يستقبل المسؤولون في مصر أية توجيهات رئاسية، ويطبقونها على الفور دون تفكيرٍ أو رؤيةٍ واضحة؛ الأمر الذي حصل مع قرار نقل معارض السيارات في مصر خارج الكتلة السكنية، تنفيذاً لرغبة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
قرار السيسي جاء بعد جولة تفقدية له في الأول في مايو/أيار 2021 في المجمع المتكامل والمقر الجديد لمدينة السيارات على طريق القاهرة (العين السخنة- القطامية)، إذ وعد الرئيس بأن المكان الجديد سيشهد طفرة استثنائية، وسيكون مدينة متكاملة لبيع السيارات.
عشوائية التنفيذ
فكرة مدينة السيارات تبدو في مجملها جيّدة، لكن المشكلة أن المسؤولين كالعادة شوهوها بقراراتهم، إذ تعاملوا مع توجيهات الرئيس بعشوائية شديدة، إذ فوجئ أصحاب معارض السيارات في مصر بإخطارات وصلتهم من إدارات التنمية المحلية، تُطالبهم بضرورة إخلاء معارضهم خارج حيّز النطاق السكني بالمحافظات والمدن خلال مدة تراوحت بين 3 و6 شهور.
قرار نقل المعارض جاء دون توضيح، ودون الإجابة عن مجموعة من الأسئلة منها: أين سينتقلون؟ وهل مدينة السيارات تتسع لكل معارض مصر؟ وكم يبلغ سعر المتر في المدينة الجديدة؟ وهل سيكون الأمر بالبيع أو بالإيجار؟
مصدر حكومي قال لـ"عربي بوست" إن "وزارة التنمية المحلية أصدرت قراراً بشأن نقل معارض السيارات خارج الكتلة السكنية خلال مدة أقصاها 6 أشهر من تاريخ الإخبار، دون تمهيدٍ أو تفرقة بين المعارض المُرخصة وغير المرخصة، وجاء ذلك تنفيذاً لتوصيات الكتاب الدوري رقم 100 لسنة 2021".
وحسب المصدر ذاته فإن "القرار يهدف إلى اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه معارض السيارات المرخصة، وعدم تجديد الرخص المؤقتة للمعارض داخل الكتلة السكنية، وفي حالة عدم التنفيذ سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية مع تحديد مهلة لنقل المعارض بشكل كامل".
وأضاف المصدر أن "القرار أثار غضب أصحاب معارض السيارات والعاملين فيها على حد سواء، وذلك بسبب عدم مراعاة أن ذلك يُهدد عشرات الآلاف من العاملين والموظفين الذين يشتغلون في أكثر من 6 آلاف معرض سيارات، و18 ألف صالة عرض بمختلف المحافظات".
وأشار المصدر إلى أن "القرار خلق حالة ارتباك بين أصحاب المعارض، وظهر ذلك جلياً في تصريحاتهم لوسائل الإعلام، واجتماعاتهم على مدار الساعة، ونيتهم التصعيد".
ويُبرر المصدر ذاته صدور القرار قائلاً إن "أغلب معارض السيارات لا تلتزم بالمساحات المخصصة لها، وتفترش سياراتهم الأرصفة وأماكن الانتظار الخاصة بالمواطنين، مما تسبب بفوضى في الطريق".
القرار حسب المتحدث، سيظل في صالح المستهلك، لأنه سيكون هناك مكان واحد مخصص للبيع، وذلك سيُوفر الوقت بدلاً من التنقل بين المعارض في أماكن مختلفة للبحث عن السيارة التي يرغب بشرائها، أو الحصول على أفضل سعر، مما سيخلق منافسة بينهم تصب في صالح العميل.
تصعيد أصحاب المعارض
علمت "عربي بوست" من مصادر خاصة داخل رابطة معارض السيارات أن الأعضاء يعتزمون التصعيد في حال أصرت الحكومة على القرار، وأنهم جمعوا أكثر من 1500 توكيل لإقامة دعوى قضائية بمجلس الدولة ضد قرار وزارة التنمية المحلية، وذلك بهدف التأجيل أو الإلغاء
واعتبر أصحاب معارض السيارات أنه لا يمكن إخلاء الكتل السكنية من معارض السيارات إلا بعد توفير بديل يقلل من خسائر التجار وما ينتج عن ذلك من آثار سلبية، كتقليل العمالة، وتغطية تكلفة المعارض الجديدة، وخسارة الاستثمارات التي وضعوها في المعارض الخاصة بهم.
