يخشى مسؤولو الصحة في إفريقيا من أن تواجه قارتهم محنة مماثلة لما يجري في الهند، التي يفتك بها فيروس متحور "متوحش" من سلالات كورونا، يتسبب في أرقام قياسية في أعداد المصابين والوفيات، ويقول مسؤولون الصحة بإفريقيا إنهم يتابعون أزمة الهند في "صدمة تامة".
صحيفة The Guardian البريطانية، قالت السبت 1 مايو/أيار 2021، إن أحدث الإحصاءات الصادرة عن قارة إفريقيا تؤكد أنها أفلتت حتى الآن من أسوأ مراحل الوباء، فقد شهدت القارة ما يقرب من 76 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا في الأسبوع الثالث من شهر أبريل/نيسان، في حين أبلغت الهند عن أكثر من 400 ألف حالة جديدة يوم الجمعة وحده.
لكن وعلى الرغم من أن الهند التي يبلغ عدد سكانها 1.35 مليار نسمة، لديها تعداد سكاني مماثل تقريباً للقارة الإفريقية، فإنها في الحقيقة تتمتع بنظام صحي أكثر إحكاماً وإمكانيات.
جون نكينجاسونج، مدير مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في إفريقيا، قال الأسبوع الماضي: "لا يمكن لقارتنا تجاهل ما يحدث في الهند، فنحن بالفعل ليس لدينا عدد كاف من العاملين في مجال الرعاية الصحية، وليس لدينا ما يكفي من إمدادات الأوكسجين".
نكينجاسونج أضاف: "لا يمكننا ولا ينبغي التساهل حتى نجد أنفسنا في سيناريو [الهند] بسبب الطبيعة شديدة الهشاشة لأنظمتنا الصحية".
انخفاض عدد اللقاحات بإفريقيا
تُشير أحدث البيانات الصادرة عن البنك الدولي، إلى أن الفرد في الهند لديه تقريباً أربعة أضعاف عدد الأطباء المتاحين لتقدم الرعاية الصحية لنظيره في القارة الإفريقية. كما أشار نكينجاسونج إلى واقع أنه لا توجد دولة إفريقية تنتج كميات كبيرة من الأدوية واللقاحات، على خلاف الوضع في الهند.
علاوة على ذلك، فإن العواقب الاقتصادية الوخيمة، التي تعانيها القارة على نحو متزايد من أثر الجائحة وتوابعها، كلها عوامل تجعل التنبيهات إلى ضرورة زيادة الموارد الممنوحة للقارة أشد إلحاحاً.
كانت منظمة الصحة العالمية، قد قالت الشهر الماضي إن نسبة اللقاحات الممنوحة لسكان إفريقيا، أقل من 2 % من مجموع اللقاحات التي أُعطيت على مستوى العالم، وإن القارة أُهملت وتأتي في مرتبة متأخرة عن غيرها من القارات.
من جهة أخرى، فإن الأزمة في الهند أعاقت وصول كميات كبيرة كانت مخصصة للقارة الإفريقية، إذ إن الجزء الأكبر من اللقاحات التي وُفِّرت حتى الآن لقارة إفريقيا كانت عبر المبادرة العالمية لمشاركة اللقاحات (كوفاكس).
اضطرت الهند إلى تعليق صادراتها من اللقاح، في مارس/آذار الماضي، للوفاء باحتياجات الطلب المحلي، وليس واضحاً بعد متى ستستأنف الصادرات.
أما فيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية، فقد وجد تحليل أجراه "مركز بيو للأبحاث" أن الركود الاقتصادي الذي تسببت فيه جائحة كورونا، دفع 131 مليون شخص إلى هوة الفقر في جميع أنحاء العالم، وقد شكَّلت إفريقيا جنوب الصحراء ومناطق جنوب آسيا الحصةَ الأكبر من ذلك الانحدار.
كانت توقعات السنوات المقبلة قبل الوباء تذهب إلى وقوع نحو 494 مليون شخص في إفريقيا جنوب الصحراء، من إجمالي 1.14 مليار شخص، تحت خط الفقر، بحلول عام 2020. غير أن هذه الأرقام ارتفعت بحلول الجائحة بمقدار 40 مليوناً، وفقاً لتقديرات مركز بيو للأبحاث.
وقبل الوباء، كان لدى إفريقيا ثاني أكثر قطاعات السياحة نمواً في العالم، إذ كانت السياحة في القارة تساهم بنسبة 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل بها 24 مليون شخص. لكن الآن حتى أشد التوقعات تفاؤلاً تشير إلى أن الأمر سيستغرق عامين على الأقل حتى تعود السياحة إلى أعداد مماثلة.