الصراع يتجدد بين الكاظمي والفصائل المسلحة.. هل يستغل رئيس الوزراء “فوضى” التظاهر لتأجيل الانتخابات؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/01 الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/06/01 الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي/ الأناضول

في 25 من مايو/أيار 2021 خرج الآلاف من الشباب العراقي للتظاهر احتجاجاً على حملات الاغتيال والاختفاء القسري، التي يتعرض لها الناشطون والصحفيون منذ الحركة الاحتجاجية في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019، مطالبين بالضغط على حكومة مصطفى الكاظمي، للتحقيق في اغتيال عشرات النشطاء، والإعلان عن أسماء المتورطين في قتلهم.

وبعد انتهاء المظاهرات التي شهدت مواجهات بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين، أصدر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مذكرة توقيف بحق أحد كبار قيادات الحشد الشعبي، وهو قاسم مصلح، قائد لواء الطفوف بمحافظة الأنبار، والمسؤول عن كافة عمليات الحشد الشعبي، في المحافظة ذات الأغلبية السنية.

قاسم مصلح واغتيال النشطاء العراقيين

قاسم مصلح هو أحد قادة الفصائل المسلحة التي تدين بالولاء لآية الله العظمى، علي السيستاني، والتي تنطوي تحت مظلة هيئة الحشد الشعبي، الذي تأسس عام 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وكانت مهمة هذه الفصائل حماية الأضرحة والمزارات الشيعية من هجمات "داعش".

يقول قائد شبه عسكري لفصيل تابع للسيستاني لـ"عربي بوست" إن "قاسم مصلح قاتل مع حشد العتبات حتى عام 2017، وحتى هذه الفترة لم تكن له أي علاقة بالفصائل المسلحة الأخرى المقربة من إيران".

يقول قائد شبه عسكري بارز في فصيل كتائب حزب الله المقربة من إيران، لـ"عربي بوست" إن "أبومهدي المهندس، كان على اتصال بقاسم مصلح، منذ سنوات، وفي النهاية اقتنع مصلح بالانضمام إلى فصائل محور المقاومة".

وكشف المتحدث أنه "تم تعيين مصلح في منصب هام في لواء الطفوف بمحافظة الأنبار، وواصل القتال ضمن الفصائل المقربة من إيران حتى يومنا هذا".

ويعتبر حشد العتبات واحداً من الفصائل المسلحة التي تعلن ولاءها للسيستاني، والتي لم تشارك في المعارك في سوريا، كما الحال مع الفصائل المسلحة الشيعية المقربة من إيران، والتي تشير لنفسها باسم "محور المقاومة".

 بعد عام 2017، انضم قاسم مصلح إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران، بعد اقترابه من رئيس هيئة الحشد الشعبي آنذاك، أبومهدي المهندس قبل اغتياله بجانب الجنرال الإيراني قاسم سليماني، في يناير/كانون الثاني 2020 بالقرب من مطار بغداد الدولي.

لماذا تم اعتقال مصلح؟

في 9 مايو/أيار 2021، تم اغتيال الناشط السياسي البارز في مدينة كربلاء العراقية، إيهاب الوزني، الذي قاد في الأسابيع الأخيرة حملة للتشجيع على إعادة التظاهر للمطالبة بالتحقيق في اغتيال زملائه الناشطين والصحفيين، والتأكيد على أن مطالب الحركة الاحتجاجية الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2019، لم تتحقق.

وصرحت عائلة الناشط السياسي إيهاب الوزني، بأن ابنهم تلقى العديد من التهديدات قبل اغتياله، من قاسم مصلح.

مصدر مقرب من عائلة الوزني قال  لـ"عربي بوست": "أخبرنا إيهاب قبل اغتياله أنه تلقى تهديداً بالقتل من قائدٍ في الحشد الشعبي وهو قاسم مصلح، هذا الأخير الذي هدد بعضاً من زملاء إيهاب في مدينة كربلاء، بسبب دعواتهم للتظاهر مرة أخرى".

كل هذه الأمور دفعت رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي الذي اتهمه المتظاهرين العراقيين بالتورط في مقتل النشطاء بسبب سلبيته، إلى اعتقال قاسم مصلح الذي ورد اسمه بكثرة في الأيام الأخيرة، بعد اغتيال الناشط إيهاب الوزني.

محاصرة المنطقة الخضراء

بعد انتشار خبر اعتقال القوات الأمنية الحكومية، لقاسم مصلح، في طريق عودته من محافظة الأنبار إلى كربلاء، انتشر مقاتلو الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في شوارع العاصمة العراقية بغداد.

 وحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصدر أمني داخل المنطقة الخضراء شديدة التحصين، والتي بها جميع المؤسسات الحكومية والسفارات الأجنبية أن حوالي 6 آلاف من مقاتلي الفصائل حاملي الأسلحة والقنابل اليدوية، حاصروا منزل رئيس الوزراء ، مصطفى الكاظمي.

يقول قائد بازر في كتائب حزب الله العراقية لـ"عربي بوست" إن "الكاظمي يُريد إحداث فتنة بين الشعب العراقي والفصائل المسلحة، ويريد أن يُظهر للجميع أنه غير متورط في قتل المتظاهرين والنشطاء، لذلك اعتقل قاسم مصلح".

