كشفت دراستان علميتان جديدتان أن المناعة ضد كورونا تستمر مع أصحابها لمدة عام على الأقل، وتتحسن بمرور الوقت، خصوصاً إن رافقها التطعيم الذي أشارتا إلى أنه قد يسهم في أغلب الأحيان بحماية دائمة من إصابة ثانية بالفيروس.
صحيفة The New York Times الأمريكية نشرت الأربعاء 26 مايو/أيار 2021 نتائج هاتين الدراستين اللتين اجتمعتا على أن معظم الأشخاص الذين تعافوا من الإصابة بفيروس كورونا ثم تلقوا التطعيم لاحقاً لن يحتاجوا إلى معززات أخرى للمناعة فيما يتعلق بالفيروس.
مع ذلك، فإن الأشخاص الذين تلقوا التطعيم دون أن يصابوا قط بالفيروس، يُرجح أن يحتاجوا إلى جرعة معزِّزة أخرى، وكذلك قلة من المصابين الذين لم تنتج أجسامهم استجابة مناعية قوية ضد الفيروس.
ذاكرة مناعية
وتشير إحدى الدراستين، التي نشرتها دورية Nature العلمية، الإثنين 24 مايو/أيار، إلى أن الخلايا التي تحتفظ بالذاكرة المناعية في مواجهة الفيروس تبقى في نخاع العظام وتظل قادرة على إفراز أجسام مضادة كلما دعت الحاجة.
أما الدراسة الأخرى، التي نُشرت على موقع BioRxiv الإلكتروني، وهو موقع متخصص في أبحاث علم الأحياء، فقد أشارت إلى أن خلايا الذاكرة البائية (Memory B cells) تستمر في التطور والتعزز بمزيد من قوة الجسيمات المضادة لمدة 12 شهراً على الأقل بعد الإصابة الأولية.
بناء على ما كشفته الدراستان من نتائج، يقول الدكتور سكوت هينسلي، اختصاصي المناعة في جامعة بنسلفانيا، إن هذه الدراسات قد تخفف من حدة المخاوف المتعلقة بأن المناعة المكتسبة ضد فيروس كورونا مؤقتة، كما هو الحال مع الفيروسات التي تسبب نزلات البرد، ومع ذلك شدَّد هينسلي على أن هذه الفيروسات تتغير تغيراً ملحوظاً كل بضع سنوات.
وأشار هينسلي إلى أن "إصابة البشر المتكررة بفيروسات كورونا الشائعة طوال الوقت ربما يكون له علاقة بتحورات هذه الفيروسات المتنوعة في مواجهة المناعة".
يلفت الدكتور ميشيل نوسينزويج، اختصاصي المناعة في جامعة روكفلر نيويورك والمشرف على الدراسة المتعلقة بتطور الذاكرة المناعية، إلى أن واقع التجارب كشف أن خلايا الذاكرة البائية التي ينتجها الجسم لمواجهة الإصابة بفيروس (سارس كوفيد 2) والمعزَّزة بالتطعيم تكون قوية جداً لدرجة أنها تقضي على أنواع سلالات مختلفة من الفيروس، وهو ما يلغي الحاجة إلى مزيد من معزِّزات المناعة.
وقال الدكتور نوسينزويج: "الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى ثم تلقوا التطعيم لديهم بالفعل استجابة مناعية قوية، وتشكيلة عظيمة من الأجسام المضادة، لأن أجسامهم المضادة تستمر في التطور. ومن ثم فأنا أتوقع أن تستمر مناعتهم لفترة طويلة".
ومع ذلك، فإن النتائج ذاتها قد لا تنطبق على المناعة المكتسبة من اللقاحات وحدها، لأنه يُحتمل أن تنتظم الذاكرة المناعية بطريقة مختلفة بعد التطعيم، مقارنةً بالعدوى الطبيعية التالية.
تبعاً لذلك، يقول الدكتور نوسينزويج إن هذا يعني أن الأشخاص الذين لم يُصابوا بفيروس كورونا وتلقوا تطعيماً ضده قد يحتاجون بعد فترة إلى جرعة معزِّزة للمناعة.
دراسة داعمة
كانت دراسة بريطانية كبرى قد خلصت إلى أن جميع المتعافين من فيروس كورونا المستجد تبقى لديهم مستويات عالية من الأجسام المضادة لمدة ستة أشهر على الأقل تحميهم على الأرجح من الإصابة مرة أخرى.
وقال العلماء إن الدراسة، التي أجريت في فبراير/شباط 2021، تقيس مستويات الإصابة السابقة بكوفيد-19 وسط السكان في جميع أنحاء بريطانيا وكذلك المدة التي استمرت فيها الأجسام المضادة لدى المصابين، تقدم بعض الطمأنينة بأن الإصابة مرة ثانية سريعاً ستكون نادرة.
نعومي ألين، الأستاذة وكبيرة العلماء في البنك الحيوي في المملكة المتحدة، حيث أجريت الدراسة، قالت: "تحتفظ الغالبية العظمى بالأجسام المضادة التي يمكن رصدها لمدة ستة أشهر على الأقل بعد الإصابة بفيروس كورونا".
كما أظهرت النتائج أن من بين المشاركين الذين ثبتت إصابتهم بكوفيد-19 في السابق، احتفظ 99% بالأجسام المضادة لمدة ثلاثة أشهر. وبعد ستة أشهر كاملة من المتابعة خلال الدراسة، ظلت الأجسام المضادة لدى 88%.
ألين أضافت أنه "برغم أننا لا نستطيع التأكد من علاقة ذلك بالمناعة، فإن النتائج تشير إلى أنه يمكن حماية الأشخاص من العدوى مرة ثانية لمدة ستة أشهر على الأقل بعد الإصابة"، مشيرة إلى أن النتائج تتفق أيضاً مع نتائج دراسات أخرى في المملكة المتحدة وأيسلندا خلصت إلى أن الأجسام المضادة لفيروس كورونا تبقى على الأرجح عدة أشهر في المتعافين.
وكانت دراسة أجريت على العاملين في مجال الرعاية الصحية في المملكة المتحدة ونُشرت الشهر الماضي كشفت أن المتعافين من كوفيد-19 ربما لديهم حماية على الأرجح لمدة خمسة أشهر على الأقل، لكنها أشارت إلى أن هؤلاء ما زال بإمكانهم حمل الفيروس ونشر العدوى.