“كأن زلزالاً أصابه”.. إسرائيل تحوّل حي الرمال الراقي بغزة إلى دمار وتمحو البنايات الشاهقة فيه

عربي بوست
تم النشر: 2021/05/19 الساعة 14:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/19 الساعة 14:19 بتوقيت غرينتش
حي الرمال في قطاع غزة - رويترز

نشر القصف الإسرائيلي الدمار على حي الرمال الراقي في قطاع غزة، إذ لم يبقَ فيه أي أثر من البنايات الشاهقة، نتيجة هدمها بالكامل جراء القصف الجوي الإسرائيلي، ليبدو الحي وكأن "زلزالاً" أصابه، بينما تنتشر في شوارعه أكوام الركام.

هذا الحي الذي يُعرف بأنه شريان أساسي للحياة التجارية في قطاع غزة تعرّض لأكثر من مئتي غارة جوية إسرائيلية منذ بدء الحرب، إذ أحدث القصف الإسرائيلي حفراً كبيرة في الطرق، ولم تسلم أي بقعة في الحي الذي تسكنه عائلات غنية من الدمار، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، الأربعاء 19 مايو/أيار 2021.

يقول أبو أحمد الحسنات (50 عاماً) من حي الرمال: "كأننا نعيش في منطقة زلازل من شدة الانفجارات ورعبها، عندما تشن إسرائيل غاراتها يهتز البيت كله، كأنه تعرض لهزة أرضية، ضربوا المنطقة وكانت أغلب الغارات وأعنفها على حي الرمال".

هجمات وحشية

أبو أحمد كان قد انتقل قبل سنوات إلى حي الرمال، معتقداً أنه أكثر أمناً من غيره، وقال: غادرت منطقة المغراقة بسبب خطورة الوضع، وانتقلت للإقامة في مدينة غزة".

أشار الرجل إلى أن القصف الإسرائيلي دمّر منزله بالكامل، قائلاً إن "هذه المرة الثالثة التي يدمّر منزلي. لا أعرف أين أذهب للبحث عن الأمان".

صحيفة The Guardian البريطانية قالت من جانبها، اليوم الأربعاء، إن الأيام التسعة الماضية بالنسبة لسكَّان الأحياء المركزية في غزة كانت وحشيةً بشكلٍ غير عادي. 

أشارت الصحيفة إلى القصف الذي تعرّض له حي الرمال مطلع الأسبوع الجاري، والذي أدى إلى استشهاد 42 شخصاً في شارع الوحدة فحسب، وهو الطريق الذي يمتد من المنطقة المحيطة بمستشفى الشفاء ويقطع قلب المنطقة. 

تغريد العمري (38 عاماً)، التي تعيش في مبنى من ثلاثة طوابق مع أشقاء زوجها وأطفالهم، قالت إن حي "الرمال هو العمود الفقري لقطاع غزة"، وأضافت: "إنه أجمل مكان في القطاع، في هذا الوقت من العام عادةً ما تعجُّ الرمال بالناس لقضاء عطلة العيد وما بعدها، لكنها الآن فارغةٌ ومليئةٌ بالركام والحزن". 

كذلك تحدثت العمري عن تعرّض الحي يومياً للقصف، وقالت: "كل يوم ينهار مبنى، معظم نوافذ المنزل مُحطَّمة ووضعنا البلاستيك بدلاً منها مؤقتاً، وهناك تشقُّقاتٌ في جدران المنزل". 

الدمار يحلّ على حي الرمال في غزة بسبب الغارات الإسرائيلية – رويترز

من جهتها، قالت دنيا الأمل إسماعيل (50 عاماً)، وهي مديرة جمعية "المرأة المبدعة" الأهلية، والتي تسكن في وسط الحي: "قبل اندلاع هذه الحرب كنا نعتبر حرب 2014 الأشد صعوبة ومرارة وقتلاً وتشريداً على قطاع غزة"، مضيفة "حرب 2021 عدوان، لعدم وجود توازن قوى بيننا وبينهم".

كانت حرب 2014 بين إسرائيل وحركة حماس قد استمرت 51 يوماً، وأسفرت عن استشهاد 2251 فلسطينياً،  في حين قُتل 74 في الجانب الإسرائيلي، معظمهم من الجنود.

تشير دنيا إلى أن إسرائيل كانت تركّز في السابق على المناطق الجانبية والمناطق الحدودية وعلى بعض الأماكن التي تعتقد أنها تشكّل خطراً عليها، بينما اليوم شمل القصف "قلب المدينة، والأناس العزل بالمطلق لا يشكلون خطراً على أحد أو على دولة الاحتلال".

تتحسّر دنيا على منطقة الرمال، التي دمرت إسرائيل معالمها، وصارت كل صور الحي مرعبة، كذلك دُمِّر شارع الرشيد الساحلي بعشرات الصواريخ، وكان يعتبر المتنفس الوحيد لسكان غزة، إذ توجد فيه الفنادق والمطاعم والاستراحات، وطريق الكورنيش الذي كان يعج كل صباح بمئات المتنزهين وممارسي الرياضة، لاسيما خلال مرحلة تفشي وباء كوفيد-19.

الاحتلال استهدف مناطق سكنية في حي الرمال في غزة – رويترز

قصف مناطق الترفيه

إضافة إلى ذلك، دُمّرت في الغارات استراحات على طول شاطئ بحر مدينة غزة ومدن القطاع الأخرى، وكان عدد كبير من الغزيّين ينتقل إلى هذه المنطقة للاصطياف.

ويروي معين عباس (47 عاماً)، وهو صاحب محل للمثلجات ويقيم في حي تل الهوا في جنوب غرب غزة عما فعلته إسرائيل، قال: "كنت أجلس مع جيراني عندما اتصل بي ضابط من الجيش الإسرائيلي الليلة الماضية، عرّف عن نفسه باسم موسى، وقال لي: سوف نقصف منزل جارك وطلب مني تبليغه بذلك".

يضيف عباس "توجهت إلى منزل جيراني وأبلغت أبو محمود نظمي الدحدوح، الذي يبلغ من العمر (70 عاماً)"، ثم "تنقلت من بيت إلى بيت وأبلغت جميع سكان الشارع بإخلاء منازلهم… وكان الضابط الإسرائيلي طوال الوقت معي على الهاتف".

تعرض منزل الدحدوح للضرب بصاروخ من طائرة استطلاع، ثم صاروخ من طائرة حربية فدُمّر كلياً، ووصف عباس القصف الإسرائيلي بـ"الأصعب من كل الحروب السابقة" في 2008 و2012 و2014.

وتقول الفنانة التشكيلية إلهام أبو سته (28 عاماً) "كل مرة تكسر إسرائيل حلمي، وأعود لأقف وأبدأ من جديد، لكن للأسف كل حرب تكون أصعب من التي قبلها، الاحتلال كل مرة يقصف منزلي ويدمّر إنتاجي".

تحميل المزيد