كشفت وكالة Associated Press الأمريكية، في تقرير نشرته الجمعة 21 مايو/أيار 2021، أن جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية انتهت بالتزامن مع المكالمة الهاتفية التي قال فيها بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكي جو بايدن، إن القتال العنيف على وشك الانتهاء على ما يبدو.
لكن بايدن ظلّ قلقاً بعد تلك المكالمة التي جرت ظهر الخميس 20 مايو/أيار، إذ رأى فريقه أن الأوضاع قد تنقلب رأساً على عقب خلال الساعات التي تسبق دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
كواليس اتفاق الهدنة
إذ اتصل مساعدو البيت الأبيض القلقين بتل أبيب والقاهرة؛ للتأكد مما إذا كانت الهدنة ستصمد. وقد أعرب مسؤولون في الولايات المتحدة وإسرائيل عن قلقهم من أنّ رشقةً صاروخية حمساوية أخرى قد تُطيح بالاتفاق الذي توسطت فيه مصر، وفقاً لمسؤولٍ مطلعٍ على المحادثات.
بعدها بساعات، جرت مكالمةٌ هاتفية أخرى بين نتنياهو والرئيس الأمريكي، شهدت تأكيدات للرئيس الأمريكي بأن حرب الـ11 يوماً ستتوقف فعلاً.
بهذا انكسرت موجة أول أزمة سياسية خارجية مُطوّلة يشهدها بايدن، وهي الأزمة التي تعامل فيها على نحوٍ كبير، من خلال تجنّب الكاميرات وإجراء المناورات خلف الكواليس.
في المقابل ظهر الرئيس بالقاعة المتقاطعة (الكروس هول) في البيت الأبيض، ليصف "المحادثات المكثفة على أعلى المستويات، وعلى مدار الساعة حرفياً" بواسطة الولايات المتحدة، والتي شملت مصر والسلطة الفلسطينية وعدداً من دول الشرق الأوسط.
إذ قال إن كل ذلك جرى "بهدف تجنُّب نوعية الصراعات المطولة التي شهدتها في السنوات الماضية عقب اندلاع الأعمال العدائية".
بحث نهاية القتال
كانت محادثات بايدن ونتنياهو مجرد عينةٍ صغيرة من الدبلوماسية المُكثّفة التي أجراها البيت الأبيض. إذ دخل الرئيس وكبار مساعديه في أكثر من 80 محادثة -عبر الهاتف ووجهاً لوجه- إبان بحثهم عن نهايةٍ للقتال، بحسب البيت الأبيض.
كما كشف الصراع عن الصدع القائم بين بايدن وأعضاء حزبه. فالرئيس، الذي اشتُهر على مدار 50 عاماً في السياسة الأمريكية بدعمه غير المشروط لإسرائيل، يقود الآن حزباً ديمقراطياً يميل أكثر في اتجاه رؤيةٍ أكثر انقساماً بشأن الطريق الصحيح لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
أما بالنسبة للجمهوريين، فقد كانوا حريصين على استغلال العنف القائم، في صراعهم ضد رئاسة بايدن.
في المقابل تجنَّب بايدن بكل حرص، التعليق العلني المُكثّف على عمليات قصف جيش الاحتلال، بالتزامن مع احتدام الصراع. ولكن بمرور الأيام، بدأ يُواجه ضغوطاً متزايدة من زملائه الديمقراطيين، من أجل الحديث عن جرائم الإسرائيليين، بالتزامن مع ارتفاع أعداد القتلى في غزة ونزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين بسبب القصف الجوي.
في حين جاء إعلان وقف إطلاق النار، بعد أن زاد بايدن ضغطه على نتنياهو يوم الأربعاء 19 مايو/أيار 2021، إذ قال لنتنياهو في محادثةٍ هاتفية، إنه يتوقّع "تهدئةً واضحة" للقتال بحلول نهاية اليوم، وفقاً للبيت الأبيض. لكن رئيس الوزراء خرج بعد المكالمة بتصريحٍ علني، قال فيه إنّه "عازمٌ على مواصلة" عملية غزة "حتى تُحقِّق أهدافها".
رأى المسؤولون الأمريكيون أنّ نتنياهو لم يرغب في إعلام حماس مسبقاً بأنه مستعدٌ لقبول شروطها لإنهاء العنف، كما أنه كان يبعث برسالةٍ إلى الجمهور المحلي الذي صدمته رشقات الصواريخ القادمة من غزة.
لكن الضغوطات كانت تتراكم على بايدن، ومن ثم فقد نقلها إلى نتنياهو.
في السياق ذاته أشار مسؤولون بالبيت الأبيض إلى بعض الأدلة التي تُجادل بأن محاولات بايدن الدبلوماسية خلف الكواليس قد نجحت، فالحرب الأخيرة -التي شهدت استشهاد 230 فلسطينياً ومقتل 12 إسرائيلياً- كانت أقصر وأقل دموية من غيرها من الصراعات الكبرى التي اندلعت في المنطقة مؤخراً.