أقرّ الجيش الأمريكي في تقرير نُشر الأربعاء 2 يونيو/حزيران 2021 بأنّه قتل في العمليات العسكرية التي نفّذها حول العالم في السنة الماضية 23 مدنياً، غالبيتهم العظمى في أفغانستان، في حصيلة أدنى بكثير من تقديرات أوردتها منظمّات غير حكومية.
وزارة الدفاع الأمريكية قالت في التقرير الذي يُلزمها الكونغرس منذ 2018 بإعداده سنوياً وتنشر الجزء العلني منه بينما تُبقي جزءاً آخر سرّياً، إنّ "البنتاغون يقدّر أنّ 23 مدنياً قُتلوا و10 آخرين أصيبوا بجروح في 2020 في عمليات عسكرية أمريكية"، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
مدنيون عراقيون ضمن الضحايا
وفقاً للتقرير، فإنّ الغالبية العظمى من هؤلاء القتلى المدنيين سقطوا في أفغانستان، حيث أقرّ الجيش الأمريكي بمسؤوليته عن مقتل 20 مدنياً، في حين توزّع القتلى المدنيّون الثلاثة الباقون كالآتي: واحد قُتل في الصومال في شباط/فبراير وواحد قُتل في العراق في آذار/مارس، وواحد لم يُكشف عن مكان أو زمان مقتله في هذا الجزء العلني من التقرير.
بالإضافة إلى ذلك، أعاد البنتاغون تقييم حصيلة القتلى والجرحى المدنيين الذين سقطوا في العمليات العسكرية الأمريكية في الفترة الممتدّة بين 2017 و2019، بحيث باتت الحصيلة الجديدة تقرّ بسقوط 65 قتيلاً و22 جريحاً، غالبيتهم العظمى في سوريا واليمن.
كما لفت التقرير إلى أنّه على الرّغم من أنّ الكونغرس خصّص للبنتاغون ميزانية قدرها 3 ملايين دولار في 2020 لدفع تعويضات مالية لعائلات ضحايا مدنيين سقطوا في عمليات عسكرية أمريكية، فإنّ أيّاً من هؤلاء الضحايا لم يحصل على أيّ من هذه "العطايا"، وهي التسمية الرسمية المستخدمة في توصيف هذه الدفعات، لأنّ واشنطن تعتبر أنّ دافعها أخلاقي وليس قانونياً.
وحصيلة الضحايا المدنيين للعمليات العسكرية الأمريكية حول العالم هي أدنى بكثير من تلك التي تنشرها بانتظام منظمات غير حكومية متخصّصة.
تقديرات بمقتل 100 مدني!
ووفقاً لمنظمة "إيروورز" التي تحصي أعداد القتلى المدنيين الذين يسقطون في غارات جوية حول العالم، فإنّ أكثر التقديرات تحفّظاً تفيد بأنّ العام الماضي سجّل مقتل مئة مدنيين في العمليات العسكرية الأمريكية حول العالم، أي خمسة أضعاف ما أقرّ به البنتاغون.
فيما نقلت هذه المنظمة عن بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما) أنّ عام 2020 سجّل مقتل 89 مدنياً وإصابة 31 آخرين بجروح في العمليات التي نفّذتها قوات التحالف بقيادة الجيش الأمريكي في هذا البلد.
وفي الصومال، حيث أقرّ البنتاغون بمقتل مدني واحد فقط في عملياته في 2020، قدّرت "إيروورز" ومنظمات غير حكومية أخرى عدد القتلى المدنيين في هذا البلد بسبعة، بينما نقلت المنظمة غير الحكومية نفسها عن مصادر محلية في سوريا والعراق أنّ ستّة مدنيين قُتلوا في العمليات العسكرية التي نفّذها الجيش الأمريكي في هذين البلدين في العام الفائت.
بالنسبة للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، فإنّ "التحقيقات التي تجريها وزارة الدفاع والاعتراف بمسؤوليتها عن مقتل مدنيين يظلّان غير كافيين على نحو رهيب".
فيما أعربت هينا شامسي، المسؤولة في الاتّحاد، عن "ذهولها لواقع أنّ وزارة الدفاع لم تعرض أو تدفع في 2020 أيّ تعويض للأسر المدنية المعنية على الرّغم من تخصيص الكونغرس أموالاً" لهذه الغاية.
انسحاب الجيش الأمريكي
يُشار إلى أن واشنطن وبغداد أعلنتا في أبريل/نيسان 2021، اتفاقهما على تحوُّل دور القوات الأمريكية والتحالف الدولي في العراق إلى "استشاري تدريبي"، مع انسحاب "القوات القتالية"، وفق جدول زمني يتفق عليه الطرفان في "محادثات فنية مقبلة".
جاء ذلك في بيان مشترك عقب انتهاء جولة ثالثة من الحوار الاستراتيجي بين البلدين، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، بمشاركة ممثلين عن حكومتي البلدين، برئاسة وزيري الخارجية، إضافة إلى ممثلين عن إقليم كردستان شمالي العراق.
وأفاد البيان بأنه "في ضوء تطور قدرات القوات الأمنية العراقية، توصل الطرفان إلى أن دور القوات الأمريكية وقوات التحالف قد تحوَّل الآن إلى المهمات التدريبية والاستشارية".
وأضاف أن هذا الدور سيكون على "نحو يسمح بإعادة نشر (انسحاب) المتبقي من القوات القتالية خارج العراق، على أن يتفق الطرفان على التوقيتات الزمنية في محادثات فنية مقبلة".
فيما قررت الولايات المتحدة أن تنسحب نهائياً من أفغانستان بعد عشرين عاماً على غزوها منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، واتخذ القرار الرئيس جورج بوش (الابن) معلناً "الحرب على الإرهاب"، وطوال عقدين من الزمان تحولت أفغانستان إلى الحرب الأطول في التاريخ الأمريكي، وباتت توصف بأنها "حرب أبدية" بعد أن عجزت ثلاث إدارات سابقة عن اتخاذ قرار بالانسحاب من أفغانستان وتنفيذه بالفعل.
ومنذ 2014، تقود واشنطن تحالفاً دولياً لمكافحة "داعش"، الذي استحوذ على ثلث مساحة العراق آنذاك، حيث ينتشر بالعراق نحو 3000 جندي للتحالف، بينهم 2500 أمريكي.