انتقلت أحزاب المعارضة في المغرب إلى السرعة القصوى في معركتها ضد حزب العدالة والتنمية، وبلغت في محطة جديدة حد عرقلة عقد جلسة مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) لعرض إنجازات الحكومة، عكس ما ينُص عليه الدستور.
ورفضت أحزاب المعارضة في المغرب بمجلس النواب، حسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست"، حضور رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، إلى البرلمان من أجل عرض كشف حساب لحكومته خلال الفترة الماضية، التي يلزم الدستور الحكومة بها، مبررةً موقفها بـ"كون العثماني رئيس الحكومة يشغل في نفس الوقت منصب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وسيستغل مؤسسة البرلمان للترويج لحزبه".
وتقضي الفقرة الأولى من الفصل 101 من الدستور المغربي بأن "يعرض رئيس الحكومة أمام البرلمان الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إما بمبادرة منه، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو من أغلبية أعضاء مجلس المستشارين".
وتتكون المعارضة في مجلس النواب المغربي من أحزاب الأصالة والمعاصرة (ليبرالي)، والاستقلال (محافظ)، والتقدم والاشتراكية (شيوعي سابقاً).
موقف أحزاب المعارضة في المغرب ضد الدستور
علم "عربي بوست" أن أحزاب المعارضة في المغرب بمجلس النواب، رفضت الإثنين عرض نتيجة عمل الحكومة التي ينظمها الفصل 101 من دستور 2011.
وكشفت مصادر موثوقة لـ"عربي بوست" أن "رئيس مجلس النواب عقد الإثنين 7 حزيران/يونيو 2021 اجتماعاً مع رؤساء الفرق البرلمانية، عرض فيه طلب رئيس الحكومة لعقد اللقاء، انتهى دون تحديد موعد لعرض الحصيلة الحكومية".
وتابعت المصادر ذاتها أن "رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، راسل الجمعة 4 حزيران/يونيو 2021، رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، وفق مقتضيات الدستور، ليطلب منه تحديد موعد لعرض حصيلة الحكومة".
وتابعت المصادر ذاتها أن "الحبيب المالكي، قبل جلسة مجلس النواب ليوم الإثنين 7 حزيران/يونيو 2021 طلب اجتماعاً مع رؤساء الفرق، من أجل جدولة عرض رئيس الحكومة، لكن فرق أحزاب المعارضة في المغرب رفضوا قبول الطلب".
مصادر من المعارضة لم تتردد في تصريحات لـ"عربي بوست"، في القول إنها "لا تقبل أن تمنح حزب العدالة والتنمية فرصةً للقيام بحملة انتخابية، مستغلاً مؤسسة البرلمان، ومخاطبة المواطنين المغاربة".
مواجهة العثماني
وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست"، فإن "نص رسالة رئيس الحكومة العثماني إلى البرلمان، طلب فيها تحديد يوم 6 تموز/يوليو 2021 موعداً مقترحاً لجلسة عرض نتائج الحكومة.
وقالت المصادر ذاتها إن "رئيس مجلس النواب، مباشرة بعد عرض طلب رئيس الحكومة، واجه رفضاً من أحزاب المعارضة الثلاثة بالمجلس، إذ تناوب رؤساء الفرق على عرض مسوغات الرفض".
وكان لافتاً خضوع رئيس مجلس النواب لضغوط رؤساء المعارضة، إذ يقضي القانون بأن يعرض أمين المجلس على أنظار البرلمان قبل بداية جلسة الأسئلة الشفوية (أسبوعية) جميع الرسائل الواردة على الرئاسة أو مكتب المجلس، إلا أنه لم يعرض خلال الجلسة التي انعقدت يوم الاثنين 7 حزيران/يونيو 2021.
وسجلت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "الفكرة الرئيسية التي ظل يدافع عنها رؤساء المعارضة، ويدفع بها في مواجهة رئيس المجلس، هو عدم استعدادها لهذا اللقاء".
