على ما يبدو فإن الفصائل المسلحة العراقية الشيعية الموالية لإيران، وقادة الحرس الثوري، عازمون على استكمال هدفهم بطرد القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي العراقية.
وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من قادة شبه عسكريين وسياسيين، فإن هذه المرة ليست الأولى، التي تضع فيها الفصائل المسلحة خطة جديدة لهذا الاستهداف بالتعاون مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
اجتماع معسكر أشرف
خلال اليومين الماضيين، اجتمع عدد كبير من قادة الحرس الثوري، على رأسهم قائد فيلق القدس التابع للحرس وخليفة الجنرال الراحل قاسم سليماني، إسماعيل قاآني، مع قادة الفصائل المسلحة الشيعية العراقية، وعدد من الساسة العراقيين الشيعة الموالين لإيران، في معسكر أشرف بمحافظة ديالى بالعراق.
وقال قائد شبه عسكري في فصيل كتائب سيد الشهداء، اختار عدم ذكر اسمه، لـ"عربي بوست": "اجتمعنا بشكل موسع مع جميع قادة الفصائل، وقادة الحرس الثوري الإيراني، لبحث الخطط الجديدة لطرد جميع القوات الأمريكية من الأراضي العراقية".
وأضاف المتحدث الذي ينتمي إلى كتائب سيد الشهداء، وهو الفصيل المسلح الشيعي المقرب من إيران، وينضوي تحت مظلة وحدات الحشد الشعبي العراقي، أن "الفصيل هذه المرة مصمم على أن يكون انسحاب قوات العدوان قريباً وسريعاً".
ضم هذا الاجتماع أيضاً عدداً من ضباط الحرس الثوري الإيراني، والمخابرات الإيرانية، إلى جانب مسؤولين أمنيين من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إضافة إلى هادي العامري رئيس منظمة بدر، وهي أحد أهم وأكبر الفصائل المسلحة الشيعية المقربة من إيران، إلى جانب قادة كتائب حزب الله، والنجباء، وكتائب سيد الشهداء، وأبو الفدك المحمداوي، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي.
أيضاً، حضر عددٌ من قادة حزب العمال الكردستاني الموجودين بالعراق، والذين بدأوا في توثيق علاقاتهم بقادة الفصائل المسلحة العراقية الشيعية في الآونة الأخيرة، وشاركهم الهجمات على القوات التركية الموجودة بالقرب من قضاء سنجار في الأشهر القليلة الماضية.
خطة الاجتماع
يقول قائد شبه عسكري في فصيل كتائب حزب الله العراقية، لـ"عربي بوست"، إن "الخطة الجديدة التي أسفر عنها هذا الاجتماع، ترتكز على تكثيف الهجمات بالطائرات المسيّرة، على جميع الأماكن التي توجد فيها القوات الأمريكية في العراق وإقليم كردستان أيضاً".
وأضاف المتحدث قائلاً إنه "سيتم توزيع الأدوار بين الفصائل التي حضرت الاجتماع بالتنسيق مع قادة الحرس الثوري، وسيتم استهداف الأمريكان حتى في أربيل، ليعلموا أنه لا يوجد مكان آمن لهم داخل العراق".
وكان استهداف أربيل جزءاً أساسياً ورئيسياً من الخطة الجديدة للفصائل المسلحة العراقية لاستهداف القوات الأمريكية، بالتحديد قاعدة الحرير في إقليم كردستان.
يقول مصدر مقرب من أبو الفدك المحمداوي لـ"عربي بوست"، إن "قاعدة الحرير في أربيل من ضمن خطة المقاومة الجديدة، وستقوم عناصر من حزب العمال الكردستاني بمساعدة مقاتلي المقاومة من أجل طرد الأمريكيين من هذه القاعدة".
وكانت لأربيل، عاصمة إقليم كردستان في العراق، نصيب من العمليات الجديدة للفصائل المسلحة العراقية، ففي يوم 26 يونيو/حزيران 2021، قال مسؤولون أكراد إن ثلاث طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات هاجمت مبنى قريباً من القنصلية الأمريكية في أربيل، ولم تعلن أي من الفصائل مسؤوليتها عن هذا الهجوم.
