بعد شهر من إصابته بارتجاج في المخ أثناء إحدى المباريات، تُوفي مصارع "سومو" ياباني شهير، بالتزامن مع ضغوط متجددة يتعرض لها المسؤولون عن هذه الرياضة العتيقة لإعادة التفكير في بروتوكول الرياضة الذي تجاوزه الزمن فيما يتعلق بإصابات الرأس، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 30 أبريل/نيسان 2021.
كان اتحاد السومو الياباني قد أعلن، الخميس 29 أبريل/نيسان الجاري، أن المصارع هيبيكيريو، البالغ من العمر 28 عاماً، تُوفي متأثراً بإصابته بفشل تنفسي حاد، على الرغم من ظهور بوادر في وقت سابق، على إمكانية تعافيه من إصابته، منوهاً إلى أنه توفي في المستشفى بعد أن انتقل إليه منذ 26 مارس/آذار الماضي، عقب إصابته مباشرة.
يشار إلى أن الحضور كانوا قد ذُعروا بعد أن سقط هيبيكيريو، واسمه الحقيقي ميتسوكي أمانو، على رأسه خلال مباراته الأخيرة في أواخر مارس/آذار الماضي، وهي الصدمة التي ظل بعدها راقداً في الحلبة عدة دقائق قبل أن يحصل على مساعدة طبية.
تدهور الحالة الصحية
على أثر تلك الإصابة، نُقل هيبيكيريو، وهو مقاتل سومو من الدرجة الثالثة، بعيداً عن الحلبة إلى أحد مستشفيات طوكيو، حيث خضع للعلاج من إصابة في العمود الفقري.
فيما لفتت تقارير إلى أنه اشتكى إحساساً بالخدر وهو في سيارة الإسعاف، حيث قال موقع Yahoo Japan المحلي إن حالته تدهورت بسرعةِ يوم الأربعاء 28 أبريل/نيسان.
كان رأس هيبيكيريو قد اصطدم بأرض الحلبة التي سقط عليها بعد ضربة من المنافس له، وبعدها ظل ملقى على وجهه إلى أن تلقى الرعاية الطبية وتم نقله إلى المستشفى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
صدمة المعجبين
عقب إعلان الوفاة صُدم كثيرون، ورثى معجبو السومو، هيبيكريو على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما انتقد كثيرون منهم الانتظار لوقت طويل قبل تقديم المساعدة الطبية له.
فقد كتب أحد المغردين على موقع "تويتر": "إنه أمر محزن جداً… آمل أن يلفت ذلك إلى شدة الحاجة إلى إدخال إصلاحات على نظام الرعاية الطبية الطارئة بجانب حلبة السومو".
كما أيَّد البعض دعوات إدخال تعديلات على رياضة السومو، لا سيما وسط الأدلة على صلة محتملة بين الارتجاجات المخية التي تحدث لممارسي تلك الرياضة والمشكلات الصحية الخطيرة التي يعانونها، ومنها الخرف، في وقت لاحق من حياتهم.
إذ قال أحدهم في هذا الصدد: "كان أمراً شائناً رؤيته ملقى على وجهه عاجزاً عن الحركة، فيما استمر الآخرون في التحرك حوله غير عابئين. آمل حقاً أن تُدرج رياضة السومو إصلاحات كبيرة على نظام الرعاية الطبية الخاص بها الآن".
السومو تحظى بشعبية كبيرة في اليابان
جدير بالذكر أن السومو من الرياضات القتالية اليابانية، وتحظى بشعبية كبيرة، وتدخل في اللعبة بعض الطقوس اليابانية القديمة.
يعتبر اليابانيون، السومو أكثر من مجرد رياضة عادية، فهي تقليد وتراث يجمعون على وجوب الحفاظ عليه. وهي من الفنون القتالية الحديثة على الرغم من أن جذورها تعود إلى عدة قرون خلت.
فيما يقوم مبدأ رياضة السومو على محاولة كلا المصارعين إخراج المصارع الآخر من دائرة المصارعة أو جعل أي جزء من جسمه (غير أسفل قدمه) يلمس الأرض.
بدوره، ذكر "رئيس جمعية السومو"، هكاكو، في بيان، أن جميع أعضاء الجمعية يتقدمون بأحرِّ التعازي في حادث الوفاة، قائلاً: "لقد قاتل هيبيريكو إصابته ببسالة كما يجدر بمقاتل الريكيشي (السومو) بمساعدة عائلته وأطبائه. والآن أتمنى أن يرقد بسلام".
يُذكر أن الأطباء يحضرون بالفعل مباريات السومو، لكنهم لا يجلسون في الصفوف الأولى بالقرب من الحلبة، وهو ترتيب رُوجِع وأدخلت عليه تعديلات في وقت سابق من هذا العام، عندما انهار اللاعب شونانومي بعد تبادل المصادمة بالرؤوس مع خصمه. وعانى المصارع البالغ من العمر 22 عاماً، للوقوف على قدميه، وفاز بالمبارة في النهاية.
إعلان انسحاب المصارع المصاب
بعدها بأيام، أعلنت جمعية السومو أنها ستسمح للحكّام بإعلان انسحاب المصارع المصاب بأعراض الارتجاج من الحلبة، مع إعلان خصمه فائزاً، وهو ما دعا عديداً من المنتقدين إلى القول إنه قرار يشجع المصارعين على القتال حتى عندما وهم يعانون أعراض الارتجاج في الحلبة.
من جهة أخرى، كانت إصابات ارتجاج المخ وعلاقتها برياضات مثل كرة القدم والرغبي قد خضعت لمراجعات وإعادة تقييم مكثفة في الفترة الأخيرة، خاصة بعد أن كشفت أدلة أوردتها دراسة أصدرها مستشفى جامعة الملكة إليزابيث في عام 2009، أن اللاعبين في تلك الرياضات معرضون بدرجة كبيرة لإصابات الدماغ وأعراض مرض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن (CTE)، وهو مرض تنكسي عصبي ينجم عن الإصابات المتكررة في الرأس، وقد وُثِّق ظهوره لأول مرة لدى لاعبي كرة القدم الأمريكية.
يُعتقد أن هيبيكيريو أول مصارع سومو يُتوفى متأثراً بجروح أُصيب بها في الحلبة. وجاءت وفاته بعد عامٍ تقريباً من وفاة كانجي شوبشي، الذي كان أول مصارع ممارِس لرياضة السومو يُتوفى بعد إعلان إصابته بفيروس كورونا.
أما في ضوء أزمة تفشي جائحة كورونا، فكانت جمعية السومو قد اتخذت قراراً نادراً بإلغاء دورة في مايو/أيار 2020، وهي المرة الثالثة فقط التي تحدث في تاريخ تلك الرياضة، فيما قررت الإبقاء على دورة يوليو/تموز 2020 بعدد محدود من المتفرجين.