عضو برابطة رابطة معارض السيارات قال لـ"عربي بوست" إن "القرار أثار شكوك أصحاب معارض السيارات، خاصة الصغيرة، منها بأن هناك تربصاً بهم لصالح "أباطرة السوق"، وهم تجار السيارات أصحاب الأسماء الكبيرة، لأن هؤلاء لا يفرق معهم الانتقال، لكن بالنسبة للآخرين وهم الأكثرية فالقرار يعد تعجيزاً لهم، وحيلة للقضاء على نشاطهم ليقتصر السوق على تجار بأعينهم، لا ينافسهم فيه أحد، وبالتالي يتحكمون في الأسعار كما يريدون".
من جهته، قال عضو بشعبة السيارات وأحد أصحاب المعارض لـ"عربي بوست" إن "المشكلة الرئيسية تكون في أن الجميع يطبق كلام السيسي بحذافيره دون مناقشة أو تفكير"، موضحاً أنه "أثناء زيارة الرئيس لمدينة السيارات الجديدة، طالب بنقل المعارض إليها، ومن هنا شمرت المحليات عن سواعدها بدون دراسة أو حتى تفكير، وقامت بإرسال إخطارات لأصحاب المعارض تُطالبهم بالإخلاء".
وأضاف المتحدث أن "وزارة المحليات أرسلت إليه إخطارين (اطلع عليهما عربي بوست) لإخلاء معرضين يملكهما على الرغم من أنه غيّر نشاط أحدهما منذ عامين من معرض لبيع السيارات إلى شركة لبيع لوازم وإكسسوارات السيارات".
ونقل العضو أسئلة كثيرة تدور بين أصحاب المعارض حول القرار لا يجدون لها أجوبة منها: هل سيتم ترك المعارض المرخصة بنفس مكانها ولن ينطبق عليها هذا القرار؟ وهل ستزاول عملها كما هي مع الالتزام بمساحتها البنائية دون التطرق للأرصفة وشغل أماكن انتظار السكان؟ أم أن القرار يسري عليهم أيضاً؟ وسيتم نقلهم خارج الكتلة السكنية؟
أيضاً يتساءل أصحاب المعارض حول المهلة المُحددة لإخلاء المعارض، هل هي مهلة قانونية محددة ملزمة لمن استوفى واجباته تجاه الدولة، من سجل تجاري وبطاقة ضريبية، وترخيص، ورسم هندسي، ودفاع مدني، وتأمينات للعمال؟
ومن بين الأسئلة الرائجة هل الوزارة هي من فرضت المدة المحددة الموجودة بالأخطار لنقل المعارض؟ أم أنها قامت بالتوجيه فقط والمحافظة هي من اجتهدت بتنفيذ التوصيات وتحديد مهلة مختلفة "حسب مزاج كل محافظ"؟
غياب الدراسات
الإخطارات التي اطلع عليها "عربي بوست" اختلفت مهلتها من محافظة إلى أخرى، فمثلاً في محافظتي الإسكندرية والجيزة أُرسلت منذ أيام لمعارض السيارات ونقلها خارج المنطقة السكنية بحلول أغسطس/آب 2021 كحد أقصى، أما محافظة المنوفية فأعطت مهلة ستة شهور.
المفاجأة كشفها مصدر حكومي بمحافظة القاهرة لـ"عربي بوست" كون أن "المحافظة لم تتلق أية قرارات بمنع إقامة معارض السيارات ونقلها من المناطق السكانية حتى الآن سواء، كان من وزارة الإسكان أو التنمية المحلية، على الرغم من أن القاهرة تحتوي على أكثر من 6000 معرض سيارات، وإذا كان هناك نقل لسوق السيارات على طريق القاهرة العين السخنة، فمعارض القاهرة لها الأولوية نظراً للموقع الجغرافي".
محمود، عضو رابطة تجار السيارات، قال لـ"عربي بوست": "هناك ضبابية وارتباك داخل وزارة التنمية المحلية، إذ إنها أخطرت بعض المحافظات بإبلاغ أصحاب معارض السيارات، بالانتقال خارج الكتلة السكنية، لكنها لم تذكر ما هي آلياتها في التنفيذ، وما البدائل المطروحة بعد إخلاء المعرض، وأين سيتم نقله".
وأضاف المتحدث: "هناك معارض لديها ساحات عرضٍ ذات مساحات كبيرة جداً، ولا تتسبب في حدوث اختلالات مرورية، أو تشغل نطاق الحيّز السكني، فلماذا يتم إغلاقها وتكبيدها خسائر مالية وتشريد آلاف العاملين بها؟!".
