طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني بالتحقيق في "مؤامرة" نشر التسجيل الصوتي العائد لوزير الخارجية محمد جواد ظريف، والذي أثار تسريبه جدلاً واسعاً في الجمهورية الإسلامية، وتضمن هجوماً من ظريف على القائد السابق لـ"فيلق القدس" قاسم سليماني.
المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، قال الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021، في مؤتمر صحفي: "نعتقد أن سرقة المستندات هي مؤامرة ضد الحكومة، والنظام (السياسي للجمهورية الإسلامية)، ونزاهة المؤسسات المحلية الفاعلة، وأيضاً مؤامرة على مصالحنا الوطنية"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
ربيعي أشار إلى أن الرئيس روحاني أمر وزارة الأمن (الاستخبارات) بتحديد الضالعين فيما وصفها بـ"المؤامرة"، معتبراً أن "ملف مقابلة السيد ظريف، ولأسباب واضحة (…) تمت سرقته ونشره من قبل أشخاص يتم تحديد هوياتهم"، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية بشأن هذه الأسباب.
أثار التسجيل الممتد لنحو ثلاث ساعات، والذي نُشر للمرة الأولى، يوم الأحد الماضي في وسائل إعلام خارج إيران، جدلاً في البلاد، إذ يتحدث فيه ظريف عن قضايا عدة، من أبرزها الدور الواسع لسليماني، في السياسة الخارجية الإيرانية.
لم ينفِ المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زادة صحة التسجيل، لكنه أكد أمس الإثنين أنه اقتطع من حوار امتد سبع ساعات ولم يكن معداً للنشر، وتضمن مواقف "شخصية" لظريف، الذي يشغل منصبه منذ العام 2013، بعد تولي المعتدل روحاني منصب رئاسة الجمهورية.
ولم يعلق ظريف مباشرة على الجدل، لكنه نشر، اليوم الثلاثاء، تسجيلاً صوتياً مقتضباً عبر حسابه الرسمي على إنستغرام، وقال: "أعتقد أنه لا يجب أن تعمل من أجل التاريخ (…) أقول إنني لا أقلق كثيراً من التاريخ، بل ما يثير قلقي هو الله والشعب".
مهاجمة تصريحات ظريف
أثارت التصريحات المسربة انتقادات من سياسيين ووسائل إعلام محافظين، لاسيما أنها طالت سليماني الذي يعد من أبرز مهندسي السياسة الإقليمية الإيرانية، ويحظى بمكانة كبيرة، خصوصاً بعد مقتله في ضربة جوية أمريكية في العراق في مطلع العام 2020.
تصدرت قضية التسجيل الصفحات الأولى لغالبية الصحف الإيرانية، اليوم الثلاثاء، مع توجيه المحافِظة منها انتقادات لاذعة لظريف، في حين سألت الإصلاحية عن هدف التسريب.
نشرت "وطن امروز" المحافظة على صفحتها الأولى صورة كبيرة لظريف بالأبيض والأسود، مع عنوان باللون الأحمر هو "حقير" (بالفارسية، وهي أقرب إلى "الدنيء" بالعربية).
كتبت الصحيفة "يزعم ظريف أن إنجازات أو قدرات المفاوضات والدبلوماسية تم منحها إلى الميدان، علماً أنه يجدر بالدبلوماسية أن تتبع مساراً لزيادة قوة النظام (السياسي لإيران)".
من جهتها، اعتبرت صحيفة "كيهان" أنه "في حال كانت الأجزاء المثيرة للجدل من هذه التصريحات صحيحة -وهي ليست كذلك- أخطأ ظريف بحق الثقة، وهذه ليست جريمة صغيرة".
أضافت "كيهان" أن "تعليقات كهذه توفر معلومات وذخيرة لحرب العدو النفسية (وتتيح له) أن يعرف أي درب، وأي تشققات، وأي تباينات محتملة يركز عليها، وكيفية التأثير في معركة الرأي العام".
أما صحيفة "جوان"، فقارنت بين تصريحات ظريف عن سليماني، واغتيال الأخير بضربة جوية أمريكية في بغداد، في يناير/كانون الثاني 2020، بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب.
وكتبت أن سليماني "اغتيل جسدياً بناء على أمر من المخلوق الأكثر انحطاطاً في العالم، أي رئيس الولايات المتحدة، لكن وزير خارجية بلادنا بزعمه هذه الأمور لأسباب غير معروفة اغتال شخصيته".
من جهتها، ركزت الصحف الإصلاحية على معرفة مصدر تسريب التسجيل، وعنونت صحيفة "شرق" على صفحتها الأولى "من سرّبه، من استفاد؟".