صوَّت أعضاء فريق العدالة والتنمية (يرأس الحكومة) في لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، ضد مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، ما جر على الفريق هجوماً من الأغلبية والمعارضة.
وعلمت "عربي بوست" أن فريق العدالة والتنمية كان قد قرر أن يتخذ الموقف يوم أمس الجمعة 21 مايو/أيار الجاري، في بداية اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بالغُرفة الأولى بالبرلمان، موقفه الرافض لمشروع القانون برمته.
واعتبر فريق العدالة والتنمية أن موقفه راجع إلى "عدم تفاعل مجلس النواب، مع طلباته بتوسيع الاستشارة وفتح نقاش عمومي موسع، يطال مختلف المتدخلين في المجال بخصوص مشروع قانون القنب الهندي".
تصويت فريق العدالة والتنمية، ضد مشروع قانون الكيف، أثار حفيظة قيادة الحزب، خاصة أنه صدر ضد إرادة أمين عام الحزب، ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ورفيقه في قيادة الحزب، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والمجتمع المدني مصطفى الرميد.
وجاء التصويت بالرفض خلال لقاء لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، في مجلس النواب (غرفة أولى للبرلمان) التي عقدت مساء الجمعة 21 مايو/أيار الجاري.
الكلمة المقتضبة التي ألقاها منسق شعبة الداخلية في فريق العدالة والتنمية، موح الرجدالي أعرب فيها عن "أسف الفريق على تجاهل مجلس النواب لطلبات الإحالة إلى هيئات الحكومة ذات الصلة، وعلى رأسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان".
وأوضح أن "طلب الفريق المتعلق بالقيام بمهمة استطلاعية مؤقتة للوقوف على وضعية مزارعي القنب الهندي بالأقاليم الشمالية، لم يجد آذاناً مصغية لدى مجلس النواب".
وختم كلمته المقتضبة، بأن "أعضاء الفريق في لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، سيصوتون بالسلب على مواد مشروع القانون رقم 13.21، وعلى المشروع برمته".
تفاصيل الرفض
في فبراير/شباط 2021، صادقت الحكومة المغربية على مشروع قانون الاستعمالات المشروعة لنبتة القنب الهندي، وينطلق معها مسار تشريع نبتة الكيف، بتواز مع نقاش مجتمعي واسع حول دواعي هذا المشروع.
وكشفت مصادر "عربي بوست" أن فريق العدالة والتنمية كان قد قرر إعلان موقفه الرافض لمشروع قانون الكيف في بداية اجتماع لجنة الداخلية بمجلس النواب.
وأفادت المصادر ذاتها أن فريق حزب العدالة والتنمية، سيطلب الكلمة في بداية أشغال اجتماع لجنة الداخلية بمجلس النواب، في إطار نقطة نظام التي يكفلها القانون، ليعلن موقفه بشكل علني.
موقف العدالة والتنمية جرى تبليغه إلى لجنة الداخلية، الأمر الذي دفع مكتبها إلى برمجة اللقاء يوم الجمعة 21 مايو/أيار، من أجل المناقشة والمصادقة على القانون وإحالته إلى الجلسة العامة بالبرلمان.
وفتحت لجنة الداخلية باب تلقي التعديلات إلى غاية الأربعاء 12 مايو/أيار الجاري، وتلقت تعديلات الفرق النيابية على المشروع، باستثناء فريق العدالة والتنمية الذي رفض تقديم تعديلاته، ما حدا باللجنة إلى تمديد الأجل إلى غاية الأربعاء 19 مايو/أيار، لكن فريق العدالة والتنمية رفض جديد تقديم تعديلاته مجدداً، وأخبر اللجنة أنه يرفض المشروع بشكل نهائي، ولن يقدم تعديلاته عليه.
معركة العدالة والتنمية ضد تقنين الحشيش
خاض فريق العدالة والتنمية معركة "كسر عظم" حقيقية مع أمين عام الحزب ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الذي مارس ضغوطاً كبيرة من أجل انتزاع موقف محايد من مشروع القانون.
آخر الاجتماعات العاصفة للحزب كان لقاء الأمانة العامة للحزب (القيادة السياسية) التي خصصت اجتماعها الشهري يومي السبت والأحد 8 و9 مايو/أيار الجاري، حيث نجح معارضو القانون في إجبار سعد الدين العثماني على عدم فرض القرار على نواب الحزب.