وبحسب القائد شبه العسكري، فإن غضب الفصائل المسلحة الموالية لإيران وصل إلى ذروته، بعد أن علموا أن من ذهب لاعتقال قاسم مصلح ليس القوات العراقية الحكومية فقط.

وقال المتحدث لـ"عربي بوست" إن "الكاظمي استعان بقوات أمريكية عدوة، لاعتقال قائدٍ طالما دافع عن بلاده، لا يمكن أن نغفر هذه الكارثة أبداً، نحن نحارب الأعداء وهو يجلبهم لاعتقال قادتنا، لا بد أن يعلم أنه ارتكب حماقة سيكون ثمنها فادحاً".

تحدث مصدر أمني بارز في الحكومة العراقية لـ"عربي بوست"، واصفاً المشهد بعد اعتقال قاسم مصلح قائلاً إن "الكاظمي كان يخطط منذ أسابيع لاعتقال مصلح، بعد أن أثبتت التحقيقات السرية تورطه في اغتيال النشطاء، كما أن بعض السياسيين البارزين نصحوا الكاظمي بعدم الإقدام على هذه الخطوة التي ستجلب المزيد من العنف وزعزعة أمن البلاد قبيل الانتخابات، لكنه صمم على اعتقاله".

من جهته، قال قائد شبه عسكري في فصيل كتائب حزب الله العراقية لـ"عربي بوست" إن "الكاظمي اعتقل مصلح ليس بسبب تورطه في اغتيال الوزني كما يقول، ولكن لكي يثير الفوضى والفتن، ويلجأ إلى تأجيل الانتخابات، لأنه أدرك أنه ليس من مصلحته إجراؤها الآن".

غضب إيراني

في أعقاب اعتقال قاسم مصلح، وهو القائد البارز لدى الفصائل المسلحة الموالية لإيران، تم إيصال رسالة إيرانية على لسان السفير الإيراني في بغداد، أيرج مسجدي، تُعبر عن غضب القيادة العليا في طهران من اعتقال مصلح.

واجتمع السفير الإيراني، مع هادي العامري، رئيس منظمة بدر، ورئيس كتلة الفتح في البرلمان العراقي، والمقرب من إيران، لبحث كيفية حل هذه الأزمة.

مصدر مقرب من هادي العامري قال لـ"عربي بوست" إن "هادي العامري توصل مع باقي القادة السياسيين الشيعة، إلى ضرورة أن تتسلم هيئة أمن الحشد الشعبي، قاسم مصلح، وهي من تتولى عملية التحقيق معه".

وبالفعل، لم يمكث مصلح سوي ساعات قليلة داخل أحد الأجهزة الأمنية الحكومية، وتواصل هادي العامري مع الكاظمي، وتم تسليم مصلح إلى أمن هيئة الحشد الشعبي.

وأعلن الحشد الشعبي بشكل رسمي، في اليوم التالي أن قاسم مصلح، سيتم التحقيق معه من قبل أمن الهيئة، ولكن مسؤولاً أمنياً عراقياً مقرباً من إيران قال لـ"عربي بوست" إن "قاسم مصلح في منزله، ولا صحة لما يدور حول التحقيق معه من قبل أمن الحشد، الرجل يمكث في منزله بعد ساعات قليلة من اعتقاله".

هل يسعى الكاظمي إلى تأجيل الانتخابات؟

تتهم الفصائل المسلحة الشيعية والموالية لإيران، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بمحاولته تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام.

من جهتها، تريد النخب السياسية الشيعية تأجيل الانتخابات للمرة الثانية، لعدم ثقتها في نجاحها هذه المرة بعد أن فقدوا قاعدتهم الجماهيرية، في أعقاب الحركة الاحتجاجية في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

 مصدر مقرب من نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، ورئيس ائتلاف دولة القانون في البرلمان العراقي قال لـ"عربي بوست" إن "هناك نية قوية لتأجيل الانتخابات من جانب الكاظمي، وإذا حدث هذا الأمر، ستضطر النخب السياسية المسيطرة على البرلمان الحالي إلى إعلان حكومة طوارئ وتأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى".

في نفس الوقت، نفى أحد مستشاري الكاظمي لـ"عربي بوست" هذه الشائعات، قائلا: "إن الانتخابات ستجري في موعدها المحدد، ولا توجد أي نية للتأجيل، ولا بد من تعاون جميع الأطراف لاستعادة الأمن الداخلي، لتأهيل مناخ سياسي آمن لإجراء الانتخابات".

في هذا الصدد، يرى المصدر المقرب من نوري المالكي، أن "الكاظمي هو من بدأ زعزعة الاستقرار باعتقال قاسم مصلح".

وقال المتحدث لـ"عربي بوست": "ليعلم الكاظمي أن اعتقال قائد بقيمة مصلح، سيجلب الفوضى، ويؤثر على الانتخابات، لذلك لا يمكن التأكد بشأن نيته لإجراء الانتخابات في موعدها".

تحميل المزيد