بدأت القوات الأمريكية، السبت 1 مايو/أيار 2021، الانسحاب من أفغانستان، طبقاً للاتفاق الذي وقعته الولايات المتحدة مع حركة طالبان خلال شهر فبراير/شباط الماضي، بينما ذكرت تقارير أن القوات الأمريكية بدأت تسليم القواعد العسكرية للجيش الأفغاني.
في الأيام الأخيرة، كانت سماء كابول، وقاعدة باغرام الجوية المجاورة، ممتلئة أكثر من المعتاد بالمروحيات الأمريكية تحضيراً لهذا الرحيل الكبير الذي سيستكمل بحلول 11 سبتمبر/أيلول، موعد الذكرى العشرين لهجمات سبتمبر/أيلول 2001، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، السبت.
إذ بدأ الحلفاء في حلف شمال الأطلسي، الخميس 29 أبريل/نيسان، سحب وحدات من مهمة "الدعم الحازم" الذي يُفترض أن يحصل بشكل منسّق مع الأمريكيين. بينما كانت قوات الأمن الأفغانية بحالة تأهب السبت، خشية حصول هجمات ضد القوات الأمريكية أثناء انسحابها.
كما قال وزير الداخلية بالوكالة حياة الله حياة لقادة الشرطة في وقت متأخر الجمعة، وفق تسجيل صوتي أُرسل إلى الصحفيين، إن "الأمريكيين سيبدأون رسمياً انسحابهم اعتباراً من الأول من مايو/أيار وطالبان قد تكثّف العنف". كما أضاف "آمركم بزيادة نقاط التفتيش في المدن وإجراء عمليات تفتيش عند نقاط الوصول".
الفوضى غير مستبعدة بعد رحيل القوات الأمريكية
قالت منة نوروزي، وهي موظفة في إذاعة خاصة في كابول، لوكالة فرانس برس، إن "الجميع خائفون من فكرة عودة الأيام القاتمة التي اتّسم بها عهد طالبان". وأضافت أن "متمردي طالبان لا يزالون كما هم، لم يتغيّروا، كان ينبغي على القوات الأمريكية أن تبقى على الأقل لسنة أو سنتين إضافيتين".
بينما يؤكد الرئيس الأفغاني أشرف غني أن القوات الحكومية التي تحارب منذ أشهر عدة بمفردها على الأرض -وأحياناً بدعم جوي من القوات الأمريكية- "قادرة تماماً" على مقاومة المتمردين.
كما يشير إلى أن الانسحاب الأمريكي يعني أن طالبان لم يعد لديها سبب لمواصلة القتال. وقال في خطاب هذا الأسبوع "من تقتلون؟ من تدمّرون؟ انتهت الآن ذريعتكم بأنكم تقتلون الأجانب".
إلا أن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارك ميلي أقرّ الأربعاء بعدم تمكنه من استبعاد احتمال حصول فوضى كاملة. وقال "في أسوأ الحالات ستنهار الحكومة الأفغانية والجيش الأفغاني، وتقع حرب أهلية وكارثة إنسانية مصاحبة لها، مع عودة محتملة للقاعدة".
أعمال العنف لم تتأخر
فقد قال مسؤولون محليون إن انفجاراً ضخماً بسيارة ملغومة أودى بحياة 27 وأسقط عشرات المصابين في إقليم لوجار بشرق أفغانستان، مساء الجمعة 30 أبريل/نيسان، مشيرين إلى أن طلاباً في المرحلة الثانوية كانوا بين الضحايا.
قال المتحدث باسم حاكم الإقليم إن السيارة الملغومة انفجرت في بولي علم، عاصمة الإقليم قرب منزل رئيس مجلس الإقليم السابق.
كما أوضح حسيب الله ستانيكزاي، رئيس المجلس المحلي في لوجار، أن المنزل يستخدم كدار ضيافة أيضاً، موضحاً أن الانفجار وقع فور شروع ضيوف في تناول الإفطار بعد الصيام. وأبلغ رويترز بأن 27 شخصاً قُتلوا وأصيب عشرات آخرون.
أضاف أن طلاباً بالمرحلة الثانوية يقيمون بالدار سقطوا في الانفجار، فضلاً عن أعضاء في فصائل مسلحة موالية للحكومة. ولم تتضح بعد الجهة التي تقف وراء الهجوم. وقال متحدث باسم حركة طالبان رداً على أسئلة لرويترز إن الحركة تبحث الأمر.
تصاعُد العنف ضد قوات الأمن
قبل ذلك، قال مسؤولون، الخميس، إن أكثر من 100 من أفراد قوات الأمن الأفغانية قتلوا على مدى الأسبوعين الماضيين، وسط تصاعد كبير في هجمات حركة طالبان، وذلك بعد إعلان واشنطن أنها ستسحب كل القوات الأمريكية من البلاد، بحلول 11 سبتمبر/أيلول.
إذ يقول مسؤولون أفغان كبار إن طالبان تستعرض قوتها وتسعى لتحقيق مكاسب ميدانية مع انسحاب القوات الأجنبية. وتواصل الحركة تمرداً على مدى نحو عقدين، منذ أن أطاحت بها قوات أجنبية بقيادة الولايات المتحدة من السلطة عام 2001.
طبقاً لمسؤولين أمنيين كبيرين قُتل نحو 120 من أفراد قوات الأمن الأفغانية و65 مدنياً وأكثر من 300 من مقاتلي طالبان، وأصيب عشرات آخرون في أعمال العنف التي تشهدها البلاد على مدى الخمسة عشر يوماً الماضية.
بينما قال المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية طارق أريان إن طالبان نفذت 6 هجمات انتحارية على الأقل، والعديد من عمليات القتل التي تستهدف أشخاصاً بعينهم، وقامت بزرع 65 قنبلة على جوانب الطرق لاستهداف القوات الحكومية.
أضاف أن أكثر من 60 مدنياً قتلوا وأصيب 180 آخرون. ولم يقدم أرقاماً عن خسائر قوات الأمن، تماشياً مع الأسلوب الحكومي المعتاد بهذا الشأن. ومضى يقول إن عشرات من مقاتلي طالبان بينهم عدد من القادة الميدانيين، قتلوا خلال العمليات.