يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطراً كبيراً للإطاحة به من منصبه، الذي حماه مراراً من محاكمة في قضايا فساد قد توصله إلى السجن، وبات رجلان في إسرائيل يمثلان تهديداً لنتنياهو، هما زعيم اليمين المتطرف نفتالي بينيت، والصحفي التلفزيوني المشهور يائير لابيد.
هذا الخطر الذي يحدق بنتنياهو، جاء بعدما أعلن بينيت دعمه لزعيم المعارضة لابيد، ما يعزز من احتمال تشكيل "حكومة تغيير"، تنهي حقبة حكم نتنياهو الطويل، الذي استمر 15 عاماً، فمن هما هذان الرجلان؟
بينيت تلميذ نتنياهو
بينيت وهو رجل أعمال سابق في مجال التكنولوجيا الفائقة، يبلغ من العمر 49 عاماً، وهو صاحب ثروة تقدر بالملايين، وفرض نفسه على الساحة السياسية في إسرائيل حتى اقترب من الإطاحة بنتنياهو وقد يحل محله في منصبه.
يعتمد بينيت خطاباً دينياً قومياً متشدداً، ويقود حزب "يمينا" المؤيد للاستيطان وضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، كما يدعو إلى سياسة متشددة حيال إيران، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
في حال تولى بينيت المنصب فسيكون أول رئيس وزراء لحكومة يمينية دينية متشددة منذ الإعلان عن "دولة إسرائيل"، بعدما شغل خمس حقائب وزارية سابقاً بينها وزارة الدفاع في عام 2020.
كان بينيت الذي يتحدث الإنجليزية بلكنة أمريكية ودائم الظهور واضعاً القلنسوة على رأسه، تلميذاً لنتنياهو، ولا يزال يشاطره العقيدة لكنّه ينتقد إدارته للبلاد.
ورغم من نتيجة حزبه الضعيفة نوعاً ما في الانتخابات الأخيرة التي شهدتها إسرائيل في مارس/آذار 2021، فإن بينيت استطاع في الأسابيع الأخيرة أن يكون "صانع ملوك" في ظل المباحثات الدائرة لتشكيل ائتلاف حكومي.
قال بينيت إن خبرته تسمح له بأن يكون الرجل الذي يعالج اقتصاد إسرائيل بعد تداعيات وباء كورونا، واقترح في حملته الانتخابية النموذج السنغافوري، إذ قال إنه يريد القيام بخفض ضريبي والتقليل من البيروقراطية.
كان بينيت جزءاً من حكومة نتنياهو التي انهارت في عام 2018، وشغل منذ عام 2013 خمس حقائب وزارية كان آخرها الدفاع في عام 2020، لكن نتنياهو لم يطلب منه الانضمام إلى حكومة الوحدة.
في عام 2006 كان بينيت قد أصبح رئيس مكتب نتنياهو الذي كان في ذلك الوقت في المعارضة، وبعد ترك مكتب نتنياهو، أصبح في عام 2010 رئيس مجلس الاستيطان في "يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية المحتلة) وغزة"، والذي يعمل لصالح المستوطنين اليهود في الضفة الغربية.
في عام 2013، قال بينيت إنه "يجب قتل الإرهابيين الفلسطينيين وليس إطلاق سراحهم". كما قال إن الضفة الغربية ليست تحت الاحتلال لأنه "لم تكن هناك دولة فلسطينية هنا"، وإن "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن حله"، وفق قوله، ويُعتبر من أشد المعارضين لقيام دولة فلسطينية.
إعلامي يحلم بالإطاحة بنتنياهو
الرجل الثاني الذي يقلق منه نتنياهو حالياً، هو الوسطي يائير لابيد، الذي تقول الوكالة الفرنسية إنه كسب مصداقية متزايدة منذ بداياته في السياسة، إلى أن أصبح الخصم الرئيسي لنتنياهو، واختاره الرئيس الإسرائيلي يوم الأربعاء الماضي لتشكيل الحكومة المقبلة.
حين اعتزل لابيد الصحفي السابق العمل في التلفزيون عام 2012 لتأسيس حزبه "يش عتيد" (هناك مستقبل)، اتهمه منتقدوه باستغلال شعبيته كمقدم برامج ناجح لكسب تأييد الطبقة الوسطى.
كان حزبه الوسطي قد حل في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية في 23 مارس/آذار الماضي، حاصدا 17 مقعداً نيابياً، وحدد لابيد لنفسه هدفاً معلناً هو طرد نتنياهو من منصبه بعدما وجهت إليه التهمة في قضية فساد.
عقب إعلان بنيت عزمه على الانضمام إلى معسكر لابيد، قال الأخير: "أعلن أنني سأقوم بكل ما هو ممكن لتأليف حكومة وحدة مع صديقي يائير لابيد"، وذلك بعد تكهنات استمرت أسابيع حول حقيقة موقفه من الانضمام إلى زعيم المعارضة أو عدمه بهدف وضع حد لحكم نتنياهو.
كان لابيد قد خاض الانتخابات التشريعية السابقة في مارس/آذار 2020 ضمن الائتلاف الوسطي "أزرق أبيض" بزعامة الجنرال بيني غانتس، غير أنه انسحب منه بعد إبرام غانتس اتفاقاً مع حكومة نتنياهو، وتراجع التأييد لغانتس فيما أصبح لابيد زعيم المعارضة.
لابيد كان قد قال لوكالة الأنباء الفرنسية قبل بضعة أشهر: "قلت لغانتس سبق أن عملت مع نتنياهو (…) هو لن يدعك تمسك بالمقود".
وحين كان آلاف الإسرائيليين يتظاهرون كل أسبوع ضد نتنياهو أمام مقره الرسمي في شارع بلفور في القدس وفي مواقع أخرى من إسرائيل، بقي يائير لابيد بعيداً عن الأضواء، وقال في ذلك الحين "شعرت بأن ثمة مشكلة إن تظاهرت كزعيم للمعارضة أمام مقر رئيس الوزراء".
كذلك أكد أنه لا يسعى إلى المنصب، بل يريد التحالف مع أحزاب أخرى بهدف إزاحة "الملك نتنياهو" عن عرشه.
ولد لابيد في نوفمبر/تشرين الثاني 1963 في تل أبيب حيث يتركز الدعم له، وكان والده تومي لابيد صحفياً ووزيراً للعدل، أما والدته شولاميت، فهي كاتبة روايات بوليسية شهيرة في إسرائيل أصدرت سلسلة تحقيقات بطلتها صحفية.
بدأ يائير لابيد العمل في صحيفة معاريف، وبعدها في صحيفة يديعوت أحرونوت الأوسع انتشاراً بين الصحف الإسرائيلية، ما سمح له أن يصبح اسمه معروفاً في إسرائيل.
تمكن لابيد عبر ظهوره التلفزيوني أن يقدم نفسه على أنه وطني وليبرالي وعلماني، وتمكن من رص صفوف الوسط، فيما يلقى تنديداً في أوساط اليهود المتشددين.