مواقف معارضي القانون انتصرت إلى ترك القرار للبرلمانيين لأنهم يمثلون وينوبون عن المواطنين لا عن الحزب، وبما أن هذا المشروع يهم المجتمع، وما دام الحزب قد دعا إلى توسيع التشاور حوله لكن الحكومة والفرق البرلمانية رفضوا التجاوب مع طلبه، فعلى قيادة الحزب ترك الفريق يدبر الملف داخل البرلمان.
موقف الحزب، تفيد المصادر، بأنه تم اتخاذه في لقاء عاصف مع الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، الثلاثاء 4 مايو/أيار 2021 الجاري، في أعقاب المناقشات التفصيلية لمشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، بعرض قدمته وزارة الداخلية عن المشروع، حمل عنوان "ملخص الدراسات المنجزة حول جدوى تطوير نبات القنب الهندي".
وعلم "عربي بوست" أن نتائج التصويت كانت حاسمة ضد القانون، إذ صوت أكثر من 70% من برلمانيي الحزب على الرفض المطلق لمشروع الكيف.
وزادت المصادر أن المسألة الوحيدة التي لا تزال موضوع نقاش داخل الفريق، هي كيفية تنفيذ قرار الرفض، حيث يتداول مكتب الفريق ثلاث صيغ للتعبير عن هذا الموقف.
وقالت إن المقترح الأول يدعو إلى مقاطعة جلسة مناقشة القانون والتصويت عليه وعدم الحضور بشكل نهائي. أما المقترح الثاني، فيدعو إلى حضور الجلسة وأخذ الكلمة، والتصويت برفض القانون جملة وتفصيلاً. فيما يذهب المقترح الثالث إلى حضور الجلسة وأخذ الكلمة لإعلان الموقف، والانسحاب دون تصويت.
هذه المقترحات الثلاثة، يعمل مكتب الفريق على التوفيق بينها، كما أنه وسع دائرة التشاور بشأنها مع قيادات الحزب التاريخية، وأعضاء الفريق من البرلمانيين ذوي الخبرة.
هل تُسقط المعارضة الحكومة؟
ورغم قرار الأمانة العامة عدم التدخل في قرار فريق الحزب في البرلمان، سجلت مصادر "عربي بوست" أن سعد الدين العثماني، وقيادات الحزب المؤيدة لقانون الكيف، لم يلتزموا بهذا القرار.
وكشفت المصادر ذاتها أن العثماني، رئيس الحكومة، ولحسن الداودي القيادي في الحزب، ومصطفى الرميد وزير حقوق الإنسان، وعزيز رباح وزير التجهيز والنقل، ومساعديهم ومستشاري دواوينهم، يُواصلون اتصالاتهم بنواب الفريق لثنيهم عن التصويت ضد قانون الكيف.
الغضب من موقف فريق العدالة والتنمية، لم يبق حبيس قيادة الحزب، بل انتقل إلى الأحزاب الممثلة في البرلمان، إذ أعلن أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة (معارض) عزمه الإطاحة بالحكومة في حال رفض العدالة والتنمية التصويت ضد قانون الكيف.
وهدد عبداللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان، بتقديم ملتمس رقابة لإسقاط الحكومة.
وقال وهبي خلال حديثه في برنامج على أمواج الإذاعة المغربية، الأربعاء 19 مايو/أيار الجاري، إن "على أحزاب المعارضة تقديم ملتمس الرقابة في حالة تصويت حزب العدالة والتنمية ضد المشروع، والتصويت ضد القانون يهدد بزوال الائتلاف الحكومي".
وسجل وهبي أن "تصويت فريق العدالة والتنمية ضد مشروع تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي سلوك خطر على الديمقراطية".
ووصف موقف العدالة والتنمية بـ"العبث"، فكيف يعقل أن الأغلبية يصوت برلمانيوها ضد إرادة الحكومة".
ويقضي الفصل 105 من دستور المغرب بالحق في ملتمس الرقابة وجاء فيه أن "لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة؛ ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم".
ويتوقع على نطاق واسع أن يجد تصويت فريق العدالة والتنمية ضد قانون الكيف جدلاً واسعاً داخل المجتمع، كما سيزيد من الشرخ الداخلي في الحزب، ويعزز عزلة قيادته الحالية، فيما يعزز من رفع أسهم عبد الإله بن كيران وسط الحزب.