وأضاف المتحدث أن "تلك القرارات ستؤدي إلى خروج عدد كبيرٍ جداً من أصحاب المعارض من السوق لعدة أسباب، أولها أن مدينة السيارات الجديدة لا تستوعب نقل جميع المعارض إليها، والتي يتراوح عددها بين 10 إلى 15 ألف معرضٍ بمختلف محافظات مصر، بينما القدرة الاستيعابية للمدينة الجديدة لا تسمح حتى بانضمام كل معارض القاهرة فقط إليها".
وأرجع المتحدث السبب كون أن "مساحتها تقدر بـ57 فداناً، ولا يُمكن البناء سوى على مساحة 40% فقط منها بموجب قانون المدن الجديدة، وبالتالي فالتوقعات أن المدينة الجديدة سوف تتحمل وجود 200 معرض سيارات كحدٍّ أقصى".
وتساءل المتحدث هل الدولة ستقوم بتوفير الأماكن المخصصة خارج الكتلة السكنية؟ وهل ستُعوض صاحب المعرض عن الملايين التي صرفها على معرضه؟ أم ستترك أصحاب المعارض في مهب الريح؟ وهل الدولة ستقوم بصرف رواتب شهرية لآلاف العمال الذين سوف يتم تشريدهم في حالة إخلاء المعرض أم ستتركهم لمصيرهم؟
وأشار المتحدث إلى أن "الحكومة لم تلجأ للحل الوسط، وهو حصر أعداد المعارض المخالفة التي تتسبب في وجود أزمةٍ حقيقيةٍ داخل المناطق السكنية، والعمل على توفير الأماكن المناسبة لها، بدلاً من تعميم الْقَرَار على كافة المعارض، أو توفر سوق سيارات مركزياً لكل محافظة على حدة قبل الشروع في إرسال الإنذارات؛ لكي يتمكن أصحاب تلك المعارض من النقل إليها".
البرلمان لا يعلم
أثناء إنجاز هذا العمل الاستقصائي اكتشف صحفي "عربي بوست" أن هذا القرار تم اتخاذه بدون علم من البرلمان، وربما سمع الأعضاء عنه من الجرائد أو من المواقع "المعادية"، وهو ما عبر عنه بوضوح النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة الإدارة المحلية، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في جلسة برلمانية لمناقشة القرار.
وقال المتحدث: "أحياناً نكون في المجلس، ونسمع أخباراً من قنوات معادية، ومواقع التواصل الاجتماعي بسبب تطبيق خاطئ، وغياب التنسيق بين الإدارة المركزية والمحافظات، والدليل أن التطبيق يختلف من محافظة لأخرى".
ودعا النائب البرلماني وزارة التنمية المحلية للتواصل مع المحافظات، لتوضيح كيفية تطبيق القرار، والمطالبة بأن هذا القرار لا يخُص المعارض المرخصة، وألا يطبق بشكل عشوائي.
في نفس السياق أكد النائب أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب "بشأن القرار أو آليات تطبيقه، لم تُخبر اللجنة بهذا القرار من قريب أو من بعيد، وأنها ستُخاطب الحكومة ممثلة بوزارة التنمية المحلية بشأن قرارها بنقل معارض السيارات خارج الكتل السكنية وحيثياته ومبرراته والبدائل المطروحة، خاصة أن هذه الصناعة كبيرة، وبها نسبة عمالة أكبر، وبالتالي الاستماع لجميع الأطراف في هذا القرار ضرورة مهمة".
من جانبه، قال النائب محمد الحسيني، وكيل لجنة الإدارة المحلية إن "فلسفة التطبيق والقرار غائبة عن الحكومة".
لكن عضواً بالشعبة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية، كشف لـ"عربي بوست" أن "الهجوم البرلماني على الحكومة لا يعني إلغاء القرار"، مؤكداً "استمرار تنفيذ قرار نقل المعارض رغم تصريحات متحدث وزارة التنمية المحلية، والذي أكد أنه لن يتم إغلاق معارض السيارات في المحافظات بشكل مفاجئ، ولكن سيتم النقل التدريجي".
من جهته، شعبان الحاوي، رئيس مجلس إدارة شركة الحاوى للتجارة، عضو رابطة تجار السيارات، وأحد الموزعين المعتمدين للعلامات التجارية في مصر، أشار إلى أن "قرار نقل معارض السيارات خارج المناطق السكنية غير منطقي على الإطلاق خلال الفترة الحالية، خاصة أن سوق السيارات يشهد حالة غير مسبوقة من الارتباك، نتيجة التداعيات السلبية لانتشار فيروس كورونا".
