أعلن الرئيس الصومالي، محمد عبدالله فرماجو، مساء الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021، رضوخه للمطالب الداخلية والخارجية التي دعته للتخلي عن محاولته تمديد فترة حكمه لعامين جديدين، وذلك بعد اشتباكات في العاصمة مقديشو أدت إلى انقسام قوات الأمن على أسس عرقية.
جاء ذلك في خطاب وجهه فرماجو إلى الشعب الصومالي، بشأن آخر التطورات والانتخابات المقبلة، وفق وكالة الأنباء الصومالية الرسمية.
فرماجو أشار إلى أنه سيتوجه إلى البرلمان الصومالي يوم السبت المقبل، لإعلان التراجع عن قانون التمديد لتحقيق ما وصفه بالتوازن حول الأسس القانونية لاتفاقيات الانتخابات، منوهاً إلى استعداد الحكومة لإجراء انتخابات على أساس اتفاق 17 سبتمبر/أيلول، ومقترحات اللجنة الفنية في بيدوا في 16 فبرير/شباط الماضي.
كما دعا الرئيس المنتهية ولايته جميع الأطراف إلى حوار وطني شامل وغير مشروط حول أزمة الانتخابات العامة، خاصة موقعي اتفاق 17 سبتمبر/أيلول، ورؤساء الولايات الخمس، ورئيس الوزراء، للتوقيع على اتفاقيات الانتخابات، معبّراً عن ترحيبه بمواقف الولايات الفيدرالية التي رفضت استمرار حكمه، بالإضافة إلى موقف رئيس الوزراء الصومالي محمد حسين روبلي.
فقد أشاد فرماجو بجهود رئيس الوزراء وغيره من القادة السياسيين ورحب بالبيانات التي أصدروها بشأن الانتخابات.
"المعارضة ملاذ آمن للإرهابيين"
من جهته، حذر وزير الأمن الصومالي حسن حندوبي، الثلاثاء، قادة المعارضة من أن يصبحوا "ملاذاً آمناً لجماعات إرهابية وعصابات مسلحة" لزعزعة أمن العاصمة مقديشو، مؤكداً أن هناك "عصابات مسلحة استغلت الأحداث الأمنية الأخيرة في العاصمة، وتنهب ممتلكات المواطنين وتجبرهم على النزوح من منازلهم".
جاء ذلك في مؤتمر صحفي، عقده حندوبي في مقديشو، حذر فيه من إمكانية لجوء مقاتلي حركة "الشباب" وتنظيم "داعش" إلى مناطق العاصمة مقديشو التي تحشد فيها المعارضة فصائل مسلحة.
المسؤول الصومالي أشار إلى أن الحكومة "بإمكاناتها المادية والعسكرية، قادرة على مواجهة الفصائل المسلحة لضبط أمن العاصمة، لكنها لا تريد خوض حرب يدفع المواطن ثمنها"، مشيراً إلى أن "ما تشهده بعض أحياء العاصمة من انفلات أمني يحتاج إلى التدخل من الحكومة لضبط استقرارها".
ولايات فيدرالية تدعو لانتخابات عاجلة
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، أعلن رؤساء ثلاث من أصل خمس ولايات فيدرالية في الصومال، رفضهم تمديد ولاية الهيئات التشريعية والتنفيذية لمدة عامين، داعين إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية عاجلة لإنهاء النزاع الراهن في البلاد.
حيث قال رؤساء ولايات "هيرشبيلي"، علي عبدالله حسين، و"جلمدغ"، أحمد عبدي كاريي، و"جنوب غرب الصومال"، عبدالعزيز حسن محمد، في بيان مشترك، إنهم توصلوا إلى ضرورة التخلص من كافة أشكال التمديد لولاية المؤسسات التشريعية والتنفيذية.
البيان أكد أيضاً أهمية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بشكل عاجل، وفق اتفاق 17 سبتمبر/أيلول الماضي بين رؤساء الولايات والحكومة الفيدرالية.
