أمر رئيس الوزراء الصومالي، محمد حسين روبلي، الجيش بالعودة إلى الثكنات وحث الساسة على تجنب التحريض على العنف، وذلك في خطاب ألقاه السبت 1 مايو/أيار 2021، عقب إلغاء مجلس النواب تمديد فترة الرئاسة.
في وقت سابق من يوم السبت، صوّت مجلس النواب الصومالي، في بث مباشر على التلفزيون الرسمي، بالإجماع، بالموافقة على إلغاء تمديد فترة الرئاسة لمدة عامين إضافيين بعد الموافقة عليه الشهر الماضي، إثر اشتباكات في العاصمة مقديشو وبين فصائل أمنية منقسمة حول هذا التمديد.
جاء هذا التصويت بعد وقت قصير من خطاب ألقاه الرئيس أمام البرلمان، وقال فيه إنه طلب من رئيس وزرائه بدء الاستعدادات لإجراء الانتخابات البرلمانية المؤجلة.
خطة لانتخابات جديدة
في حين ذكر رئيس الوزراء على موقع "تويتر"، مساء السبت، أن الحكومة ستعد "قريباً" خطة الانتخابات، وشكر الرئيس محمد عبدالله فرماجو، والبرلمان، دون مزيد من التفاصيل أو توضيح بشكل محدد للمواعيد المحتملة لتلك الانتخابات.
بينما لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت قوات الأمن الموالية للمعارضة ستنسحب من المواقع المحصنة في العاصمة، على أثر ما حدث بالبرلمان السبت، بعد أن رفضت ذلك قبل أيام.
كانت قوات موالية للمعارضة قد سيطرت على أجزاء من العاصمة، واشتبكت القوتان في مطلع الأسبوع الماضي، وانشق قادة في الشرطة والجيش وانضموا للمعارضة، واتخذ الفصيلان المتنافسان في قوات الأمن مواقع في مقديشو.
القتال على السلطة والموارد
تضم القوات المسلحة الصومالية أعضاء من ميليشيات عشائرية كثيراً ما اقتتلت على السلطة والموارد.
يُذكر أن الرئيس فرماجو ينتمي إلى عشيرة الدارود، إحدى العشائر الرئيسية في الصومال. أما غالبية العسكريين الصوماليين بالعاصمة فهم من عشيرة الهوية، وهي عشيرة أخرى كبيرة ينتمي إليها معظم زعماء المعارضة.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال الشهر الماضي وافق مجلس النواب على تمديد فترة الرئاسة، لكن مجلس الشيوخ رفضه، مما فجّر أزمة سياسية اشتدت قبل أسبوع.
كانت فترة فرماجو الرئاسية قد انتهت في فبراير/شباط، لكن عدم اختيار مجموعة جديدة من النواب لم يمكّن البرلمان من إنجاز مهمة اختيار رئيس جديد.
مخاوف من حدوث فراغ أمني
يشار إلى أن الأزمة الناجمة عن مساعي التمديد قد أثارت مخاوف من أن تستغل حركة الشباب المتشددة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، حدوث فراغ أمني إذا انقسمت قوات الأمن في الدولة وحاربت بعضها بعضاً على أساس عشائري.
فقد سيطر متشددو الحركة على بلدة واحدة على الأقل في الصومال الأسبوع الماضي، في حين انتقل مقاتلون مدججون بالأسلحة من الريف إلى العاصمة.
غضب المانحين الأجانب
كما أثارت محاولة الرئيس فرماجو تمديد ولايته غضب المانحين الأجانب الذين دعموا حكومته في محاولة لتحقيق الاستقرار بالصومال الذي ظل دولة فاشلة على مدى يزيد على 20 عاماً، في أعقاب حرب أهلية اندلعت في عام 1991.
فيما اضطر ما بين 60 ألفاً و100 ألف إلى الفرار من منازلهم عقب اشتباكات جرت مؤخراً، وأثارت المخاوف من اندلاع حرب شاملة بين الفصائل المسلحة المؤيدة للرئيس والمعارضة له.
