حزب الله يتدخل لحل الخلاف بين الحريري وباسيل.. حل فعلي أم محاولة شكلية لامتصاص الأزمة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/10 الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/10 الساعة 14:31 بتوقيت غرينتش

على وقع الوضع الصعب الذي يعيشه لبنان، تعاني القطاعات اللبنانية الصحية والغذائية والخدماتية من أزمات متتالية، فأمام مشاهد اللبنانيين على محطات البنزين بالطوابير لساعات طويلة، يهدد القطاع الصحي بإضراب تحذيري بسبب نفاد احتياجات المشافي من أدوية وبنج ومعدات لوجستية، في ظل تراخٍ رسمي لتأمين المساعدة اللازمة للقطاع الصحي، الذي يتعرض لانهيار متسارع، يشير متابعون لخطر انفجار شعبي مرتقب إذا لم تقم السلطة بإيجاد حلول سريعة للأزمات المتفاقمة.

الملف الحكومي عاد إلى الحراك وحزب الله على الخط

حكومياً، عاد الملف الحكومي للتحرك، وخاصة عقب المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، مدعوماً من حزب الله لتسهيل ولادة حكومة الحريري، ووفقاً لمصادر سياسية لـ"عربي بوست" فإن هناك تقدماً كبيراً في المفاوضات بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وخاصة بعد اللقاء الذي عقد مساء أمس بين باسيل​ والمعاون السياسي لأمين عام "​حزب الله​" ​حسين خليل​، والمعاون السياسي لرئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، الوزير ​علي حسن خليل، بحضور رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله الحاج وفيق صفا​، وتشير المصادر إلى أن مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين تمت معالجتها بنسبة كبيرة، بعد أن كانت مسألة عالقة بين الطرفين، لكن لماذا تحرك حزب الله الآن؟ 

عاد "حزب الله" منذ أيام ليلعب دوراً أساسياً، إلى جانب الرئيس نبيه بري، وذلك لحل الأزمة الحكومية، ووفقاً للمصدر فإن اللقاء الذي جرى بين باسيل ووفد الثنائي الشيعي -حزب الله وحركة أمل- في قصر الرئاسة في بعبدا استمر لحوالي 4 ساعات، حيث تمّ الاتفاق فيه على توزيع الحقائب كافة، باستثناء واحدة، وهي الداخلية، التي يتمسك بها باسيل لأسباب مرتبطة بالانتخابات النيابية المقبلة، لكن ووفقاً للمصدر فإن بري سينقل للحريري عبر معاونه السياسي علي حسن خليل أجواء اللقاء مع باسيل، وخاصة أن الحريري -بحسب المصدر- أبلغ بري موافقته على المبادرة القائمة على تشكيل حكومة من 24 وزيراً بدلاً من 18، شريطة أن يتم سحب فتيل الأزمة المتعلق بالوزيرين المسيحيين اللذين يصر عون وباسيل على تسميتهما.

يشير مصدر مطلع على نقاش باسيل ووفد الثنائي الشيعي أن الاجتماع تم خلاله تذليل أبرز العقبات، حيث أكد باسيل بداية على رفضه إسناد وزارة الطاقة إلى تيار المردة، ووفق المصادر فإن باسيل عبر عن هواجسه من تولي المردة للطاقة، بسبب الصراع الدائر على ملف الكهرباء بين الأطراف، لذا فإن الحزب قرر التنازل عن إحدى وزاراته مقابل حصوله على الطاقة.

وفد الثنائي الذي التقى باسيل اقترح عليه حلاً لمعضلة تسمية الوزيرين المسيحيين، وهو أن يتم اختيارهما من موظفي الدرجة الأولى في المؤسسات العامة للدولة، وهذا الاقتراح يعني أن الطرفين لن يخرجا خاسرين من معركة كسر العظم الذي جرت خلال الأشهر الماضية، لكون الموظفين يخضعون لصفة "اختصاصيين".

وفقاً لمصادر الثنائي الشيعي -حزب الله وحركة أمل- فإن الوفد أكد لباسيل عن مطلب الحريري، وهو اشتراطه إعطاء عون الوزراء الثمانية، شريطة منح كتلة باسيل المسيحية في البرلمان الثقة للحكومة في حال تشكيلها، وإلا فإنه لن يعطي عون أكثر من 4 وزراء، وهذا ما رفضه باسيل، الذي يعتبر أنه غير مضطر لإعطاء ثقة لحكومة برئاسة خصمه -الحريري- وأنه يفضل أن يكون معارضاً.

