جددت الولايات المتحدة الأمريكية، الخميس 1 يوليو/تموز 2021، التأكيد على أنه ليس هناك "أي تغيير" في موقفها بخصوص "الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء"، وفق ما نشرته وكالة الأناضول الجمعة 2 يوليو/تموز.
إذ قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، خلال مؤتمر صحفي، إن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء "سيظل موقف إدارة الرئيس جو بايدن"، حسب وكالة الأنباء المغربية الرسمية.
كما شدد المسؤول الأمريكي، وفق ما نشره الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، على أنه "ليس هناك أي تغيير" حول هذه القضية.
في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب اعتراف بلاده بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، وفتح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة في الإقليم المتنازع عليه بين الرباط وجبهة "البوليساريو".
الرباط وموقف بايدن من الصحراء
في وقت سابق كشفت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن المغرب ينتظر موقف الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، من الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، وأيضاً إتمام عملية فتح قنصلية الولايات المتحدة في مدينة الداخلة، ليُنفذ اتفاقيات التطبيع، أهمها فتح خط طيران مباشر بين تل أبيب والدار البيضاء.
الإعلان المشترك بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل كان قد أكد على قيام كل طرف بالتنفيذ الكامل لالتزاماتِه قبل نهاية شهر يناير/كانون الثاني 2021، إلا أنه لم يتم فتح مكاتب اتصال إسرائيلية في المغرب، ولا حتى استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين الطرفين، ولا إتمام فتح القنصلية الأمريكية في مدينة الداخلة جنوب المغرب.
الرئيس الأمريكي جو بايدن لم يصدر عنه أي موقف لحد الآن بخصوص اعتراف سلفه دونالد ترامب بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، وإعلانه عزم فتح قنصلية للولايات المتحدة الأمريكية بمدينة الداخلة، رغم أن هذه الخطوة لم تتم لحد الآن.
بايدن مفتاح السر
يسعى المغرب إلى تحصين قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب القاضي بالاعتراف بسيادته على إقليم الصحراء وعدم التراجع عنه، لذلك كان يدفع في اتجاه فتح القنصلية الأمريكية في مدينة الداخلة قبل مغادرة دونالد ترامب لسدة الحكم، وفرض سياسة الأمر الواقع على إدارة جو بايدن، إلا أن هذه العملية لم تتم.
بينما اكتفى مساعد وزير الشؤون الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد شينكر، في 10 يناير/كانون الثاني 2021 بزيارة لإحدى البنايات بمدينة الداخلة، اقترحها المغرب لكي تحتضن مقر القنصلية الأمريكية المرتقبة، دون أن يُعلن عن الافتتاح الرسمي لهذه المؤسسة الدبلوماسية.
في الوقت الذي أكد فيه ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، أن مسطرة افتتاح القنصلية الأمريكية في الداخلة جارية، ربطت مصادر دبلوماسية مغربية لـ"عربي بوست" بين إقدام المغرب على فتح مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط، وبدء الرحلات الجوية بين الدار البيضاء وتل أبيب بافتتاح الولايات المتحدة الأمريكية قنصليتها بالداخلة.
وكشفت المصادر ذاتها أن المغرب أخر تنفيذ اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل إلى ما بعد تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتأكد من تبنيه قرار الاعتراف بمغربية الصحراء، الذي أصدره سلفه دونالد ترامب.
القنصلية مقابل فتح السفر ومكتب الاتصال
يبدو أن المغرب يحسب خطواته جيداً، إذ نجح لأول مرة في استقبال مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى في الصحراء هما: ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والسفير الأمريكي بالرباط ديفيد فيشر، اللذين نظما مؤتمراً وزارياً الأسبوع الماضي بشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية بحضور 40 دولة من أجل دعم مبادرة الحكم الذاتي، التي يقترحها المغرب كحل لإنهاء النزاع الدائر حول إقليم الصحراء مع جبهة البوليساريو.
حسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصادر مؤكدة، فإن التحركات التي قام بها المغرب تهدف إلى تحصين قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وضمان عدم العودة للوراء، وفي نفس الوقت عدم التسرع في تنفيذ الاتفاقيات مع إسرائيل إلى حين معرفة موقف الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن.
إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بالكلية متعددة التخصصات في تازة، قال إن "تقدم المغرب في تطبيع العلاقات مع إسرائيل مشروط بتنفيذ أمريكا التزاماتها، خصوصاً فيما يتعلق بقضية فتح قنصلية عامة لها في مدينة الداخلة إحدى أكبر مدن الصحراء".
يرى حمودي في حديثه مع "عربي بوست" أن "الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل وأمريكا تضمن التزامات متبادلة، إنجاز أي منها مشروط بإنجاز البعض الآخر، كما أن إقحام إسرائيل في الاتفاق من قِبل الأمريكيين وضع المغرب الرسمي في حرج وعدم اتساق في الموقف من قضية فلسطين التي صرّح بأنها قضيته أيضاً".