تشهد مناطق سيطرة المعارضة في شمال سوريا، وصول مواطنين من مناطق النظام إليها، هرباً من الأزمة الاقتصادية الخانقة، والتجنيد الإجباري في صفوف قوات نظام بشار الأسد، والذي بسببه قضى سوريون سنوات يقاتلون مع النظام رغماً عنهم.
أحد الشباب الذين خرجوا من مناطق النظام عرّف اسمه بـ"علي الطرطوسي"، وقال في تصريح لوكالة الأناضول إن "الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام وصل لدرجة لا يمكن تحملها".
أضاف الطرطوسي، أن المواطنين في مناطق سيطرة نظام بشار الأسد "يعانون الأمرين لكسب قوت يومهم"، وأوضح أن "النظام عاجز عن توفير الوقود للمواطنين، كما أنه غير قادر على دفع رواتب الموظفين".
كذلك أشار الشاب إلى أن "غالبية السكان بمناطق سيطرة النظام يعيشون تحت خط الفقر"، وأضاف أن أصحاب السيارات يضطرون في مناطق سيطرة النظام للانتظار 48 ساعة أمام محطات الوقود لملء خزانات سياراتهم، فيما يحصل الأغنياء على الوقود من خلال دفع الرشى.
الطرطوسي أكد أن مستقبل الشباب في مناطق النظام يضيع، وقال إن "من يذهب للخدمة في الجيش لا يسرّح منه، كما يوجد من قضى 10 أعوام في الخدمة"، مضيفاً: "جئت إلى إدلب لأحمي مستقبلي من الضياع، وأجد عملاً يعينني على إكمال دراستي".
من جانبه، قال الشاب حبيب يزن، من مدينة طرطوس غرب سوريا، إن "روسيا وضعت يدها على ميناء المدينة وشواطئها، وبنت الكثير من نقاط المراقبة حولها وسيطرت على تجارة البلاد، ولم يبق لمؤسسات الدولة شيء".
يزن أكد أن "الأوضاع الاقتصادية تواصل تدهورها في مناطق سيطرة النظام، وروسيا تواصل استغلال الوضع لمصلحتها"، مشدداً أن "بيع البلاد أمر غير مقبول".
أوضح الشاب أن "الكهرباء لا تأتي سوى ساعتين في النهار والمواطن لا يأخذ حصة تكفيه من الخبز، والأسعار مرتفعة جداً وتواصل الارتفاع"، واستدرك: "لو بقيت هناك فمن غير الممكن أن أبني مستقبلي".
اعتقال المدنيين
يأتي ذلك، بينما تواصل قوات النظام عمليات اعتقال للمدنيين في المناطق التي تسيطر عليها، وخلال اليومين الماضيين، شنت قوات النظام والأفرع الأمنية التابعة له حملة دهم واعتقالات في مدينة دير الزور (شرق) وريفها خلال اليومين الماضيين، شملت عشرات المدنيين.
عناصر من الأمن العسكري داهموا فجر أمس الأحد حي الجورة، واعتقلت 15 مدنياً بتهمة تخلفهم عن الخدمة الإلزامية، كما اعتقلت 8 أشخاص آخرين في حي القصور بتهمة العمل بتحويل الأموال دون ترخيص رسمي.
كذلك اعتقلت عناصر الفرقة الرابعة التابعة لجيش النظام 23 شخصاً في أحياء الحميدية، والجبيلة، والقصور، بسبب عودتهم إلى منازلهم دون دفع رشى للضباط المسؤولين عن تلك الأحياء، وفقاً لما أوردته وكالة الأناضول.
تأتي حملة الاعتقالات هذه تزامناً مع "عفو رئاسي" أصدره رئيس النظام بشار الأسد، الأحد، عن عدد من "الجرائم".
وتعاني مناطق سيطرة النظام تدهوراً كبيراً، حيث انخفض سعر الليرة السورية إلى أكثر من 3 آلاف مقابل الدولار الأمريكي، إضافة إلى شح كبير في الوقود والغذاء.
يُذكر أنه في مارس/ آذار 2011، اندلعت في سوريا احتجاجات شعبية تطالب بإنهاء أكثر من 49 عاماً من حكم عائلة "الأسد" وتداول السلطة سلمياً، لكن النظام لجأ إلى الخيار العسكري ضد المحتجين السلميين، ما أدخل البلاد في دوامة من الحرب ووضع إنساني متردّ.