وأضاف المتحدث أن "الدولة تحتاج وقتاً كبيراً لاستكمال التجهيزات اللازمة لنقل المعارض إلى مدينة السيارات الجديدة، وإخلاء جميع المناطق السكنية من معارض السيارات دون تكبدهم لخسائر كبرى، ومن الصعب تنفيذ كل هذا دون أن تُحدد الحكومة الأماكن البديلة لنقل صالات العرض إليها، نظراً لأن تكاليف النقل ستُساهم في زيادة الأعباء المالية على عاتق أصحاب تلك المعارض".
تضارب الأرقام
عماد، صاحب معرض سيارات بمحافظة المنوفية، قال لـ"عربي بوست" إن "الجميع يُنفذ تعليمات الرئيس بدون مناقشة، فمدينة السيارات الجديدة بطريق "السخنة-القطامية" التي تسعى التنمية المحلية لنقل المعارض إليها، لن تكون قادرة على استيعاب نحو 6000 شركة، وما يتراوح بين 15.000 إلى 18.000 صالة عرض".
رغم ذلك توقع عماد أن "تستمر الوزارة في تعنتها من خلال فرض غرامات كبيرة على المخالفين، وإغلاق المعارض بالقوة، مما ينذر بقيام ثورة" مشيراً إلى أن "تلك المعارض نسبة الوكلاء فيها لا تتجاوز 2% فقط، مقابل 8% موزعة بينما الـ 90% الباقية تجار تجزئة لا يستطيعون شراء معارض جديدة، ولا يستطيعون دفع إيجارها، خاصة أن البعض صرف ملايين على تجهيز معرضه فمن سيعوضه إن أغلقها.
وأضاف صاحب المعرض أن "مدينة السيارات الجديدة لا تزال تحت الإنشاء، والانتهاء منها يحتاج إلى فترة أكبر من المهلة المحددة في الخطابات المرسلة إلى أصحاب المعارض، فأين سيذهب هؤلاء في الفترة بين تاريخ الإخلاء وتاريخ الانتهاء؟ وأين الأماكن التي سيتم نقل المعارض إليها خارج الكتلة السكنية؟".
وأعطى المتحدث مثالاً بمدينة شبين الكوم، إذ قال إنه "لا يوجد ظهير صحراوي خارج الكتلة السكنية، نظراً لتلاصق المدينة بالقرى المجاورة، مطالباً بعدم تطبيق قرارات نقل المعارض قبل توفير بدائل مناسبة لأصحابها، وذلك بوقف وتشديد الرقابة على معارض السيارات التي تشغل الطريق العام، وفرض عقوبات صارمة عليهم، ودراسة استثناء الصغار برسوم لفترة انتقالية كافية".
وأشار المتحدث إلى أن "عدداً كبيراً من أصحاب المعارض استقبل هذا القرار بالرفض، وهو مؤشر على عزوفهم عن الذهاب لهذه المدن الجديدة للسيارات لارتفاع الأعباء بسبب بعد المكان، وهو ما سيؤدي إلى تراجع في المبيعات حتماً، مع اللجوء إلى البيع والشراء عبر المنصات الإلكترونية".
وكشف المتحدث عن حيلة سيلجأ إليها أصحاب المعارض في حال أصرت الحكومة على تنفيذ القرار، وهو إغلاق المعرض، والانتقال إلى منطقة سكنية أخرى، والمحافظة تعاود إخطارها مرة أخرى، وهكذا.
"أباطرة سوق السيارات" في مصر
الأخطر ما ألمح إليه صاحب معرض آخر في الجيزة لـ"عربي بوست" كون أن "القرار هدفه تفريغ السوق من أصحاب المعارض الصغيرة لإخلاء الساحة لـ"أباطرة السوق"، من أصحاب المعارض الكبيرة، فهم الوحيدون القادرون على الانتقال، مثل: المصرية للسيارات، وغبور، وسمير ريان، والقرش، والأحمدي".
الكلام الرائج بين أصحاب المعارض الصغيرة، أكده ترحيب أصحاب المعارض الكبيرة بالقرار، ما دفع البعض للاعتقاد بأن القرار اتخذ بالتنسيق معهم.
وقال صاحب واحدة من أكبر شركات توزيع السيارات محلياً، عضو الشعبة العامة للسيارات، وعضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية، إنه "تلقى بالفعل إخطارات بنقل معارضه من المناطق السكنية إلى خارجها. وقال إنه لا توجد لديه مشكلة في الانتقال، طالما أن هناك بدائل مناسبة للانتقال تقدمها الحكومة لهم".
