شارك رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو مع عدة آلاف من المعزين في وقفة احتجاجية، مساء الثلاثاء 8 يونيو/حزيران 2021، لإحياء ذكرى وفاة أربعة أشخاص ينتمون لثلاثة أجيال من المسلمين الكنديين قُتلوا نتيجة لما وصفته كندا بالهجوم الإرهابي، في الوقت الذي اتحد فيه المجتمع الحزين في خضم الأزمة.
ترودو قال في كلمة للمعزين إن حكومته ستتخذ إجراء، دون الخوض في تفاصيل، وذلك بعد أن وضع زهوراً على درج المسجد، وأضاف: "كان عملاً شريراً، لكن النور الذي نستقيه من الناس الذين حضروا هنا اليوم والنور الذي يشع من حياة عائلة أفضال سيكون دوماً أقوى من الظلام".
ارتدى غالبية من شاركوا في الوقفة كمامات، بعد استثناء من حكومة أونتاريو سمح بإقامة تلك الوقفة رغم القيود الخاصة بفيروس كورونا، وكان من بين الحضور أيضاً زعيم المعارضة الكندية إرين أوتول إضافة لزعماء سياسيين آخرين.
بلال رحال، مدير مسجد لندن بأونتاريو، قال للمشاركين في الوقفة: "هذه مدينتنا، لا يجب أبداً السماح لأي شخص أن يجعلك تفكر بطريقة أخرى بسبب لون بشرتك أو عقيدتك أو المكان الذي وُلدت فيه… هذه مدينتنا ولن نذهب إلى أي مكان آخر".
حزن في كندا
وفجَّر الهجوم حالة من الحزن على مستوى البلاد، وأدى لتنظيم وقفات احتجاجية مماثلة في تورنتو وفانكوفر ومدن أخرى في جميع أنحاء كندا.
ويأتي هذا بعد أن شهد الأحد مقتل أربعة أفراد من أسرة واحدة أثناء سيرهم ليلاً بالقرب من منزلهم في لندن بمقاطعة أونتاريو، وقالت الشرطة إن شخصاً قتلهم دهساً بشاحنة صغيرة، وإنه استهدفهم بسبب دينهم.
والضحايا هم: سلمان أفضال (46 عاماً)، وزوجته مديحة سلمان (44 عاماً)، وابنتهما يمنى أفضال (15 عاماً). كما توفيت والدة أفضال التي تبلغ من العمر 74 عاماً. وظل ابنهما فائز أفضال (9 أعوام) في المستشفى يوم الثلاثاء بعد إصابته بجروح خطيرة لا تهدد حياته وحالته مستقرة.
وتم توجيه الاتهام لناثانيال فيلتمان (20 عاماً) بقيادة شاحنة صغيرة وتجاوزه الرصيف ليصدم عائلة في مدينة لندن التي يتجاوز عدد سكانها 400 ألف نسمة، وتقع على بعد 200 كيلومتر جنوب غرب تورنتو.
وألقي القبض عليه يوم الأحد على بُعد بضع مئات من الأمتار من مسجد لندن الذي كانت عائلة أفضال ترتاده.
كندا تتحرك لمواجهة جرائم الكراهية
كما تعهَّدت كندا، الثلاثاء 8 يونيو/حزيران 2021، باتخاذ المزيد من الإجراءات والخطوات التي تهدف إلى تفكيك الجماعات اليمينية المتطرفة، وذلك على خلفية الهجوم الذي وصفته بالإرهابي، والذي أدى لمقتل أربعة أفراد من أسرة مسلمة في مدينة لندن في أونتاريو.
حيث قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو: "سنواصل محاربة الكراهية عبر شبكة الإنترنت وغيرها، ويشمل ذلك اتخاذ مزيد من الإجراءات لتفكيك الجماعات اليمينية مثل (Proud Boys)، من خلال إضافتها لقائمة الإرهاب في كندا".
كما لفت ترودو إلى مواصلة تمويل برامج، مثل برنامج البنية التحتية الأمنية للمساعدة في حماية المجتمعات المعرضة للخطر وأماكن عبادتها ومدارسها.
جاء ذلك في كلمة لرئيس الوزراء الكندي، أمام مجلس العموم، استهلها بقول: "السلام عليكم"، عقب انتهاء دقيقة صمت؛ حداداً على أرواح القتلى المسلمين.
توجيه تهمة "الإرهاب" للمتهم
من جهته، قال عمدة لندن إيد هولدر، في مؤتمر صحفي: "هذا من أعمال القتل الجماعي، والكراهية التي لا توصف، والإسلاموفوبيا، ارتُكب ضد المسلمين، ضد سكان لندن"، وقال إن الكلمات "لا تكفي. يجب أن نُظهر هذه الكلمات ونتصرف بناء عليها".
تابع هولدر أن في لندن، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 400 ألف نسمة، جالية مسلمة كبيرة، واللغة العربية هي ثاني أكثر اللغات استخداماً في المدينة.
بدوره، أكد مدير المباحث في قسم شرطة لندن، بول وايت، أن "هناك أدلة على أن هذا كان عملاً مدبراً مع سبق الإصرار وبدافع الكراهية.. نعتقد أن الضحايا استُهدفوا بسبب دينهم الإسلامي"، منوهاً بأن الشرطة في لندن تتشاور مع شرطة الخيالة الكندية الملكية والمدعين العامين، بشأن احتمالية توجيه اتهامات بالإرهاب.
كما وُجهت إلى المتهم المقيم في لندن الكندية، الذي تم اعتقاله بعد الحادث، أربع تهم بالقتل من الدرجة الأولى، وتهمة واحدة بمحاولة القتل. ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة، الخميس، بعد أن حُبس احتياطياً يوم الإثنين.
قالت الشرطة في كندا إن المشتبه به ليس لديه سجل جنائي، ولا يُعرف عنه أنه عضو في جماعة كراهية، أو وجود متواطئين معه، مشيرة إلى أنه ألقي القبض عليه في موقف للسيارات بمركز تجاري، بينما كان يرتدي سترة واقية من الرصاص.