حقق حزب الازدهار الإثيوبي، بزعامة رئيس الوزراء آبي أحمد "فوزاً ساحقاً" بمعظم المقاعد في الانتخابات البرلمانية، ليضمن فترة ثانية في المنصب، وشرعية سياسية جديدة، في ظل عمليات عسكرية مستمرة في إقليم تيغراي، وصراع سياسي مع دول النيل حول سد النهضة.
وأعلنت لجنة الانتخابات، السبت 10 يوليو/تموز 2021، النتائج شبه النهائية للانتخابات البرلمانية في إثيوبيا، التي عُقدت في 21 يونيو/حزيران، حيث حقق حزب آبي أحمد 410 مقاعد من إجمالي 432 مقعداً برلمانياً.
من جانبه، أشاد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مساء السبت، بنتائج الانتخابات التشريعية التي وصفها بأنها "تاريخية"، بعدما منحت حزبه الحاكم غالبية ساحقة، مشيراً إلى أن حزبه "سعيد بأن إرادة الشعب اختارته لإدارة البلاد".
انتخابات في ظروف معقدة
ورغم أن هذه الانتخابات من المفترض أن تكون أول انتخابات حرة ونزيهة في إثيوبيا بعد عقود من الحكم القمعي، فإن الحرب في إقليم تيغراي شمالي البلاد، والعنف العرقي، ومشكلات لوجستية خيمت على الانتخابات في بعض المناطق. ولم تشارك ثلاثة أقاليم من عشرة في إثيوبيا في التصويت.
كما أن وثائق نشرتها اللجنة لاحقاً أوضحت أنّه ينبغي إعادة عملية التصويت في عشر دوائر، وإعادة فرز الأصوات في ثلاث أخرى.
فيما قال زعيم المعارضة برهانو نيجا إن حزبه "المواطنون الإثيوبيون من أجل العدالة الاجتماعية" قدم 207 تظلمات في النتائج، بعدما منع مسؤولو الانتخابات ومسلحون المراقبين في بعض المناطق من ممارسة أعمالهم.
كما تأتي هذه الانتخابات في وقت تدهور رصيد آبي كإصلاحيّ وصانع للسلام، بسبب أعمال العنف السياسية القبليّة والحملة العسكريّة التي شنّها على إقليم تيغراي.
وأراد رئيس الوزراء الحائز جائزة نوبل للسلام العام 2019، أن يحصل على تفويض شعبي لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، على وقع عمليات عسكرية مستمرة في إقليم تيغراي (شمال) منذ ثمانية أشهر، وحيث تُتّهم القوات الحكومية بارتكاب مجازر وانتهاكات لحقوق الإنسان، وفي ظل خلاف سياسي مع دول النيل مصر والسودان حول سد النهضة وملئه الثاني دون اتفاق مسبق.
وحُدّد السادس من سبتمبر/أيلول موعداً لإجراء الانتخابات في الدوائر التي لم يتسنّ ذلك فيها، لكن لم يتم تحديد موعد لمنطقة تيغراي، التي بدأت فيها العمليات العسكرية، في نوفمبر/تشرين الثاني، لإسقاط السلطات الإقليمية الانفصالية، وسرعان ما تحولت نزاعاً مدمّراً.
اعتقالات ومقاطعة
وفي بعض المناطق التي شملتها الانتخابات كانت الحملة الانتخابية فيها شبه غائبة، ولاسيّما في تلك التي شهدت مقاطعة واسعة.
ففي أوروميا، المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالسكان، والتي ينحدر منها آبي، قاطعت الانتخابات أحزاب المعارضة الرئيسية، مندّدة باعتقال بعض مرشّحيها وبنهب مكاتب آخرين.
وكانت المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان، وهي هيئة مستقلّة لكن مُلحقة بالحكومة، قالت في تقرير أولي إنّ الانتخابات لم تشُبها "انتهاكات جسيمة أو واسعة النطاق أو ممنهجة".
لكنّ المفوضية لفتت إلى أنّه في بعض الدوائر الانتخابية حدثت "اعتقالات غير مناسبة"، وعمليات ترهيب و"مضايقات" لمراقبين وصحفيين قبل التصويت وبعده.
وفي منطقة أوروميا، لاحظت المفوّضية الإثيوبية لحقوق الإنسان وقوع "جرائم قتل" في "الأيام التي سبقت التصويت".
وتقدّمت الحركة الوطنية للأمهرة، وهي حزب معارض، بعدد من الشكاوى إلى مفوضية الانتخابات.
وقال العضو في الحركة ديسالين تشاني لوكالة فرانس برس، إنّ "العديد من مراقبينا تعرّضوا للضرب والطرد من قبل ميليشيات الحزب الحاكم".
من جهته، قال أديسو لاشيتو، المحلّل في معهد بروكينغز في واشنطن، إنّه حتى وإن تمثّلت المعارضة في البرلمان ببعض النواب فسيشكّل ذلك تقدّماً، الأمر الذي من شأنه أن يقلّل من مخاطر عدم الاستقرار في البلاد.
وأضاف "يحتاج الناس، وبخاصة الشباب، إلى الاستماع إليهم، لذا يجب أن يكون لهم صوت في العملية السياسية"، حتى لو ظل تأثيرهم ضعيفاً.
في ذلك الوقت، قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، إنها "قلقة للغاية بشأن البيئة" التي تُجرى في ظلها الانتخابات الإثيوبية، وفقاً لتقرير سابق لشبكة CNN.
وتابع البيان: "اعتقال السياسيين المعارضين ومضايقة وسائل الإعلام المستقلة… والعديد من النزاعات العرقية والطائفية في جميع أنحاء إثيوبيا هي عقبات أمام عملية انتخابية حرة ونزيهة".
وقال بيان مماثل من دول الاتحاد الأوروبي، إن التصويت يحدث في "ظروف إشكالية". وكان الاتحاد الأوروبي قد سحب بعثته لمراقبة الانتخابات إلى إثيوبيا في مايو/ أيار، مشيراً إلى موقف الحكومة غير المتعاون في الوفاء "بالمتطلبات المعيارية" المتعلقة بأمن واستقلال مجموعة المراقبين.