أعلنت حركة "النهضة" التونسية، الجمعة 18 يونيو/حزيران 2021، تأييدها مقترح إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة إذا ما تعطَّل إجراء حوار وطني للخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد.
حيث قال الناطق باسم الحركة (53 مقعداً من أصل 217) فتحي العيادي، إن "موقفها واضح من الحوار الوطني، إذ تؤكد ضرورة انتهاج هذا الخيار، وتدعو الاتحاد العام التونسي للشغل إلى الحرص على تفعيل مبادرته وتقف معه على هذا الطريق".
كان الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في تونس) قد أطلق مبادرة "الحوار الوطني" مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، وذلك بهدف الخروج من الأزمتين الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، تقوم على حوار "تشاركي شامل يرسي أسس عدالة اجتماعية، ويعدل بين الجهات، ويساوي بين التونسيين، ويحد من الفقر والجور والحيف الاجتماعي".
أزمة على جميع المستويات
فيما أضاف العيادي أن "البلاد في وضع صعب على جميع المستويات اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وسياسياً، ولا يوجد مخرج غير الحوار والاتفاق على أولويات المرحلة القادمة والتهدئة على جميع المستويات وتعاون مؤسسات الدولة للتصدي لكل التحديات، وتنفيذ الاستحقاقات العاجلة".
العيادي تابع: "إذا تعطلت الأوضاع ولم يتم إيجاد مخرج لهذه الأزمة يصبح من الضروري إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة والعودة إلى الشعب كحل من الحلول، ولو أن النهضة لا تراه حلاً مناسباً في هذه الظروف الصحية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد".
في حين أشار العيادي إلى أن تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها قد تكون له تكلفته المالية والاقتصادية على الدولة وعلى المواطن التونسي الذي أكد أنه ينتظر إجراءات اجتماعية واقتصادية، مشدداً على أن "هذا الموضوع مازال يحتاج إلى دراسة وتقدير سياسي، والحركة مبدئياً مع الحوار الوطني لإيجاد حلول للأزمة السياسية".
يشار إلى أن آخر انتخابات تشريعية بتونس أجريت في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وأسفرت عن فوز حركة النهضة بالغالبية، حيث حصلت على 52 مقعداً من أصل 217، قبل أن يلتحق بها نائبان مستقلان ليصبح العدد 54، ثم استقال من كتلتها نائب منذ أشهر، ليستقر عدد مقاعد الحركة عند 53.
فيما جاء حزب "قلب تونس" ثانياً بـ 38 مقعداً.
وجرى الدور الثاني للانتخابات الرئاسية في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2019، وفاز بها الرئيس قيس سعيّد بنسبة 72.71% من الأصوات مقابل المرشح نبيل القروي بـ27.29% من الأصوات، وذلك بعد انتخابات الدور الأول التي جرت في سبتمبر/أيلول من العام ذاته.
حسب القانون التونسي، تجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، بعد 5 سنوات من الانتخابات السابقة، أي في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
"شروط الحوار الوطني"
كما علَّق الناطق باسم حركة النهضة على إعلان سعيّد استعداده للإشراف على حوار وطني بشرط أن يكون محوره تغيير النظام السياسي، قائلاً إن "من يريد الدخول في حوار يجب أن لا يضع شروطاً، وبالتالي فإن الدخول في حوار شرط الحسم في النظام السياسي وتنقيح الدستور فهو ليس الحوار المطلوب الآن".
وأوضح العيادي أن مثل هذا الحوار يأخذ وقتاً طويلاً قد يمتد لعامين أو ثلاثة، ويحتاج إلى منهج؛ لإشراك كل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني دون استثناء، وهو ما يحتاج، من وجهة نظره، عملاً كثيراً.
يُذكر أن رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، أعلن الثلاثاء 15 يونيو/حزيران 2021، أن رئيس الجمهورية وافق على الإشراف على "الحوار الوطني" لحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ أشهر.
إذ قال الغنوشي، في تصريح صحفي، على هامش اجتماع للجنة برلمانية، إن الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، نقل إليه قبول قيس سعيّد الإشراف على الحوار الوطني، مضيفاً: "ننتظر الدخول في تفاصيل وشروط ومرتكزات هذا الحوار على اعتباره الحل الوحيد لحل مشاكل تونس".
في هذا الإطار، دعا رئيس البرلمان التونسي إلى "إجراء حوار يشارك فيه كل التونسيين ولا يُقصي أحداً".
أزمات حادة بتونس
جدير بالذكر أن تونس تمر بأزمة سياسية إثر الخلافات بين سعيّد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي.
ورغم تصديق البرلمان على التعديل، فإن سعيّد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبراً أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما يرفضه المشيشي.
كما تشهد تونس منذ نحو أسبوع، موجة احتجاجات شعبية بدأت في حي سيدي حسين الشعبي، بسبب "تعنيف" قوات الأمن شاباً تونسياً، لتتوسع إلى حي الانطلاقة وحي التضامن بالضواحي الغربية للعاصمة.
جدير بالذكر أنه منذ انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2011، تولى حمادي الجبالي رئاسة الحكومة في (ديسمبر/كانون الأول 2011-فبراير/شباط 2013)، وعلي العريض في (مارس/آذار 2012-يناير/كانون الثاني 2014) ومهدي جمعة في (يناير/كانون الثاني 2013-فبراير/شباط 2015).
كما تولى رئاسة الحكومة التونسية الحبيب الصيد في (يناير/كانون الثاني 2015-أغسطس/آب 2016)، ويوسف الشاهد في (أغسطس/آب 2016-فبراير/شباط 2020)، وإلياس الفخفاخ في (فبراير/شباط 2020-يوليو/تموز 2020)، فيما يمارس هشام المشيشي مهام رئاسة الحكومة منذ سبتمبر/أيلول 2020 حتى الآن.