لكن مصدراً استخباراتياً عراقياً في بغداد، كان على اتصال بحكومة إقليم كردستان بعد هذا الهجوم، قال لـ"عربي بوست"، إن "الفصائل المسلحة بمساعدة عناصر من حزب العمال الكردستاني، هي التي قامت بإطلاق الطائرات المسيرة المحملة بالمتفجرات من أطراف مدينة كركوك، التي تبعد عن مكان الهجوم بمسافة 40 كيلومتراً".
وبحسب المصدر ذاته، فإن "عناصر حزب العمال الكردستاني الموجودة في هذه المنطقة، تحظى برعاية الفصائل المسلحة العراقية المقربة من إيران، وترتدي زي مقاتلي الحشد الشعبي؛ للتستر من الهجمات التركية في هذه المناطق".
وفي الوقت الذي أعلنت فيه حكومة إقليم كردستان عن الهجوم بالقرب من القنصلية الأمريكية، كانت وحدات الحشد الشعبي تنظم عرضاً عسكرياً بمناسبة مرور 7 سنوات على تأسيس الهيئة شبه العسكرية، وحضر العرض كبار المسؤولين في الحكومة العراقية، وعلى رأسهم رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي.
الهجمات الأمريكية على الفصائل العراقية
قامت الولايات المتحدة بشن هجمات في وقت متأخر من يوم الأحد 27 يونيو/حزيران 2021، على مخازن ومستودعات أسلحة تابعة للفصائل المسلحة العراقية المقربة من إيران على الحدود العراقية-السورية، مما أسفر عن مقتل عدد من مقاتلي هذه الفصائل.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، جون كيربي، تعليقاً على هذه الهجمات الأمريكية، إن "الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت إجراء ضرورياً ومدروساً للحد من مخاطر التصعيد".
وأضاف المتحدث أن "أمريكا بعثت برسالة ردع واضحة لا لبس فيها، لأن أحد المواقع التي استهدفتها واشنطن بهجوم جوي يوم الأحد، يتضمن منشأة تم استخدامها لإطلاق الطائرات المسيرة باتجاه الأصول الأمريكية في العراق".
يقول سياسي عراقي شيعي مقرب من الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران، لـ"عربي بوست"، إن "عدد القتلى بين صفوف الفصائل وصل إلى 13 قتيلاً، و6 جرحى، أغلبهم من كتائب سيد الشهداء، وكتائب حزب الله".
وبحسب قائد شبه عسكري عراقي، فإن "الهجمات الأمريكية استهدفت مقراً لكتائب حزب الله، ومقر اللواء 14 التابع لكتائب سيد الشهداء، هذه المقرات لا تحتوي على كثير من الأسلحة أو الطائرات المسيرة، والخسائر البشرية كانت أكثر من الخسائر المادية، لكننا جاهزون للانتقام بشكل سريع وقوي".
من جهتها أدانت الحكومة العراقية الهجوم الأمريكي، وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة يحيى رسول، إن "العراق سيبدأ تحقيقاً في الضربات الأمريكية على حدوده مع سوريا"، واصفاً الأمر بأنه "انتهاك للسيادة العراقية، وأمر غير مقبول".
التجهيز للانتقام
على الجانب الآخر، علم "عربي بوست"، من مصادر مقربة من الفصائل المسلحة العراقية، أن "جميع الفصائل تجري اجتماعاً آخر للتجهيز للرد على الهجمات الأمريكية في أسرع وقت".
وأضاف مصدر مقرب من الحشد الشعبي، مطَّلع على تفاصيل الاجتماع، أن "الفصائل المسلحة العراقية وعدداً من ضباط الحرس الثوري الموجودين في العراق حالياً، يناقشون استهدافاً أوسع للقوات الأمريكية بعد الهجوم الأخير، كما أنهم يبحثون عن استهدافٍ خارج حدود العراق، ربما داخل سوريا في الأيام المقبلة".
وبحسب المصدر ذاته، فإن أبو الفدك المحمداوي، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي والمقرب من إيران، تعهد خلال هذا الاجتماع، بالثأر لقتلى الفصائل المسلحة في الهجوم الأمريكي، قائلاً: "من المحتمل بشكل كبير، أن نشهد تزايداً في المواجهة بين الفصائل والقوات الأمريكية".