل في ظل مجموعة مختلفة من القواعد التنظيمية عن بقية البلد، ومثَّلت ركيزة خاصة للنمو الاقتصادي في الإمارات. ويأتي التغيير في وقتٍ تعتزم فيه السعودية إقامة شبكتها الخاصة من المناطق الحرة بهدف تنويع اقتصادها وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وفي إشارة إلى مدى الجدية التي بات عليها التنافس، زار الحاكم الفعلي للإمارات السعودية أمس، الإثنين 19 يوليو/تموز، حيث قالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إنَّه ناقش مع نظيره السعودي سبل تعزيز التعاون الثنائي ومواجهة التحديات الإقليمية.
صُنِعَ في الإمارات
بالنسبة لشركات مثل مجموعة "Yasar Holding" التركية التي تملك العلامة التجارية في مجال منتجات الألبان "Pinar" والتي تُصنِّع في الإمارات عبر شركة محلية، زادت تكلفة الشحن إلى السعودية. وقال شخص على معرفة مباشرة بالمسألة إنّ السياسات الجديدة َتؤثر على أنشطة Yasar وخططها في المنطقة.
واختارت الشركة في 2019 الإمارات مكاناً تصنع فيه منتج "اللبنة" خاصتها، وعينها على التصدير إلى السعودية، وهو سوق أكبر بكثير. وقد قامت بهذا التغيير لأنَّ خلافاً سعودياً إماراتياً منفصلاً مع قطر، وهو الخلاف الذي انتهى في وقتٍ سابق من هذا العام، صعَّب عملية بيع منتجها في السعودية. وقال الشخص إنَّ نشاط الشركة يصطدم الآن مجدداً مع التنافسات الإقليمية.
لم تتخذ دول الخليج الأخرى حتى الآن أي إجراءات مُعلَنة رداً على التغييرات السعودية، ولو أنَّ العديد منها لديه مناطق حرة ويُنتَظَر أن تتضرر.
ففي الإمارات، ساهمت منطقة تجارية ولوجستية حرة في ميناء جبل علي على تحويل دبي إلى مركز تجاري عالمي. ووفقاً لموقع المنطقة الحرة، أسست أكثر من 8 آلاف شركة، من بينها شركات متعددة الجنسيات، عمليات في جبل علي منذ تأسيس المنطقة الحرة في الثمانينيات.
وقال مسؤول تنفيذي في شركة أطعمة ومشروبات مقرها الخليج إنَّ الأمر استغرق يومين لحل المشكلات على الحدود حين أوقفت سلطات الجمارك السعودية شاحنات الشركة بسبب القواعد الجديدة. وطُلِبَ من الشركة دفع 10% إضافية للاستيراد، والتي جرى استردادها مجدداً بمجرد أن أثبتت الشركة استيفاءها للمتطلبات الجديدة.