يتوجه الجزائريون، السبت 12 يونيو/حزيران 2021، إلى مراكز الاقتراع في إطار انتخابات تشريعية مبكرة، يرفضها الحراك وجزء من المعارضة التي تتحدث عن قمع متزايد من قبل السلطات، وتُنظم هذه الانتخابات وفق نظام انتخابي جديد.
مراكز الاقتراع ستفتح أبوابها من الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي (الساعة السابعة بتوقيت غرينتش) إلى الساعة 19,00 بالتوقيت المحلي، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
تتجه الأنظار إلى نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي ستشكل الرهان الرئيسي، بعدما شهد الاستحقاقان الانتخابيان السابقان (الاقتراع الرئاسي العام 2019 والاستفتاء الدستوري العام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت، بلغت 60% و76% على التوالي.
كذلك تُعد هذه أول انتخابات تشريعية منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية غير المسبوقة، في 22 فبراير/شباط 2019، رفضاً لترشح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لولاية خامسة، واضطر هذا الأخير إلى الاستقالة بعد شهرين، بعدما أمضى 20 عاماً في الحكم، ويتوقع ألا تصدر النتائج الرسمية قبل غدٍ الأحد.
مواقف منقسمة
يأتي ذلك بينما دعت الأحزاب الموالية للحكومة ووسائل الإعلام الرسمية إلى "المشاركة بقوة في هذه الانتخابات المصيرية من أجل استقرار البلاد"، بحسب وصفها.
في حين ندد الحراك الذي يطالب بتغيير جذري في نظام الحكم القائم منذ الاستقلال في 1962 مسبقاً بهذه الانتخابات، فيما يستعد النظام الحاكم لاستيعاب نسبة مقاطعة قوية محتملة، آملاً في الوقت نفسه في نسبة مشاركة تتراوح بين 40% و50%.
كذلك تخشى السلطات من مقاطعة جديدة للناخبين في منطقة القبائل، وخاصة أنهم يبدون معارضة على السلطة المركزية، وحيث كانت المشاركة شبه معدومة خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة في 2019 و2020.
لذا فمن غير المستبعد أن يتكرر هذا السيناريو، خصوصاً أن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني)، وجبهة القوى الاشتراكية (يسار)، أكثر الأحزاب انتشاراً في منطقة القبائل، لن يشاركا في الاقتراع.
نظام انتخابي جديد
تشهد هذه الانتخابات لأول مرة، اعتماد نظام القائمة المفتوحة في اختيار المترشحين كما أقره قانون انتخابات اعتمده الرئيس تبون.
القائمة المفتوحة تسمح للناخب بترتيب المرشحين داخل القائمة الواحدة حسب رغبته، بخلاف المغلقة التي كانت تفرض عليه اختيار القائمة كما هي، ووفق الترتيب الذي وضعه الحزب دون التصرف في الترتيب.
وفق شهادات سابقة لقيادات حزبية ونيابية حُوكمت في قضايا فساد ذات علاقة بالانتخابات، فإن المراتب الأولى بقوائم أحزاب كبيرة وخاصة، كانت تُمنح مقابل "رشاوى"، حيث يضمن ذلك للمترشح دخول البرلمان أو رئاسة البلديات.
ودُعي نحو 24 مليون ناخب للانتخابات، ليتم اختيار 407 نواب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب في البرلمان) لمدة خمس سنوات، وعليهم الاختيار من بين ما يقرب من 1500 قائمة -أكثر من نصفها "مستقلة"- أي أكثر من 13 ألف مرشح.
هذه المرة الأولى التي يتقدم فيها هذا العدد الكبير من المستقلين ضد مرشحين تؤيدهم أحزاب سياسية فقدت مصداقيتها إلى حد كبير، وحُملت المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها الجزائر مند حوالي 30 شهراً.
هؤلاء المرشحون الجدد ذوو الانتماء المبهم سيكون بإمكانهم ترسيخ أنفسهم كقوة جديدة داخل المجلس المقبل بموافقة السلطة، التي شجعت الشباب للترشح وقدمت لهم يد المساعدة. ويأتي ذلك فيما دعت المعارضة العلمانية واليسارية، التي تراجعت شعبيتها، إلى المقاطعة أو ترك الحرية لأفرادها بالاقتراع من عدمه.
لكن الأحزاب الإسلامية المرخص لها، قررت المشاركة في الاقتراع من أجل "المساهمة في القطيعة والتغيير المنشود"، وقال عبدالرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، إنه "جاهز للحكم" في حال تحقيق النصر.
تهديدات قبل الانتخابات
ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، حذر رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة من "أي مخطط أو فعل يهدف إلى التشويش على سير" العملية الانتخابية.
سبق ذلك سعي الحكومة إلى كسر الحراك، فقد منعت كل المسيرات وضاعفت الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد المعارضين السياسيين والناشطين في الحراك والصحفيين المستقلين والمحامين.
بررت الحكومة هذه الإجراءات بقولها إنها استجابت للمطالب الرئيسية "الحراك الأصيل" في "وقت قياسي"، ولم تعد هناك أي شرعية لناشطي الحراك السلمي، وفق تعبيرها، متهمة إياهم بأنهم في خدمة "أطراف أجنبية" معادية للجزائر.
في هذا السياق، تواصل السلطات احتجاز ما لا يقل عن 222 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر، بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحريات الفردية، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.
من جانبها، نددت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بـ"تصعيد قمعي مخيف"، معتبرة أن "وعود الانفتاح والحوار المبهمة للرئيس (عبدالمجيد) تبون تتحطم أمام واقع القمع"، وفق قولها.
وستواجه الحكومة والبرلمان الجديدان على الفور سلسلة من التحديات بعد الإخفاق في تنويع الاقتصاد بعيداً عن اعتماده على مبيعات النفط والغاز المتردية.