ماذا أبلغ الحزب باسيل منذ أيام؟

رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومعه حزب الله توصلا منذ يومين لتعهد من تيار المستقبل بزعامة الحريري والتيار الوطني الحر بزعامة باسيل، يقتضي وقف السجال الإعلامي خلال زيارات قام بها الوزير علي حسن خليل مع الحريري وباسيل، تهدف لوقف السجالات الإعلامية تمهيداً لإعادة التفاوض بين الجانبين بإيجابية.

لكنّ شيئاً آخر كان حزب الله يعمل عليه، وفق المصادر، وأبلغه للوزير جبران باسيل، وهو رفض الحزب الاستقالة التي كان يلوح بها باسيل من المجلس النيابي، والذهاب إلى الانتخابات البرلمانية المبكرة إذا استمر الحريري في رفض إعطائه تسمية الوزيرين المسيحيين في الحكومة، ووفقاً للمصادر فإن لقاء جرى بين باسيل ووفيق صفا في دارة باسيل، حيث استمع باسيل من صفا لموقف أمين عام الحزب حسن نصرالله، القاضي بعدم الذهاب لأي استحقاق طارئ، وأن الانتخابات البرلمانية المبكرة ستؤدي لسحب التمثيل المسيحي الأكبر من التيار الوطني الحر، وتحويله لأحزاب أخرى مسيحية في ظل حالة عدم الرضا المسيحي عن التيار. 

هل الحزب جاد في تشكيل حكومة؟

وفقاً للمحلل السياسي اللبناني أيمن جاد فإن حراك حزب الله الحكومي هو حراك وهمي وغير جدي، لأن الحزب لو أراد تشكيل الحكومة كان باستطاعته التحرك قبل أشهر، أي منذ اللحظة الأولى لتعثر التفاوض بين عون والحريري وانسداد الأفق بينهما، كونه يمتلك القوة للضغط على الجانبين، إلا أن الحزب يحرص على ترك الأمور عالقة حتى تتضح صورة المفاوضات بين طهران والولايات المتحدة والسعودية.

ووفقاً للمحلل اللبناني فإن الحزب يرى أن التنازل في الحكومة، أو التمسك بالإمساك بمفاصل البلاد والإتيان بحكومة موالية مباشرة له، يرى جاد أن حزب الله يرفض فكرة حكومة الانتخابات بإشراف دولي، لأنها تعني ذهاب الأكثرية التي صنعها في انتخابات 2018 مع حلفائه، لذا فإنه يفضل في حال تعذر تشكيل حكومة برئاسة الحريري في هذه المرحلة، أن تبقى حكومة دياب ممسكة بمفاصل الإدارات، وتحديداً ملف الانتخابات، والذي بات هاجس الحزب.

ووفقاً لمصدر سياسي مطلع، فإن حزب الله غير متحمس لحسم الأمر لصالح باسيل في الوقت الحالي، لأنه سيفتح شهية الأخير للمطالبة بأمور أكبر، كمحاولة سحب وعد ترشيحه لرئاسة الجمهورية، لكن الحزب يتريث بملف رئاسة الجمهورية، وخاصة أن باسيل معاقب أمريكياً، وغير مرضي عنه أوروبياً، الأمر الذي سيشكل استفزازاً عربياً ودولياً.

أوساط الحريري: قد يعتذر في الخريف ويستعد للانتخابات

ووفقاً لمصادر الحريري فإن الأخير بات مقتنعاً أن أي تقدم في المفاوضات مع باسيل عبر الثنائي الشيعي سيواجَه بشروط جديدة، لذا فإن الحريري الذي كان قد وعد بري بعدم الاعتذار في الوقت الحالي عن تشكيل الحكومة، يدرس جدياً الاعتذار في شهر أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد مرور عام على تكليفه بالمهمة، شريطة ضمانة تشكيل حكومة حيادية لإدارة الانتخابات، برعاية دولية وإقليمية، وخاصة أن كل القوى السياسية بدأت تستعد للانتخابات المقبلة، أي في يونيو/حزيران 2022 القادم، خاصة إذا بقيت الأمور على هذه الوتيرة.

تحميل المزيد