تنتهي الأحد، 2 مايو/ أيار 2021، المهلة التي حدّدتها محكمة الاحتلال الإسرائيلي لإجبار عائلات مقدسية على إخلاء منازلها، في حي الشيخ جراح بمدينة القدس، لصالح جمعيات استيطانية تدَّعي ملكيتها للأرض.
ويتهدد الطرد والإخلاء عشرات العائلات الفلسطينية بحي الشيخ جراح، من منازلهم التي سكنوها بعد أن هجروا من منازلهم التي استولى عليها الاحتلال في القدس الغربية، ثم تملكوها بعد ذلك بناء على اتفاق تم في عام 1956، ما بين الحكومة الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وهو ما لا تعترف به الحكومة الإسرائيلية.
خلال الأسابيع الماضية، أعلن الأردن أنه سلّم الجانب الفلسطيني وثائق تاريخية تعود للعام 1956، هي عبارة عن مراسلات وعقود إيجار وحدات سكنية تعود لأهالي حي الشيخ جراح بالقدس، وتُثبت حقهم في المنازل التي تسعى إسرائيل لإخراجهم منها عبر قرارات إخلاء لا تستند لوثائق.
موعد أخير
أربعٌ من العائلات المقيمة في هذا الحي، تضم 30 فرداً، بينهم 10 أطفال، مهددون بالإخلاء من منازلهم الأحد، فيما سلم الاحتلال 3 عائلات أخرى تضم 25 فرداً بينهم 8 أطفال، موعد إخلاء حتى مطلع أغسطس/آب 2021.
وبالإضافة لمن حدد موعد ترحيلهم بشكل نهائي، فإن أكثر من 500 مقدسي يقطنون في 28 منزلاً بالحي مهددون بالترحيل في أي لحظة على أيدي جمعيات استيطانية، بعد سنوات من التواطؤ مع محاكم الاحتلال، التي أصدرت مؤخراً قراراً بحق العائلات السبع المذكورة.
ومنذ العام 1972، يواجه أهالي الشيخ جراح مخططاً إسرائيلياً لتهجيرهم وبناء مستوطنة على أنقاض بيوتهم، بزعم أن الأرض التي بُنيت عليها منازلهم من طرف الحكومة الأردنيّة، كانت مؤجرة في السّابق، قبل قيام دولة الاحتلال، لعائلات يهودية.
احتجاجات وتفاعل شعبي
العائلات المقدسية من جانبها نظمت تظاهرات أسبوعية في الحي؛ احتجاجاً على سياسة الإخلاء والاستيطان، بمساندة عدد كبير من أهالي المدينة المحتلة.
كما انطلقت حملة إلكترونية دعا إليها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ليل الإثنين 15 مارس/آذار 2021، واستمرت عدة أيام، تحت عنوان "أنقذوا حي الشيخ جراح".
وتحت هذا الوسم، بدأ التغريد في إطار التحضير الأوّلي للحملة الشعبية، للتأكيد على حق الفلسطينيين في بيوتهم ومنازلهم التي يريد الاحتلال تسويتها بالأرض، ضمن خطط الاستيطان الرامية لإفراغ مدينة القدس المحتلة من سكانها الأصليين، وإحلال المشاريع الاستيطانية.
وليلة السبت، اعتدت قوات الشرطة الإسرائيلية على أهالي حي الشيخ جراح قبل ساعة من انتصاف الليل، خلال جلوسهم على الرصيف أمام منازلهم المهددة بالإخلاء.
جاء ذلك قبل ساعات من اعتقالها 3 أشخاص، خلال مظاهرة تضامنية مع أهالي الحي، قمعتها بالقوة وقنابل الصوت.
وشارك في التظاهرة العشرات من أهالي القدس وسكان الحي وعدد كبير من المواطنين العرب من الداخل، إذ جرت التظاهرة والفعالية التضامنية في الشارع الرئيسي قبالة منازل الفلسطينيين المهددين بالإخلاء.
ورفع المشاركون والمشاركات في الفعالية الاحتجاجية الأعلام الفلسطينية واللافتات المنددة بسياسات الاحتلال الإسرائيلي، وتدعو لوقف سياسة التطهير العرقي والإجراءات والممارسات العنصرية بحق أهالي الشيخ جراح والمقدسيين.
تحرك أردني فلسطيني مشترك
رافق هذا التفاعل الجماهيري تعاون فلسطيني أردني، حيث قامت المملكة، الأربعاء 21 مارس/آذار 2021، بتزويد الفلسطينيين بالوثائق الخاصة بعدد من العائلات المقدسية، وذلك في سبيل استخدامها من قبل المحامين ومؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية في المرافعات أمام المحاكم الإسرائيلية لإثبات ملكية المنازل.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، إنه تم تقديم كل الوثائق المتوفرة لمساعدة المواطنين الفلسطينيين بالحفاظ على حقوقهم كاملة، وخاصة في حي "الشيخ جراح" بمدينة القدس المحتلة.
جاء ذلك خلال لقائه في مدينة رام الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا".
وأعرب الصفدي، عن رفض الأردن لكل إجراءات ومحاولات إسرائيل لتغيير الهوية العربية الإسلامية المسيحية للقدس المحتلة، ولكل جهد يحاول تغيير الوضع التاريخي للمقدسات في القدس.
وشدد على "ضرورة إيجاد التحرك الدولي القادر على وقف الخطوات الإسرائيلية الأحادية، والتي تقوّض حل الدولتين، وتحديداً بناء المستوطنات وتوسعتها، والاستيلاء على منازل المواطنين وترحيلهم".