قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 14 يونيو/حزيران 2021، إنها اطلعت على الرسائل الأخيرة للطالب الإيطالي جوليو ريجيني قبل مقتله في مصر، وقالت إن الرسائل تدحض "كل مزاعم وادعاءات اتهامه بالتجسس أو التحريض السياسي" ضد القاهرة.
كان ريجيني، طالب الدراسات العليا في جامعة كامبريدج، قد اختفى في 25 يناير/كانون الثاني عام 2016، أثناء دراسته للنقابات في القاهرة، التي يُنظر إليها على أنها بؤرة لمعارضة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
وُجدت جثة ريجيني ملقاة على جانب الطريق بعدها بتسعة أيام، وثارت اتهامات بأنه تعرض للتعذيب على أيدي أجهزة الأمن المصرية التي اشتبهت في أنه جاسوس.
تقول الصحيفة البريطانية إن ريجيني وقبل أن يغادر إنجلترا، كانت لديه مخاوف بشأن المخاطر التي قد يتعرض لها في مصر أثناء تحضير رسالته، التي تناقش قضية شائكة وبالغة الحساسية في مصر.
كان ريجيني، الذي يبلغ من العمر 28 عاماً عندما قُتل، قد تنبأ بأن أسوأ ما قد يحدث له هو ترحيله قبل أن يتمكن من إنهاء بحثه، لكن ما حدث في النهاية كان أسوأ مما توقع.
كتب ريجيني في رسائل لأحد أصدقائه، شاركها مع صحيفة The Guardian، قبل مغادرته إلى القاهرة: "تمر مصر بمرحلة صعبة الآن، لقد عادت الديكتاتورية، ومن غير الواضح حتى وقت قريب إلى أي مدى ستكون الأمور وحشية، يبدو أن نظام الحكم يستقر، إلا أن الوضع محفوف بالمخاطر".
في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2015 وبعد حوالي شهر من وصوله، وصف ريجيني النقابات العمالية بأنها "القوة الوحيدة المتبقية في المجتمع المدني"، وركز على الباعة الجائلين، البالغ عددهم حوالي 6 ملايين، وشكّلوا نقابة لمكافحة القمع الحكومي، وقال ريجيني إن الوضع في القاهرة "كئيب، لكنه ليس مجنوناً كما كان الحال في 2013".
أضاف ريجيني: "لا يبدو أن الأمر سيستمر 30 عاماً أخرى"، في إشارة إلى مدة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، إلا أن الأمور اتخذت منعطفاً مقلقاً عندما انتبه ريجيني، خلال اجتماع للنشطاء النقابيين، التقاط فتاة محجبة صورة له على هاتفها، مما جعله يعتقد أنه يخضع للمراقبة.
كان ريجيني قد تعرض كذلك لمضايقات من الباعة الجائلين أنفسهم، حتى أن رئيس نقابة الباعة الجائلين، محمد عبدالله، طلب من ريجيني بعض المال لشراء علاج وأدوية لأفراد أسرته. وعندما أخبره ريجيني أنه غير قادر على مساعدته، أبلغ محمد الشرطة عن ريجيني، وزعم لاحقاً أنه اعتقد أن ريجيني جاسوس.
وفي واحدة من رسائل ريجيني الأخيرة على فيسبوك، كان يطلب المساعدة في شيء يتعلق باللغة الإنجليزية في رسالته البحثية، وبعد خمسة أيام، تعرض ريجيني للاختطاف وهو في طريق العودة إلى منزله، ليتم العثور فيما بعد على جثته.
تقول الصحيفة البريطانية إنه عندما عُثر عليه كان "واضحاً أنه تعرض للتعذيب بالضرب والحرق والطعن قبل أن ينكسر عنقه عندما ضُرب من الخلف باستخدام أداة ثقيلة غير حادة".
كانت إصابات ريجيني بالغة للغاية، حتى أن أمه، باولا، لم تتعرف على جثمانه إلا من "مقدمة أنفه".
من جانبه، قال يوهانس سفينسون، الذي كان يسكن مع ريجيني في القاهرة أثناء عمله في وكالة الأمم المتحدة عام 2013: "كان ريجيني مهتماً بكيفية تنظيم هذه المجموعة من الباعة الجائلين، الذين قد تعتقد أنهم ضعفاء للغاية، لكنهم استطاعوا تنظيم أنفسهم بطريقة فعالة أكسبتهم بعض النفوذ السياسي".
أكّد سفينسون على أن ريجيني كان أكاديمياً، ولم يكن محرضاً أو جاسوساً، ووصف ريجيني بأنه شخص "متحفظ" و"حذر".
منذ وفاته، أصبح ريجيني "شهيد" الاختفاء القسري في عصر السيسي، بحسب الصحيفة البريطانية، التي أضافت أن صديق ريجيني على فيسبوك، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، قال: "لهذا السبب هناك جدارية في القاهرة تحمل صورة ريجيني، لقد أصبح رمزاً لضحايا الاختفاء القسري".
كانت النيابة العامة في روما قد طالبت رسمياً ببدء محاكمة بحق 4 ضباط مصريين متهمين بقتل ريجيني، ووجَّه المدعي العام في روما، مايكل بريتيبينو، في لائحة الاتهام التي قدمها، "تهمة الاختطاف والتعذيب والقتل إلى كل من اللواء طارق صابر، والعقيد آسر كمال، والعقيد هشام حلمي، والمقدم مجدي عبدالعال شريف".
لكن القاهرة رفضت الاتهامات، وتحدثت عن أن "تشكيلاً عصابياً" بغرض السرقة يستخدم وثائق أمنية مزورة هو من استهدف ريجيني.