طلب وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأحد 2 مايو/أيار 2021، "السماح" من عائلة القائد السابق للواء "فيلق القدس" قاسم سليماني، بعدما "جرح مشاعرها" تسريب تسجيل صوتي له، يتحدث فيه عن دور الضابط السابق بـ"الحرس الثوري" في السياسة الخارجية، والذي أثار جدلاً واسعاً في البلاد.
كانت وسائل إعلام خارج إيران، قد نشرت الأحد الماضي التسجيل الممتد لثلاث ساعات، ويتحدث فيه ظريف عن دور أداه سليماني -الذي اغتيل بضربة جوية أمريكية في بغداد العام الماضي- في السياسة الخارجية لبلاده، وأن الميدان العسكري يحتل الأولوية على حساب الدبلوماسية في الجمهورية الإسلامية.
ظريف رأى في منشور عبر حسابه على إنستغرام، أن التسريب "جرح المشاعر الصادقة لمحبي الشهيد البارز اللواء قاسم سليماني وعائلته (…)، خصوصا ابنته زينب، التي تعزّ عليّ كأولادي"، وفق تعبيره.
أضاف وزير الخارجية "لقد سامحتُ كل من أعتقد أنه اتهمني (…) وآمل أن يسامحني أيضاً شعب إيران العظيم، وكل محبي السردار (لقب الضباط الكبار في الحرس)، وخصوصاً عائلة سليماني النبيلة"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
كذلك أكد ظريف الذي يشغل منصبه منذ 2013، أن "الملاحظات التي أدليت بها (…) لا تقلل من المقام والدور الذي لا غنى عنه للشهيد سليماني"، مضيفاً "لكن لو كنت أعلم أن كلمة منها سيتم نشرها علناً، بالتأكيد لما كنت قلتها".
كانت زينب سليماني قد نشرت عبر حسابها على تويتر، يوم الثلاثاء الماضي، صورة تظهر يد والدها بعيد اغتياله قرب مطار بغداد، في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020 بضربة جوية أمريكية، مرفقة إياها بتعليق "الكلفة (التي دفعها) الميدان من أجل الدبلوماسية".
يحظى سليماني بمكانة عالية في إيران خصوصاً بعد اغتياله، وقد تولى لأعوام طويلة قيادة "قوة القدس" في "الحرس الثوري" الموكلة بالعمليات الخارجية، ويعد من أبرز مهندسي السياسة الإقليمية للجمهورية الإسلامية.
انتقاد سليماني
كان التسجيل الذي يأتي نشره قبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية، وفي ظل مباحثات مع القوى الدولية الكبرى لإحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي، قد أثار انتقادات من المحافظين المعارضين لحكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني.
ظريف قال في التسجيل، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، "في الجمهورية الإٍسلامية الميدان العسكري هو الذي يحكم (…) لقد ضحيت بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري، بدل أن يخدم الميدان الدبلوماسية".
وفي مقتطفات أخرى من التسجيل، وصف ظريف اتجاهات السياسة الخارجية التي عمد الحرس الثوري الإيراني إلى فرضها على وزارة الخارجية الإيرانية، ومحاولة الأخيرة مقاومة هذا بأنه أشبه بحرب باردة.
أضاف الوزير أنه قضى وقتاً أطول في التواصل مع الحرس الثوري الإيراني أكثر من أي جهة أخرى، وأن الأمن كان له تأثير على الدبلوماسية أكثر من تأثير الدبلوماسية على الأمن، وفقاً لما أوردته صحيفة Financial Times البريطانية.
كذلك اشتكى ظريف من وجود مجموعة في إيران لها مصلحة في أن يظل كل شيء يُرى من منظور الأمن ووجهة نظره، كما زعم أن قوات داخل إيران حاولت قبل اتفاق عام 2015 أن تعرقل طريق الاتفاق بأي سبيل، ومن ذلك الهجوم على السفارة السعودية.
زعم ظريف كذلك أن سليماني سافر إلى موسكو بعد فترة وجيزة من الاتفاق، في محاولة لإنهاء دعم روسيا للاتفاق.
يُشار إلى أن حكومة الرئيس روحاني كانت قد طلبت التحقيق في "مؤامرة" تسريب التسجيل، ويوم الخميس الماضي أفادت وكالة "إرنا" أن حسام الدين آشنا، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية المرتبط بالرئاسة الإيرانية، والذي يعد مقرباً من روحاني تقدم باستقالته بعد تسريب الحوار مع ظريف الذي أجري في المركز.