بدأ عدد من المعلقين الموالين للحكومة السعودية في انتقاذ الإمارات بشكل علني على خلفية دورها باليمن، وذلك في تحرك نادر يعكس التوتر السياسي والاقتصادي بين الحليفين الخليجيين والذي أدى أيضاً إلى مواجهة علنية حول السياسة النفطية.
وتحاول السعودية احتواء صراع على السلطة في جنوب اليمن بين الحكومة المعترف بها والمدعومة من الرياض، والجماعة الانفصالية الرئيسية المدعومة من الإمارات والذي يهدد بتوسيع حرب تسعى السعودية جاهدة للخروج منها.
تغريدات غير مسبوقة
فقد قال الكاتب السياسي سليمان العقيلي، الذي يعبر عادة عن المواقف الرسمية السعودية، في تغريدة على تويتر، السبت 17 يوليو/تموز 2021: "إذا لم تساعد أبوظبي في تنفيذ اتفاق الرياض المتعلق بأزمة جنوب اليمن وظلت على حالها في تعطيله، فأعتقد أن العلاقات السعودية الإماراتية ستظل تحت الاختبار!".
كما كتب عبدالله آل هتيلة، مساعد رئيس تحرير صحيفة "عكاظ" السعودية شبه الرسمية، على تويتر: "المملكة، حكومةً وشعباً، لن تسمح لكائنٍ من كان، أن يعبث بأمن اليمن للإضرار بأمنها، فإن طال صبرها فله حدود".
يُذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي تخضع لرقابة وثيقة من قِبل السلطات في منطقة الخليج، ويمتنع المعلقون الموالون للحكومة في السعودية عادةً عن انتقاد حلفاء المملكة.
وأكدت وكالة "رويترز" للأنباء أنها حاولت الحصول على تعليق من الرياض وأبوظبي حول الأمر، لكنها لم تتوصل بأي رد من الجانبين.
خلافات عميقة بين البلدين
الإمارات عضو في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض والذي تدخَّل في اليمن في 2015 ضد جماعة الحوثي، المتحالفة مع إيران، بعدما طردت الحكومة من العاصمة صنعاء.
وكانت أبوظبي قد أنهت وجودها العسكري هناك في 2019، مُحمِّلة الرياض عبءَ حرب مُكلِّفة لا تتمتع بشعبية، لكنها لا تزال تحظى بنفوذ كبير من خلال مقاتلين يمنيين سلَّحتهم ودربتهم.
من بين هؤلاء المقاتلين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وهم أيضاً أعضاء في التحالف، والذين سيطروا مرتين على مدينة عدن الساحلية بجنوب البلاد وهي المقر المؤقت للحكومة المدعومة من السعودية؛ مما دفع الرياض إلى التوسط في اتفاق لتقاسم السلطة لم يُنفذ كاملاً بعد.
ويأتي انتقاد المعلقين بعد خلاف علني بين الرياض وأبوظبي عرقل تحديد مجموعة أوبك+، التي تضم منظمة أوبك وحلفاءها، السياسة النفطية. وتوصلت المجموعة إلى اتفاق على زيادة إمدادات النفط عندما اجتمعت مجدداً، الأحد 18 يوليو/تموز 2021، بعد توصل البلدين الخليجيين المنتجَين للنفط إلى تفاهم.
لكن محللين يقولون إن التنافس الاقتصادي المتنامي يكشف عن خلافات بين السعودية والإمارات مع تحرُّك المملكة لتحدي هيمنة جارتها بوصفها مركز الأعمال والتجارة والسياحة في المنطقة.
وضعف التحالف الإقليمي بين السعودية والإمارات بعد أن برزت المصالح الوطنية إلى الواجهة. وكان البلدان قد وحَّدا قواهما لتعزيز وضعهما في منطقة الشرق الأوسط وخارجها ومحاربة الجماعات الإسلامية.
السعودية أوقفت هجماتها على اليمن
فقد أعلن التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن، في العاشر من يونيو/حزيران الماضي، تعليق العمليات التي تستهدف الحوثيين في اليمن؛ من أجل إفساح المجال أمام إيجاد حل سياسي للنزاع الدامي في البلد الذي يعاني من الفقر، وذلك بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة وواشنطن وعواصم إقليمية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين أطراف النزاع.
ونقلت وكالة "فرانس برس" الفرنسية تصريحاً للمتحدث باسم التحالف العميد الركن تركي المالكي، قال فيه إن التحالف قرر "عدم القيام بأي عملية، بهدف تهيئة الأجواء السياسية للمسار السلمي".
بينما تقول الوكالة الفرنسية، إن مراسلها في صنعاء سمع دوي انفجارات بالعاصمة الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، وبينما شاهد مصوِّر الوكالة الدخان يتصاعد من عدّة مواقع، سارع التحالف إلى تأكيد عدم وقوفه خلف أي منها.
المتحدث باسم التحالف أكد في المناسبة نفسها، أنه "لم يتم تنفيذ عمليات عسكرية بمحيط صنعاء وأي مدينة يمنية أخرى خلال الفترة الماضية".