قال أعضاء اللجنة العسكرية الليبية المشتركة المؤيدون للواء المتقاعد خليفة حفتر، الإثنين 21 يونيو/حزيران 2021، إنَّ فتح الطريق الساحلي مصراتة- سرت، الرابط بين شرقي وغربي البلاد، مازال يحتاج كثيراً من الوقت، مشدّدين على رفضهم القرار الذي اتخذه رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، قبل يومين، بإعادة فتح هذا الطريق المغلق منذ نحو عامين.
حيث ذكر اللواء خيري التميمي، عضو لجنة (5+5) التابع لحفتر، في تصريحات إعلامية، أن وفد اللجنة ذهب عقب اجتماعهم، الإثنين، إلى الطريق الساحلي؛ من أجل الاطلاع على مدى جاهزيته، ورأى أنَّ فتحه مازال يحتاج كثيراً من الوقت، ويلزمه وضع الترتيبات الأمنية اللازمة قبل إعادة فتحه، على حد قوله.
يشار إلى أن اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة جرى بمقرها الدائم في مدينة سرت، بحضور ممثلين عن بعثة الأمم المتحدة، من أجل بحث استكمال تنفيذ بنود وقف إطلاق النار، وعلى رأسها فتح الطريق الساحلي.
"إنهاء الإجراءات الأمنية"
كما أضاف امراجع العمامي، رئيس الوفد العسكري الممثل لقيادة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في تصريحات صحفية، أنهم لن يفتحوا الطريق الساحلي إلا بعد إنهاء ما وصفها بالإجراءات الأمنية، منوهاً إلى أن اللجنة العسكرية لم تحدد موعداً لفتح الطريق حتى الآن.
كان العمامي قد نفى ما يتم تداوله على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن فتح الطريق الساحلي، قائلاً: "هذا غير صحيح. واللجنة المعنية هي لجنة (5+5)، وخلال الأيام المقبلة سنعطيكم التوقيت الذي سيتم فيه فتح هذا الطريق".
إلا أن أحد أعضاء اللجنة العسكرية أكد لصحيفة "القدس العربي" اللندنية أنَّ فتح الطريق الساحلي تم من الطرف الغربي فقط ولا توجد أي تحركات لفتحه من الناحية الأخرى، مشيراً إلى أن قوات حفتر ما زالت تتحجج في انتظار صدور أوامر واضحة من اللجنة العسكرية.
في حين أشار عضو لجنة (5+5) الممثل عن المنطقة الشرقية، خيري التميمي، إلى أنَّ فتح الطريق من الجهة الغربية من قِبل الدبيبة أربك المشهد، وفق قوله.
كانت غرفة عمليات غرب مدينة سرت الليبية، التابعة لميليشيا حفتر، قد صرّحت، الأحد 20 يونيو/حزيران 2021، بأنها لم تتلقَّ أي تعليمات بفتح الطريق الساحلي، مؤكدةً أنه لا صحة لما يشاع عن فتح هذا الطريق، لأن ما حدث برأيها إعلان فردي من قِبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية.
"ضرورة إعادة فتح الطريق الساحلي"
من جهتها، أكدت الأمم المتحدة، الإثنين، ضرورة إعادة فتح الطريق الساحلي، مشددة على أهمية انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة كافة من ليبيا.
حيث قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، خلال مؤتمر صحفي، إن "إعادة فتح الطريق الساحلي أمر بالغ الأهمية لتنفيذ اتفاق أكتوبر/تشرين الأول (الماضي) المتعلق بوقف إطلاق النار".
في حين أثنى دوغاريك على "الجهود القوية المبذولة من اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، والعمل مع السلطة التنفيذية المؤقتة لضمان فتح الطريق الساحلي"، مضيفاً: "الأهم من ذلك كله هو ضرورة بدء انسحاب المقاتلين الأجانب والمرتزقة والقوات الأخرى، من دون تأخيرٍ أكثر من ذلك".
المتحدث الأممي أردف: "نواصل عزمنا على دعم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وضمن ذلك من خلال النشر التدريجي لعناصر مراقبة وقف إطلاق النار، التابعين للأمم المتحدة".
اجتماع برلين
كان الدبيبة قد غرد، الأحد 20 يونيو/حزيران، قائلاً: "تحية تقدير لكل الجهود المخلصة التي نعيش نتائجها اليوم بفتح الطريق الساحلي، معاً للبناء والعمل من أجل نماء الوطن وازدهاره"، مضيفاً: "اليوم سنطوي صفحة من معاناة الشعب الليبي، نخطو خطوة جديدة في البناء والاستقرار والوحدة".
يأتي هذا التحرك، قبل أيام من اجتماع القوى العالمية في برلين لبحث الأزمة الليبية وما تحقق من تقدم صوب توحيد مؤسسات البلاد المنقسمة، وإجراء الانتخابات المقبلة.
رغم أن إعادة فتح الطريق ستمثل خطوة مهمة لعملية السلام التي تحظى بدعم دولي فلا تزال تحديات كبيرة قائمة، خاصة في ظل إصرار ميليشيا حفتر على مواقفها.
تنسيق بين طرفي النزاع
إلى ذلك، أعلن المجلس الرئاسي الليبي، الأحد، تكليف اللجنة العسكرية "5+5" بالتنسيق بين طرفي النزاع؛ لضمان تنفيذ كامل لفتح الطريق الساحلي.
جاء ذلك في إيجاز صحفي مصور للمتحدثة باسم المجلس نجوى وهيبة، نشره المكتب الإعلامي للمجلس على صفحته بـ"فيسبوك".
وهيبة قالت: "نعلن لكل الليبيين إعادة فتح الطريق الساحلي، بعد سنوات من الإغلاق؛ لرفع المعاناة عن المواطن شرقاً وغرباً، على أن تتولى 5+5 مسؤولية التنسيق بين الأطراف (قوات عملية بركان الغضب التابعة للحكومة، وميليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر)؛ لضمان التنفيذ الكامل لفتح الطريق الساحلي ومتابعة الترتيبات الأمنية".
طريق مهم للتجارة
جدير بالذكر أن الطريق الساحلي "مصراتة – سرت" طريق مهم للتجارة، ومغلق منذ هجوم عسكري فاشل شنته ميليشيا حفتر عام 2019، للسيطرة على العاصمة طرابلس (غرب)، مقر الحكومة المعترف بها دولياً.
في حين يتمركز بمدينة سرت ومطارها مرتزقة من شركة "فاغنر" الروسية، الداعمة لميليشيا حفتر.
كان المستهدف أن تنفَّذ قبل أشهر، عملية إعادة فتح الطريق الساحلي وبنود أخرى في اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد انهيار هجوم قوات حفتر على طرابلس، والذي استمر 14 شهراً.
إلا أنه رغم استئناف الرحلات الجوية بين طرابلس ومدينة بنغازي في الشرق وإطلاق سراح بعض الأسرى، فلا يزال الطريق مغلقاً عند خط المواجهة.
يُذكر أنه في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة، ينص على انسحاب كل المرتزقة الأجانب من ليبيا خلال 3 أشهر من تاريخ توقيعه، وهو ما لم يتم على أرض الواقع.
ولعدة سنوات، عانى البلد الغني بالنفط من صراع مسلح، فبدعم من دول عربية وغربية ومرتزقة ومقاتلين أجانب، قاتلت ميليشيا حفتر حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دولياً.
تجدر الإشارة إلى أن ليبيا تشهد، منذ أشهر، انفراجاً سياسياً، ففي 16 مارس/آذار الماضي، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلساً رئاسياً، مهمتها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.