التراجع عن دعم موقف الحكومة
في هذا التاريخ، توصل الطرفان إلى اتفاق لإجراء انتخابات "غير مباشرة" (عبر ممثلين قبليين)، لكن خلافات حول تفاصيل آلية إجراء الانتخابات أدت إلى تأجيلها أكثر من مرة، ثم أقر البرلمان إجراء انتخابات "مباشرة" خلال عامين.
فيما خلا البيان من موقف ولايتي جوبالاندا وبونتلاند، حيث يتكون الصومال من خمس ولايات.
تجدر الإشارة إلى أن بيان رؤساء الولايات الثلاث هذا يعني أنهم تراجعوا عن دعمهم لموقف الحكومة في إجراء انتخابات مباشرة، خلال عامين.
رئيس الوزراء أعلن رفضه تمديد فترة ولاية الرئيس
بدوره، رحب رئيس الوزراء الصومالي، محمد حسين روبلى، ببيان رؤساء الولايات الفيدرالية الثلاث، لافتاً إلى أنه مستعد لإيصال البلاد إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق مخرجات اتفاق 17 سبتمبر/أيلول الماضي.
فقد ألمح المسؤول ذاته، في بيان، إلى أنه لا يؤيد اقتراح تمديد فترة الرئاسة، مختلفاً مع رئيس البلاد بعد مواجهات بين فصائل داخل أجهزة الأمن في قلب العاصمة مقديشو.
انتهاء ولاية الرئيس الحالي
يشار إلى أنه في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، انتهت ولاية البرلمان، بمجلسيه الشعب والشيوخ، فيما انتهت ولاية الرئيس محمد عبدالله فرماجو، وهي أربع سنوات، في 8 فبراير/شباط الماضي.
لكن في 13 أبريل/نيسان الجاري، صدق فرماجو على قرار أقره البرلمان في اليوم السابق، ويقضي بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية "مباشرة" خلال عامين، ما يعني تمديد ولاية الهيئات التشريعية والتنفيذية، وبينها الرئيس، لمدة عامين.
أثار هذا التمديد رفضاً من المعارضة وشركاء الصومال الدوليين، فيما حذرت مقديشو من أن هذه الانتقادات تشجع المنظمات الإرهابية وتقوض استقرار وسيادة مؤسسات البلد الذي يتعافى من حرب أهلية اندلعت إثر انهيار الحكومة المركزية عام 1991.
فرار سكان من العاصمة الصومالية
إلى ذلك، فر سكان من أحياء بالعاصمة الصومالية مقديشو، الثلاثاء، خوفاً من تجدد الاشتباكات بين فصيلين متناحرين من قوات الأمن التي انقسمت وسط خلاف على تمديد فترة ولاية الرئيس.
حيث تسيطر قوات موالية للمعارضة على أجزاء من المدينة، واشتبكت القوتان في مطلع الأسبوع، وانشق قادة في الشرطة والجيش وانضموا للمعارضة، واتخذ الفصيلان المتنافسان في قوات الأمن مواقع في العاصمة مقديشو، مما أثار مخاوف من أن تستغل حركة الشباب الإسلامية المتشددة، التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة، الفراغ الأمني مع انقسام قوات الأمن.
جدير بالذكر أن العديد من الجنود بالقوات المسلحة يدينون بالولاء لميليشيات قبَلية كثيراً ما كانت تتناحر على النفوذ والموارد.
والأحد، شهدت مقديشو اشتباكات مسلحة بين القوات الحكومية وميليشيات مسلحة موالية للمعارضة.
من جانب آخر، داهمت القوات الحكومية محطة إذاعة مستقلة وصادرت معداتها.
كان الصومال قد شهد خلال الفترة الأخيرة خلافات حادة بين الحكومة من جهة ورؤساء الأقاليم والمعارضة من جهة أخرى، حول تفاصيل متعلقة بآلية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ما أدى إلى تأجيلها أكثر من مرة.