عاد التصعيد مجدداً، من جانب حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد سماحها باقتحام عشرات المستوطنين الإسرائيليين المسجد الأقصى يوم الخميس 10 يونيو/حزيران 2021، بحراسة ومرافقة عناصر من الشرطة الإسرائيلية.
لم يتوقف الأمر عند اقتحام المسجد الأقصى من جانب مستوطنين ومعهم حراسة إسرائيلية؛ بل كانت هناك محاولة من جانب النائب بالكنيست الإسرائيلي إيتمار بن غفير الذي أراد اقتحام منطقة "باب العامود" وسط مدينة القدس المحتلة، وهو ما ردَّ عليه الفلسطينيون بالتظاهر والرفض، فقوبل ذلك باعتقالات من جانب الحكومة الإسرائيلية.
تصعيد إسرائيلي جديد
مخاوف الذهاب إلى عدوان جديد على قطاع غزة، يعلق عليها الكاتب الفلسطيني محمد مشينش، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، قائلاً إن ما يحدث ليس محاولة تصعيد من جانب بنيامين نتنياهو الذي سيرحل خلال ساعات عن منصبه مع قدوم حكومة جديدة، وليس سعياً لعودة الحرب على القطاع مرة أخرى.
لكنه يرى أن نتنياهو يحاول الخروج بشكل يحفظ ماء وجهه ولو بشكل يسير، بعد الهزيمة التي مُني بها من جانب المقاومة التي استطاعت الوصول بصواريخها الى كل المناطق في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وجهت تحذيرات بطبيعة الحال لإسرائيل من "مغبَّة المساس بالمسجد الأقصى"، وذلك عقب محاولات "استفزازية" إسرائيلية بمدينة القدس المحتلة.
محاولات استفزازية
حاول بن غفير اقتحام "باب العامود"؛ احتجاجاً على منع الشرطة مسيرة الأعلام "الاستفزازية"، التي دعت منظمات يمينية متطرفة إلى تنظيمها الخميس، بالقدس الشرقية.
لكن في المقابل يرى عماد أبو الروس الباحث الفلسطيني، أن المقاومة الفلسطينية جادة في موقفها تجاه القدس، وأنها لن تتردد في الاشتباك العسكري مرة أخرى مع الجانب الإسرائيلي، وتراهن أيضاً على الحراك في الضفة الغربية.
لكنه أشار إلى أن ما يحدث من تصعيد إسرائيلي واستفزاز، يؤكد أن الهدنة الهشة قد ينتهي بها المطاف بتصعيد آخر، بسبب التعنت الإسرائيلي بعدم الالتزام بأي تفاهمات حتى اللحظة، إلى جانب تزايد انتهاكات اليمين المتواصلة والتي يجري استغلالها من قِبل نتنياهو.
القاهرة ومساعي المصالحة الفلسطينية
يأتي الاستفزاز الإسرائيلي، في الوقت الذي تحاول فيه القاهرة ترتيب مفاوضات فلسطينية-فلسطينية؛ لتقريب وجهات النظر بين الفصائل، وقد التقى إسماعيل هنية، رئيس مكتب حركة حماس، ووفد مرافق له، مدير المخابرات العامة المصرية، عباس كامل، في القاهرة.
اللقاء وفق وكالة الأناضول، تضمن بحث قضايا عديدة، لاسيما تثبيت نتائج معركة "سيف القدس"، خاصة في مدينة القدس والمسجد الأقصى، وتعزيز الإنجاز الكبير الذي حققته المقاومة والشعب الفلسطيني.
الباحث الفلسطيني عماد أبو الروس عاد ليقول في تصريح خاص لـ"عربي بوست"، إن نتنياهو يسعى لاستخدام كافة الأدوات لإفشال تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي تتشكل من ائتلاف اليسار وبينيت، ويتبع في ذلك سياسة "الأرض المحروقة" لإنقاذ حياته السياسية المهددة، وهو أراد أن يعطي انطباعاً لليمين بأنه لم يستسلم لشروط المقاومة الفلسطينية، وفي الوقت ذاته يريد إرسال رسالة لهم بأن الحكومة الجديدة قد تشكل خطراً على دولة الاحتلال.
المصادقة على حكومة جديدة
أبو الروس قال كذلك، إنه سوف يتم خلال أيام، المصادقة على حكومة الائتلاف الجديدة، ونتنياهو يعتبر أن هناك مؤامرة حيكت ضده، ولذلك يدفع اليمين المتطرف إلى تأجيج الوضع مرة أخرى في القدس، والهدف الأساسي منها هو إفشال الحكومة الجديدة، من خلال إما أن تحول دون استمرار مسيرة الأعلام وعليه التصادم مع اليمين والدخول في فوضى، وإما عدم صدّها وإدخال الحكومة الجديدة بمأزق التصعيد مع المقاومة الفلسطينية، وعليه لن يكون بمقدور أمريكا وحلفائها إيقاف هذه الفوضى التي يقف خلفها نتنياهو، أو الدفع بعملية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
أما بخصوص إمكانية إبرام صفقة تبادل أسرى مع الحكومة الجديدة في ظل التصعيد الحالي من جانب نتنياهو، فقال أبو الروس إن الأمر مازال بعيداً لأسباب، منها أنه يجب المصادقة عليها من الحكومة الإسرائيلية، ومقدار الاختلاف داخل الائتلاف الهش في وجهات النظر قد يحول دون ذلك.
في حين تصر حركة حماس على موقفها ومطالبها بشأن عملية التبادل، لكن الاحتلال حتى اللحظة يساوم على ورقة إعمار غزة مقابل إطلاق سراح جنوده، وعليه "فإننا مازلنا في المربع ذاته"، مضيفاً أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة أمامها تعقيدات كبيرة في طريقة التعامل مع الملف، وإن قدمت تنازلات للمقاومة فإن نتنياهو سيستخدم هذه الورقة الرابحة في إثبات وجهة نظره القائمة على أن حكومة الائتلاف ستكون كارثة لإسرائيل، كما أنه سيُحرج نفتالي بينيت في طريقة تعاطيه مع الملفات أمام اليمين.
أما محمد مشينش فقد قال لـ"عربي بوست"، إن قوات الاحتلال تمارس هوايتها في استفزاز الشعب الفلسطيني بالقدس وكل مكان، مشدداً على أن نتنياهو يحاول محو الصورة الذهنية التي خرجت للعالم بعد هزيمته أمام المقاومة، مشدداً على أن نتنياهو لن يستطيع جر المقاومة إلى الحرب مرة أخرى في الوقت الحالي.
يُذكر أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف قطاع غزة في مايو/أيار 2021، في حرب استمرت 11 يوماً، تسببت في استشهاد المئات وإصابة الآلاف، وهو ما دفع أطرافاً دولية وإقليمية، وعلى رأسها مصر، إلى بذل مساعٍ لوقف إطلاق النار.