من جهته، قال راشد عبدي، المحلل المستقل المقيم في نيروبي، إن اقتراع البرلمان بإلغاء التمديد وإعلان الرئيس عن تفويض رئيس وزرائه لإجراء الانتخابات يبدو حلاً وسطاً جيداً، مضيفاً: "المشكلة أن الثقة بين الطرفين ضعيفة جداً. وما دام فرماجو (الرئيس) يستحوذ على مقاليد الأجهزة العسكرية والأمنية فإن بناء الثقة في تلك العملية يبدو صعباً".
بدورها، أشادت السفارة الأمريكية وسفير الاتحاد الأوروبي ووزارة الخارجية التركية بهذه الخطوات التي حدثت السبت.
الرئيس الصومالي يرضخ لمطالب تخليه عن الحكم
كان الرئيس الصومالي قد أعلن، مساء الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021، رضوخه للمطالب الداخلية والخارجية التي دعته إلى التخلي عن محاولته تمديد فترة حكمه لعامين جديدين.
جاء ذلك في خطاب وجهه فرماجو إلى الشعب الصومالي، بشأن آخر التطورات والانتخابات المقبلة، وفق وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.
أيضاً دعا الرئيس المنتهية ولايته جميع الأطراف إلى حوار وطني شامل وغير مشروط حول أزمة الانتخابات العامة، خاصةً موقّعي اتفاق 17 سبتمبر/أيلول، ورؤساء الولايات الخمس، ورئيس الوزراء، للتوقيع على اتفاقيات الانتخابات، معبّراً عن ترحيبه بمواقف الولايات الفيدرالية التي رفضت استمرار حكمه، إضافة إلى موقف رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي.
فقد أشاد فرماجو بجهود رئيس الوزراء وغيره من القادة السياسيين، ورحب بالبيانات التي أصدروها بشأن الانتخابات.
ولايات فيدرالية تدعو لانتخابات عاجلة
سبق خطوة الرئيس، قيام 3 رؤساء من أصل 5 ولايات فيدرالية في الصومال، بإعلان رفضهم تمديد ولاية الهيئات التشريعية والتنفيذية لمدة عامين، داعين إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية عاجلة لإنهاء النزاع الراهن في البلاد.
حيث قال رؤساء ولايات "هيرشبيلي"، علي عبدالله حسين، و"جلمدغ"، أحمد عبدي كاريي، و"جنوب غرب الصومال"، عبدالعزيز حسن محمد، في بيان مشترك، إنهم توصلوا إلى ضرورة التخلص من كافة أشكال التمديد لولاية المؤسسات التشريعية والتنفيذية.
البيان أكد أيضاً أهمية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بشكل عاجل، وفق اتفاق 17 سبتمبر/أيلول الماضي، بين رؤساء الولايات والحكومة الفيدرالية.
في هذا التاريخ، توصل الطرفان إلى اتفاق لإجراء انتخابات "غير مباشرة" (عبر ممثلين قبليين)، لكن خلافات حول تفاصيل آلية إجراء الانتخابات أدت إلى تأجيلها أكثر من مرة، ثم أقر البرلمان إجراء انتخابات "مباشرة" خلال عامين.
فيما خلا البيان من موقف ولايتي جوبالاندا وبونتلاند، حيث يتكون الصومال من خمس ولايات.
رئيس الوزراء أعلن رفضه تمديد فترة ولاية الرئيس
بدوره، رحب رئيس الوزراء الصومالي، محمد حسين روبلى، ببيان رؤساء الولايات الفيدرالية الثلاث، لافتاً إلى أنه مستعد لإيصال البلاد إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق مخرجات اتفاق 17 سبتمبر/أيلول الماضي.
فقد لمّح المسؤول ذاته، في بيان، إلى أنه لا يؤيد اقتراح تمديد فترة الرئاسة، مختلفاً مع رئيس البلاد بعد مواجهات بين فصائل داخل أجهزة الأمن في قلب العاصمة مقديشو.
كان الصومال قد شهد خلال الفترة الأخيرة، خلافات حادة بين الحكومة من جهة ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى، حول تفاصيل متعلقة بآلية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ما أدى إلى تأجيلها أكثر من مرة.