من جهته، أشاد المهندس عفت أديب، العضو المنتدب لشركة "غبور"، بالقرار واعتبره في غاية الأهمية، ولا بُد أن ينفذ؛ إذ أصبح من يمتلك مدخل عمارة يحوله إلى معرض سيارات ويأخذ الرصيف وجزءاً من الشارع أيضاً لعرض سياراته وهذا وضع لا يمكنه الاستمرار.
وطالب المتحدث بالنسبة لمن لديه مكان مناسب أن تُحدد له مساحة المعرض، وتوضع له الضوابط والشروط، ولا يسمح باستغلال الرصيف لأنه ملك للعامة.
يقول أسامة أبوالمجد، رئيس رابطة تجار السيارات إنهم "طالبوا خلال السنوات الأخيرة في أكثر من مناسبة بضرورة إنشاء مدينة نموذجية تضم معارض السيارات على غرار الكثير من الصناعات التي تم إنشاء مدن لها، وبالفعل تم تخصيص 57 فداناً لعرض السيارات الجديدة والمستعملة خارج حدود القاهرة بعيداً عن الزحام، إلا أنه فوجئ بقرار وزارة التنمية المحلية الذي تجاهل المدينة الجديدة تتسع لكل المعارض".
وحذر المتحدث من التسرع في تنفيذ إجراءات نقل المعارض دون مراعاة البُعد الاجتماعي، لما سينتج عنه من ضرر لعشرات الآلاف من الأسر، فضلاً عن خسائر فادحة لقطاع السيارات، خاصةً القطاع الصناعي؛ حيث يوجد 19 مصنعاً لتجميع وتصنيع السيارات مرتبطة بـ170 مصنعاً لإنتاج مكونات وأدوات التغذية، بالإضافة لمصنع إنتاج السيارات الكهربائية الجديد بشركة النصر".
مدينة السيارات ليست جاهزة لاستقبال المعارض
مشروع مدينة السيارة هو مقترح ظهر لأول مرة في عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك، لكنه لم يصل لمستوى التنفيذ بسبب الخلافات حول تفاصيل المشروع وموقعه وكيفية استفادة التجار منه، ثم أُعيد إحياؤه مؤخراً في إطار حملة البناء والمدن الجديدة التي ينفذها عبدالفتاح السيسي منذ توليه مهام منصبه عام 2014.
وتقع المدينة الجديدة قبل بوابات طريق السويس بـ500 متر، على طريق العين السخنة-القطامية، وتقام على مساحة 57 فداناً، وكان مقرراً افتتاحها في عام 2017، لكن تأجل الأمر بسبب رغبة مسؤولي محافظة القاهرة في أن يكون المشروع حق انتفاع، وليس التمليك للتجار، وهو ما رفضه التجار معتبرين أن ذلك يعتبر نوعاً من عدم الاستقرار لتجارتهم.
لكن الأمر المثير بحسب مسؤولين كون المدينة الجديدة يشرف على إدارتها وتشغيلها الشركة الوطنية للطرق التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة المصرية، وما زالت تحت الإنشاء حتى الآن، وبالتالي ليست جاهزة لاستقبال المعارض، ولا أحد يعرف متى ستكون جاهزة.
ونفى العميد إبراهيم إسماعيل، المدير التنفيذي لأسواق السيارات المستعملة بمحافظة القاهرة، بدء تشغيل مدينة السيارات الجديدة، موضحاً أنها لا تزال قيد الإنشاء، وأنها لا تحتوي حتى الآن على أي خدمات مثل مكتب الشهر العقاري، وفروع البنوك، وهيئة إدارة السوق، ومكاتب الفحص الفني والتقييم وغيرها.
وأضاف المتحدث أنه "لم يتم حتى الآن تحديد موعد رسمي لافتتاح المدينة الجديدة التي ستحل بديلاً لسوق العاشر بمدينة نصر، والتي سوف تشمل جميع معارض السيارات الموجودة بالقاهرة والجيزة، ذلك إلى جانب التجار الصغار".
وأشار المتحدث في تصريح إلى أن "الخدمات التي ستقدم للمستهلكين والتجار على السواء داخل مدينة السيارات الجديدة، غير مسبوقة، وقد تكون مفاجئة للكثير من المصريين، منها منع بيع أي سيارة داخل أروقة المدينة دون تقرير شاملٍ موثقٍ عن حالتها الفنية من إحدى الشركات المتخصصة، كما سيكون من حق العميل الرجوع لتلك الشركة إذا اكتشف أن السيارة لا تتوافق مع التقرير".