وأفادت المصادر ذاتها بأن "الفرق الثلاثة حرصت خلال الاجتماع نفسه على عرقلة جميع الحلول التي تقدم بها سواء رئيس المجلس، أو باقي رؤساء الأغلبية، من أجل تحديد موعد لعرض الحصيلة".
وقال مصدر "عربي بوست" من الأغلبية إن "أحزاب المعارضة كانت تتعلل بأنها تحتاج وقتاً حتى تستعد فيه لمناقشة العرض الحكومي، وإن مدة شهر غير كافية لذلك، على اعتبار أن القضايا كثيرة، وتتزامن مع دخول الأحزاب في السرعة النهائية للإعداد للانتخابات المقبل بعد 3 أشهر فقط".
ومنذ إقرار دستور 2011، توافقت الحكومة والبرلمان على عقد دورة مشتركة تجمع غرفتي البرلمان (مجلس النواب + مجلس المستشارين) من أجل عرض ومناقضة حصيلة الحكومة، سواء في نصف ولاية الحكومة، أو خلال نهاية الولاية الحكومية.
الانتخابات هي السبب
هذه المعطيات حملها "عربي بوست" إلى مصادر من المعارضة البرلمانية، حيث لم تتردد في الإقرار بأن أحزاب المعارضة في المغرب رفضت مرور رئيس الحكومة سعد الدين العثماني في قنوات الإعلام العمومية لعرض حصيلة حكومته.
وأكدت المصادر أن "عرض الحصيلة يأتي في زمن انتخابي كل طرف معنيّ فيه بحماية حظوظه، ومن بينها عدم فسح المجال لرئيس حزب سياسي حتى وإن كان رئيس الحكومة للقيام بحملة انتخابية عبر مؤسسة البرلمان".
وأضافت المصادر ذاتها أن "رئيس الحكومة هو نفسه رئيس (أمين عام) حزب العدالة والتنمية، وبناءً عليه سيكون من حقه عرض حصيلته على مجلسي البرلمان، ما يعني انفراده بالعرض، إضافة إلى أنه سيملك وقتاً يساوي وقت جميع الفرق، وبالتالي من يضمن أنه لن يقوم بحملة انتخابية لصالح حزبه".
واعتبرت أحزاب المعارضة في المغرب أن "رئيس الحكومة، في حال عقد هذه الجلسة سيكون قد حظي بالظهور في البرلمان، وعبر قنوات الإعلام العمومي، للمرة الرابعة خلال شهرٍ واحدٍ".
ومضت ذات المصادر توضح أنه "على رئيس الحكومة أن يلتزم بالتعليمات الملكية التي أوصت بمنع الوزراء من المرور عبر وسائل الإعلام العمومي عند تغطية أنشطة الحكومة والوزارات".
موقف أحزاب الأغلبية قرأت فيه مصادر من العدالة والتنمية، في تصريح مقتضب لـ"عربي بوست" كونه "تعبيراً عن حالة خوفٍ مبالغٍ فيه من الحزب الحاكم، وتعكس مدى الحرج الذي تشعر به المعارضة وهي تقوم بتعطيل البرلمان، وتعطيل نص دستوري بشكل يسيء للمؤسسات المنتخبة في المغرب".
هذا وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أعطى تعليماته من أجل استمرار الوزراء في القيام بمهامهم إلى آخر يوم من الولاية الحكومية، لكن دون تغطية الإعلام العمومي لأنشطة أعضاء الحكومة، والاقتصار على مشاركة الأطر والمسؤولين والأطراف المعنيين مباشرة بهذه الأنشطة.
هذا الخبر صدر في اجتماع الخميس 3 يونيو/حزيران 2021، حينما أخبر رئيس الحكومة وزراءه بأن هذا التوجيه يهدف إلى تمكين الحكومة من الاستمرار في القيام بعملها، مع مراعاة الإنصاف مع الأحزاب الأخرى غير الممثلة في الحكومة، مع قرب موعد الانتخابات.