طالبت حركة "النهضة" التونسية، الثلاثاء 25 مايو/أيار 2021، بفتح تحقيق بشأن وثيقة مسربة تحدثت عن انقلاب مزعوم تعده جهات في الرئاسة التونسية على الحكومة، تقترح إعلان "ديكتاتورية دستورية" في البلاد، واعتقال كبار القادة السياسيين ورجال الأعمال، ونشرها موقع "ميدل إيست آي" البريطاني.
الحركة التونسية، أدانت بشدة في بيان صادر الثلاثاء، ما ورد في الوثيقة المسربة، مشددة على أن "ما زاد من خطورة هذه الوثيقة أنها تتساوق مع خطابات الأطراف المناوئة للمسار الديمقراطي والعاملة على إرباك الوضع العام بالبلاد" (لم تذكرها).
"جبهة وطنية للدفاع عن الديمقراطية"
فقد دعت النهضة كل المنظمات الوطنية والأحزاب ونشطاء المجتمع المدني وكل الديمقراطيين، إلى "تشكيل جبهة وطنية للدفاع على المسار الديمقراطي والحقوق والحريات".
كما دعت الحركة أيضاً إلى "الوقوف سداً منيعاً أمام كل مخططات الارتداد عن الخيار الديمقراطي وعن المكاسب التي حققتها الثورة في كل المجالات".
الحركة جددت التأكيد "على ضرورة انعقاد حوار وطني جامع يتناول الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد ويسعى إلى ترتيب الأولويات الوطنية والتوافق حولها ويحفظ للبلاد مقدراتها وأمنها واستقرارها".
تسريب خطير
الأحد 23 مايو/أيار الماضي، نشر الموقع البريطاني وثيقة قال إنها "مسربة من مكتب مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، يعود تاريخها إلى 13 مايو/أيار 2021، تتحدث عن تدبير انقلاب في تونس".
وفق الوثيقة "حث خبراء الرئيس قيس سعيد على تفعيل الفصل (المادة) 80 من الدستور وإعلان الحالة الاستثنائية كأداة لتركيز جميع السلطات بيد رئيس الجمهورية".
بموجب الخطة، التي سُرِّبَت من مكتب عكاشة الخاص، يدعو الرئيس إلى اجتماعٍ عاجل لمجلس الأمن القومي في قصره بقرطاج، تحت ستار الجائحة والوضع الأمني والحالة المالية العامة للبلاد.
سيعلن سعيد بعد ذلك "ديكتاتورية دستورية" يقول عنها كاتبو الوثيقة إنها ستكون أداةً "لتركيز كل السلطات في يد رئيس الجمهورية".
كما وصفت الوثيقة الوضع بأنه "حالة طوارئ وطنية"، تنص على ما يلي: "في مثل هذه الحالة يكون دور رئيس الجمهورية أن يجمع كلَّ السلطات في قبضته حتى يصبح مركز السلطة التي تمكِّنه حصرياً من كلِّ السلطات التي تمكِّن حكمه".
بعد ذلك، ينصب سعيد كميناً للحاضرين- والذين يشملون رئيس الوزراء هشام المشيشي، وراشد الغنوشي، رئيس البرلمان وزعيم حزب النهضة- بالإعلان عن أنه سيفعِّل الفصل الـ80 من الدستور الذي يسمح للرئيس بالاستيلاء على السلطات في حالة الطوارئ الوطنية.
كما تنص الوثيقة على أنه لن يُسمَح للمشيشي والغنوشي بمغادرة القصر، وأن القصر سيُفصَل عنه الإنترنت وجميع الخطوط الخارجية. وفي تلك المرحلة، سيوجِّه الرئيس خطاباً تلفزيونياً إلى الأمة بحضور المشيشي والغنوشي للإعلان عن انقلابه.
الرئاسة تلزم الصمت
مساء الإثنين 24 مايو/أيار 2021، قالت نقابة أمن الرئيس والشخصيات الرسمية في تونس، إن "عهد الانقلابات والديكتاتورية ولّى وانتهى".
كما أكدت في بيان، تعليقاً على تلك التسريبات "تمسكها بحيادية المؤسسة، وتكريس مبادئ الأمن الجمهوري، والوقوف على نفس المسافة من الأحزاب والأطياف السياسية".
بينما لم يصدر تعليق رسمي من الرئاسة التونسية حول تلك التسريبات حتى الساعة (12:52 ت.غ).
يذكر أنه بجانب أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا، تعاني تونس أزمة سياسية؛ إذ تسود خلافات بين الرئيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي بسبب تعديل وزاري أعلنه الأخير في 16 يناير/كانون الثاني الماضي.
فرغم مصادقة البرلمان على التعديل، إلا أن سعيد يرفض دعوة الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبراً أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما يرفضه المشيشي.