بالموازاة مع مشاهد القمع وكل أشكال الاعتداءات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين بالقدس المحتلة، برزت العديد من المشاهد التي ستخلد لصمود شعب فلسطيني يؤكد رفضه التام لكل مخططات تهويد القدس وطرد أهاليه من الفلسطينيين، كما توثق أيضاً للعديد من الخروقات الإسرائيلية، بالرغم من التنديد الدولي والأممي.
ففي الوقت الذي برزت فيه من الجانب الإسرائيلي أنباء القمع والاعتقالات ، حتى على الأطفال ورجال الإعلام والمسعفين وسيارات الإسعاف، فإن صوراً ومقاطع مصورة عديدة لصمود أهالي القدس صارت أيقونات بارزة حُفرت في الذاكرة ويتداولها رواد في تلك الشبكات على مستوى العالم.
ورغم الحظر الممنهج الذي اعتمدته كبرى مواقع التواصل الاجتماعي لمحتوى داعم للقضية الفلسطينية، والقدس المحتلة، فإن الفلسطينيين يخوضون معركة أخرى شرسة على شبكات التواصل الاجتماعي لنصرة قضيتهم.
اعتقالات واعتداءات
في آخر حصيلة كشفت عنها جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية، الأحد 10 مايو/أيار 2021، فقد أصيب 19 فلسطينياً بجروح وحالات اختناق، إثر مواجهات مع القوات الإسرائيلية، بالقدس المحتلة، 5 منهم تم نقلهم بشكل مستعجل للمستشفى.
وقد تم تسجيل هذه الإصابات في مواجهات مع قوات الاحتلال في حي الشيخ جراح، ومنطقة باب العمود، بالقدس المحتلة.
فقد قمعت قوات إسرائيلية، مساء الأحد، الفلسطينيين في منطقة باب العمود بالقدس المحتلة، ومنعتهم من التجمع في المكان.
كما أن تلك القوات أطلقت قنابل الصوت، وتعمَّدت رش المتواجدين بالمياه العادمة، واستهداف المطاعم والمقاهي الفلسطينية بتلك المياه كريهة الرائحة، واحتشد عشرات الجنود الإسرائيليين بالمكان، ترافقهم فرق الخيالة التابعة للشرطة.
الجمعية نفسها أكدت أيضاً أن قوات الاحتلال استهدفت أيضاً سيارة للإسعاف ومسعفين، بالإضافة إلى عدد من الصحفيين.
طفلة بعمر عام واحد
فقد أكد صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، الأحد، إصابة 29 طفلاً فلسطينياً، بينهم رضيعة، جراء الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة.
في بيان للمنظمة الأممية "دعت اليونيسف السلطات الإسرائيلية إلى الامتناع عن استخدام العنف ضد الأطفال، والإفراج عن جميع الأطفال المعتقلين".
كما أفاد البيان بـ"إصابة 29 طفلاً فلسطينياً، بينهم رضيعة، واعتقال 8 أطفال آخرين، في القدس الشرقية، بما في ذلك البلدة القديمة وحي الشيخ جراح".
موضحاً أنه "من بين المصابين طفلة تبلغ من العمر عاماً واحداً، وقد نقل بعض الأطفال إلى المستشفيات، عقب إصابات في الرأس والعمود الفقري".
ابتسامات رغم الاعتقال
في الجهة المقابلة، وفي مشاهد صمود أخرى متكررة، تداول رواد على شبكات التواصل صوراً لفلسطينيين معتقلين وأيديهم مكبلة بالقيود وهم يتبسمون وسط حشد من جنود إسرائيليين، غير آبهين بما ينتظرهم خلف قضبان سجون الاحتلال.
يرصد مقطع مصور محاولة شباب فلسطينيين اجتياز نقطة عسكرية إسرائيلية في منطقة باب العمود، للمضي في طريقهم نحو المسجد الأقصى.
مع فشل المحاولة، رفعوا أحدهم على الأكتاف وألقوا به خلف الجنود، على أمل أن يتمكن من استكمال طريقه إلى أولى القبلتين.
في وقت لاحق، اعتقل جنود إسرائيليون هذا الشاب ويدعى "إبراهيم الصوص"، ثم جرى إطلاق سراحه، شريطة إبعاده عن المسجد الأقصى لمدة شهر.
ومن المشاهد المتداولة أيضاً إصرار فتى فلسطيني على تجاوز تجمع لجنود، وبعد خطوات من تجاوزهم التفت إليهم وضرب أحدهم بعبوة ماء كان يحملها.
شاب فقد عينيه
لعل الصورة الأكثر تأثيراً هي تلك المتداولة لشاب فلسطيني من مدينة جنين وهو ذاهب لأداء الصلاة في الأقصى، لكن الرصاص الإسرائيلي أفقده عينيه.
كما تداول نشطاء مقطعاً مصوراً لشباب يحملون مسنة فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة، وهم يتجاوزون حواجز إسرائيلية بهدف إيصالها إلى الأقصى لإحياء ليلة القدر (ليلة 27 رمضان) .
ولو على عكازين..
من المشاهد البارزة أيضاً تسجيل مصور لمسن مقدسي يتكئ على عكازين ويقف وجهاً لوجه أمام مستوطن يقوم بتصويره بهاتفه النقال.
