كشف فريق علمي، الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021، عن وسيلة جديدة يقولون إنها رخيصة وموثوقة لاختبار حاسة الشم لدى الشخص، ويمكنها إحداث ثورة في فحص حالات الإصابة بأمراض عدة، مثل الإصابة بفيروس كورونا ومرض باركنسون (الشلل الارتعاشي)، ومرض الزهايمر، وفقاً لما نشرته صحيفة The Times البريطانية.
ومنذ الثمانينيات كانت بطاقات "الخدش والشم" هي الابتكار الأساسي لتحديد ضعف حاسة الشم (حيث تقل القدرة على الشم) hyposmia، أو فقدان حاسة الشم (حيث تختفي القدرة على الشم تماماً) anosmia.
اختراع جديد للكشف عن كورونا
الدكتور أحمد إسماعيل، الباحث في جامعة كوين ماري بلندن ومطوِّر الأداة الجديدة لاختبار حاسة الشم، عمل على معالجة أوجه القصور الموجودة في الاختبارات الأكثر تكلفة، مثل المشكلات التي قد يعانيها مرضى الشلل الارتعاشي في حمل البطاقات، وأيضاً اعتماد "قوة الرائحة" في اختبار بنسلفانيا على مدى الشدة التي يخدش بها الشخص بطاقة الاختبار.
إذ عمل إسماعيل وزملاؤه على اختبار الشم البديل، في الورقة البحثية التي نُشرت اليوم في دورية The Royal Society Interface. ويتكون الاختبار من كبسولة صغيرة يبلغ قُطرها 1 مم، وبداخلها قطرة من زيت عطري نفَّاذ الرائحة، وتُوضع الكبسولة بين شريحتين من شريط لاصق، ويُفعَّل الاختبار عندما تُسحق الكبسولة وتُفصل شريحتا الشريط عن بعضهما لتحرير الرائحة.
كما ركَّز الفريق العلمي جزءاً كبيراً من بحثه على العناية بتقنية التصنيع نفسها، إذ تكتسب الكبسولة رائحتها عن طريق إطلاق قطرات من المادة العطرية من فتحتين متحدتي المركز. وتطلق الفوهة الداخلية للكبسولة قطرات من الزيت العطري، فيما تُغطي الفوهة الخارجية كل قطرة بمادة جيلاتينية مشتقة من الأعشاب البحرية لتكوين قشرة ناعمة لحفظ الكبسول.
وعلى هذا النحو، صُنعت كبسولات برائحة الكرز وجوز الهند والقرنفل والبرتقال والمنثول والبصل. وفي تجربة شملت مجموعة صغيرة من مرضى الشلل الارتعاشي، قال الغالبية إنهم يفضلون استخدام اختبار الكبسولة على بطاقات الخدش والشم التقليدية.
كلير بيل، رئيسة قسم الأبحاث في جمعية دعم مرضى باركنسون بالمملكة المتحدة Parkinson's UK، قالت إنه "من الأهمية بمكان تطوير اختبارات يمكنها المساعدة في تشخيص الإصابة بمرض باركنسون مبكراً وبدقة أكبر. ففي الوقت الحالي قد يستغرق الحصول على التشخيص بعض الوقت، كما قد تأتي نتيجته خاطئة مع بعض الأشخاص في البداية. ويزيد على ذلك أن فترة عدم اليقين هذه تكون محبطة وشديدة الإرهاق على الشخص الخاضع لاختبارات التشخيص، كما أنها تؤخر حصول الأشخاص على العلاج والدعم الأساسيين للتعامل مع أعراض مرض باركنسون".
كلير أضافت: "من المعروف أن الأشخاص المصابين بمرض باركنسون قد يعانون تغيرات في حاسة الشم، وأن هذه التغيرات قد تحدث في مرحلة مبكرة جداً، غالباً قبل ظهور أي مشكلات حركية يمكن التعرف عليها بوقت طويل. وتُستخدم بالفعل اختبارات الخدش والشم لتقييم حاسة الشم في الدراسات البحثية، لكنها ليست جاهزة بعد للاستخدام على مستوى الممارسة الإكلينيكية".
ومن ثم، تشير كلير إلى أن "تطوير أساليب جديدة لتقييم التغييرات في قدرة الشخص على الشم هو طريق جدير بالعناية نحو الأدوات التي يمكن استخدامها للكشف عن الإصابة بمرض باركنسون أو عدمها في المستقبل".
اختبار جديد أقل تكلفة
وتتيح هذه الأجهزة إنتاج روائح معقدة وإمكانية التعديل لخلق درجة قوة معينة للرائحة، إلا أنها باهظة الثمن، ومن ثم فهي غير مناسبة لبرامج الفحص الطبي واسعة النطاق، التي تتطلب فقط تعريض المرضى لروائح بسيطة بغرض الاختبار.
ولطالما استُخدمت في وقت سابق بطاقات اختبار الشم لفحص الإصابة بأمراض عصبية، مثل مرض باركنسون، وكذلك التهابات الجهاز التنفسي مثل الإصابة بفيروس كورونا، وهي أمراض يشيع بين المصابين بها فقدان حاسة الشم.
ومع ذلك، فإن اختبار حاسة الشم الأكثر استخداماً، وهو بطاقات "الخدش والشم"، أو اختبار تعيين حاسة الشم الذي وضعته جامعة بنسلفانيا (UPSIT) باهظ التكلفة، حيث يكلف نحو 20.57 دولار للفرد، ما يجعله اختباراً غير مناسب لبرامج الفحص التي تشمل عدداً كبيراً من الأشخاص.
ومن هنا تبرز أهمية الابتكار الجديد الذي هو أرخص بكثير للمستخدمين، ويشمل اختبار نصف دزينة من الروائح المختلفة، مقابل دولارين و75 سنتاً إلى 4 دولارات.
من جهة أخرى، تضاعف الاهتمام بحاسة الشم واختباراتها خلال جائحة كورونا. وبدأ باحثون أيضاً في تجربة الأجهزة المعروفة باسم عارضات اختبار الشم (olfactory displays): وهي آلات إلكترونية صغيرة الحجم تمزج معاً مكونات مختلفة لإنتاج سوائل عطرية ذات روائح مختلفة، تتحول إلى سائل بخاري يُطلق عند الطلب.
وخلصت دراسة علمية أُجريت على أكثر من 2500 مريض من 18 مستشفى أوروبياً، في وقت سابق أن هناك حوالي 86% من الأشخاص المصابين بحالات خفيفة من "كوفيد-19" يفقدون حاسة الشم والتذوق، لكنهم يتعافون في غضون 6 أشهر.