أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة، مساء السبت 3 يوليو/تموز 2021، أنه لا يمكن السماح بعودة الحرب والخلاف مرة أخرى في البلاد، داعياً جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة، والتوافق حول صيغة لإجراء الانتخابات المقررة في ديسمبر/كانون الأول 2021.
جاء ذلك في بث مصور مباشر عبر منصة "حكومتنا" الإلكترونية، أجاب فيه الدبيبة عن أسئلة مواطنين رصدتها المنصة عبر تعليقاتهم على إعلان ترويجي لبثِّ يظهر فيه رئيس الحكومة.
حيث قال الدبيبة: "عنواننا واضح، عنواننا السلم ولا حرب وعدم التدخل في ليبيا"، مضيفاً: "منذ 10 سنوات (الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011) ندخل في حروب ليس لدينا فيها لا ناقة ولا جمل".
الدبيبة أضاف: "كثير من الأصوات تتعالى بالحرب والتهديد بالقوة اليوم وأمس وأول من أمس".
يشار إلى أنه في 16 مارس/آذار الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلساً رئاسياً، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية، في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
"جهات خارجية"
في حين ذكر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية أنه "لا يمكن أن نكون تحت سيطرة أي جهة داخلية مدعومة من الخارج ويأخذون أموالاً خارجية ويحاربوننا ويفتحون حروباً هنا في ليبيا"، لافتاً إلى أن ملف ليبيا في السنوات الماضية كان بالكامل في يد الخارج، وفق قوله.
إلا أنه استدرك بالقول: "الآن أي حل بالنسبة لليبيا في الملف الخارجي لا بد أن يمر على ليبيا قبل (أولاً)"، مشدّداً على أنهم استعادوا هيبة الدولة الليبية في مؤتمر "برلين 2″، وعرضوا مبادرة في هذا الصدد.
كانت الحكومة الليبية قد طرحت خلال هذا المؤتمر الدولي حول ليبيا، في 23 يونيو/حزيران الماضي، مبادرة باسم "استقرار ليبيا"، من أجل إجراء مصالحة وطنية وتوحيد الجيش من دون انحياز لأي طرف.
أما بخصوص السيادة على الأرض، فقال الدبيبة إن "الأرض لليبيين وللشعب الليبي كافة، ولا يمكن أن يحتكرها أي جيش أو أي مجموعات مسلحة أو غير مسلحة".
مشروع الميزانية العامة
كما توقع الدبيبة أن يقوم مجلس النواب باعتماد مشروع الميزانية العامة للبلاد لعام 2021، يوم الإثنين 5 يوليو/تموز الجاري.
يُذكر أن ثمة تباينات عديدة بين الحكومة والبرلمان بشأن مشروع الميزانية، وهو ما يعطل إقرارها منذ أبريل/نيسان الماضي.
على أثر ذلك، علّق البرلمان قبل أيام، جلسته المخصصة لاعتماد مشروع الميزانية إلى الإثنين المقبل؛ لمثول الحكومة أمامه.
"حكم الاستبداد"
في سياق متصل، أعلنت مؤسسات سياسية وحزبية وعسكرية في ليبيا، السبت، رفضها تمرير أي قاعدة دستورية للانتخابات المقبلة، تسمح بعودة البلاد إلى حكم الفرد والاستبداد، عبر السماح بترشح "من كان سبباً في إراقة دماء الليبيين".
هذه المواقف تم التعبير عنها في بيانات لكل من رئيس المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) خالد المشري، وحزب "العدالة والبناء"، وقوة حماية غرب طرابلس (تابعة للجيش)، غداة إعلان فشل ملتقى الحوار السياسي بجنيف، في التوصل إلى توافق حول قاعدة دستورية تُجرى على أساسها الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
إذ قال المشري، في بيان عبر صفحته على فيسبوك، إن الحوار تعثر بسبب "محاولة فرض انتخابات دون شروط محددة للترشح كمنع ترشح العسكريين ومن يحملون جنسيات دول أجنبية"، متابعاً: "انزع البذلة العسكرية (يقصد حفتر) وتخلَّ عن الجنسية الأجنبية (أمريكية) وسوِّ وضعك القانوني مع جرائم الحرب، لكنك ستُهزم بصناديق الاقتراع كما هُزمت بصناديق الذخيرة".
شروط الترشح للرئاسة
جدير بالذكر أن ثمة تخوفات في ليبيا من تمرير قاعدة دستورية بلا شروط للترشح، بما يسمح بأن يترشح للرئاسة حفتر الذي قاد الميليشيا التي قاتلت لسنوات، حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دولياً.
من جهته، ذكر حزب "العدالة والبناء"، في بيان عبر صفحته على فيسبوك، أن "ملتقى الحوار السياسي والنتائج المترتبة عنه، تتطلب مشاركة سياسية جامعة لكل القوى والتيارات السياسية الوطنية دون إقصاء"، مشيراً إلى أن هذا ما يتطلع إليه الحزب "بما يحقق بناء دولة مدنية مستقرة ترفع معاناة الشعب، وترفض العودة للاستبداد وحكم الفرد".
في حين طالب الحزب البعثة الأممية بـ"الاستمرار في مسعاها لعقد ملتقى الحوار في أقرب وقت ممكن، مع الإعداد لهذا اللقاء بشكل أفضل والتركيز فيه على خارطة الطريق المعتمدة".
فيما تنص خريطة الطريق المعتمدة سابقاً، برعاية الأمم المتحدة، على إجراء استفتاء على مشروع مسودة الدستور قبل الانتخابات، لكن فريقاً ليبيّاً يدعو إلى تأجيل الاستفتاء إلى ما بعد الانتخابات، واعتماد قاعدة دستورية مؤقتة، بسبب ضيق الوقت ووجود عقبات لوجيستية.
كذلك، أعلنت قوة حماية غرب طرابلس، في بيان، "رفضها التام لأي مقترحات أو مخرجات، من شأنها السماح بترشح من كان سبباً في إراقة دماء الليبيين (تقصد حفتر) ومن يعتبر منقلباً على السلطة الشرعية في البلاد"، مشدّدة على ضرورة "أن تجرى الانتخابات القادمة وفقاً لما يرتضيه الليبيون بعد الاستفتاء على مشروع الدستور".
يشار إلى أن ليبيا، البلد الغني بالنفط، عانت لسنواتٍ صراعاً مسلحاً، فبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت ميليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دولياً.
رغم انتخاب سلطة انتقالية جديدة، فإن حفتر لا يزال يعمل بمعزل عن الحكومة الشرعية، ويقود ميليشيا مسلحة، ويسيطر على مناطق عديدة، ويطلق على نفسه اسم "القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية"، منازعاً المجلس الرئاسي في صلاحياته.