في مشهد اعتُبر الشرارة التي أطلقت مواجهات الجمعة والسبت في حي "الشيخ جراح" بالقدس، رش مستوطن إسرائيلي، الخميس، غاز الفلفل على مجموعة من أصحاب البيوت الفلسطينية المهددة بالإخلاء والمتضامنين معهم، خلال تناولهم طعام الإفطار.
وانتشر تسجيل مصور لاشتباك مع مستوطنين إسرائيليين في خيمة مقابلة لخيمة الإفطار، وحدث تبادل لإلقاء الكراسي وأدوات الطعام.
شاب بألف رجل
اجتاحت صورة شاب فلسطيني أعزل، يتصدى وحده لأربعة من قوات الاحتلال الإسرائيلي المدججين بالسلاح، مواقع التواصل الاجتماعي، وأثنى المعلقون والمغردون على شجاعة شاب من منطقة باب العمود بالقدس المحتلة، الذي واجه "ببسالة قوات القمع والاضطهاد الإسرائيلية" حسب مغردين.
فقد تشارك عدد كبير من رواد "تويتر" صورة هذا الشاب الذي لم يفلح 4 من قوات الاحتلال المدججين بالأسلحة والمرتدين للباس خاص وخوذة واقية، في توقيفه، عندما كانوا يشرعون في تفريق مظاهرة في باب العمود باستعمال قنابل الصوت والمياه العادمة، ولجأوا لكل أشكال العنف لطرد وتفريق وقفة سلمية.
زفاف بأغانٍ وطنية
اختار زوجان فلسطينيان مقدسيان، الاحتفال بحفل زفافهما في باب الخليل بالقدس المحتلة، وتحديداً عند المدخل الغربي الرئيسي للبلدة القديمة، وقد تزامن احتفالهما بمظاهرة للمستوطنين، الذين رددوا أغاني شعارات استفزازية، لترد عليهم المجموعة الموسيقية التي أحيت الاحتفال بأغان تمجد الوطن، فلسطين.
وتداول عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو يوثق للحظة اقتراب الفرقة الموسيقية رفقة العروسين من المستوطنين المتظاهرين، وتأديتهم أغنية تمجد فلسطين، وذلك في تحدٍّ مباشر لرغبة الاحتلال في تهويد القدس المحتلة وطرد أهاليها من بيوتهم وسكناهم.
حسب ما نقله مغردون على "تويتر" فإن الفرقة الموسيقية ردت بطريقتها على استفزازات
المستطونين وشعاراتهم العنصرية، بأداء أغنية "جنّة، جنّة، والله يا وطنا"، وقد تم تغيير كلمة "والله" بعبارة "تسلم" حتى تنسجم مع الوضع الراهن، وتبعث رسالة "أننا باقون" للمستوطنين والاحتلال الإسرائيلي.
أين لعبتي؟
في مقطع مصور آخر، يُسمع صوت طفلة فلسطينية تطلب من والدها "جهاد قوس" أن يخبرها بمكان لعبتها: "بابا وين لعبتي اللي لونها أبيض؟".
هذا السؤال البريء من الطفلة تزامن مع اعتقال جنود إسرائيليين لوالدها وتقييده.
كما انتشر مقطع مصور لطفل فلسطيني يركض في أسواق القدس العتيقة، هرباً من الرصاص الإسرائيلي ووابل من قنابل الغاز المسيلة للدموع.
سيدات في المواجهة
على نطاق واسع، تداول رواد في شبكات صورة لسيدة فلسطينية يقطر وجهها دماً، بعد إصابتها خلال مواجهات في منطقة باب العمود، السبت، بينما يقوم شابان بمساعدتها على المشي.
كما انتشر مقطع مصور لفتاة فلسطينية تحاول تخليص شاب من بين جنود إسرائيليين عند باب العمود، لكنها لم تفلح.
دعم بسيارات خاصة
عصر السبت كانت القدس على موعد مع حدث بارز عَكَس صمود أهل المدينة المحتلة، عندما أغلق الجيش الإسرائيلي شارعاً رئيساً تسلكه حافلات المصلين القادمة من المدن العربية شمالي إسرائيل.
ولدى منع الحافلات من المضي في طريقها، ترجل الركاب سيراً على الأقدام، وما هي إلا دقائق حتى هبَّ الكثير من أهالي القدس لنقل الركاب بسياراتهم الخاصة، ما تسبب في ازدحام شديد وتكدس مئات السيارات والحافلات، فاضطرت شرطة الاحتلال إلى التراجع وإطلاق الحافلات.
استهداف المحتوى الفلسطيني
رغم انحياز شبكات التواصل وحجبها وسوماً تدعم القدس وحي الشيخ جراح، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، موقع "فيسبوك"، معتبراً أنه لا يفعل ما يكفي لوقف ما سماه "التحريض".
الخميس 13 مايو/أيار 2021، قال "صدى سوشال"، المهتم بتوثيق الانتهاكات بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني في بيان، إن إدارة موقع "تويتر" أغلقت عشرات الحسابات التي نشرت أو تعاطفت مع أهالي حي "الشيخ جراح" في القدس.